شعار قسم مدونات

هكذا سينتهي حراك الريف بالمغرب

مدونات - ناصر الزفزافي

لن أقول أن الذي يحدث بالريف المغربي هو بداية لمرحلة ثانية من الربيع العربي، ولا هو بداية لصراع طويل حول الطاقة بين القوى العظمى، ولن أقول أيضا أن مشروع خط الغاز من نيجيريا إلى أوروبا عبر المغرب قد أزعج روسيا وإيران وفرنسا والجزائر.. وأن هذه الدول تسعى لإحداث الفوضى بالمغرب، كما يقول بذلك بعض المحللين.. لكني سأقول أن ما يحدث بالريف المغربي هو شأن محلي وسيظل كذلك.

أقول أن الاحتجاجات التي انطلقت منذ ما يزيد عن سبعة أشهر بمجموعة من المدن والمناطق ب الريف، والتي تجوب الشوارع كل يوم تقريبا هي نتيجة طبيعية لمجموعة من التراكمات السياسية والاجتماعية وأيضا التاريخية التي فشلت الدولة في تدبيرها، وفشلت في التعامل معها بما يُحقق المصالحة بين سكان المنطقة وبين السلطة الحاكمة . لذلك لا يصح أن نربط ما يحدث بمؤامرة خارجية، كما لا يصح أن نربطه، اختزالا، بقضية محسن فكري الذي استشهد داخل حاوية للنفايات لأن مقتل فكري بتلك الطريقة مجرد نقطة أفاضت الكأس المر.

المدة التي سيقضيها الزفزافي ورفاقه في السجن، ستكون كافية للأجهزة الأمنية من أجل إقناعهم بالانقلاب على مبادئهم والقيام بمراجعات فكرية خاصة وأن التكوين الأكاديمي لأغلبهم محدود، الأمر الذي سيسهل عملية تفريغهم وإعادة تحميلهم.

أما عن إنتاج الحراك لزعيم ممثلا في الشاب ناصر الزفزافي، فهذا هو الخطأ الوحيد المرتكب حتى وإن كان إنتاج هذا الزعيم مجرد صدفة ولم يتم التخطيط له، وهو الخطأ الذي سيقود هذا الحراك إلى نهايته، ولا أقصد بذلك أن شخصية ناصر الزفزافي هي الخطأ بل فكرة الزعيم أو قائد الحراك هي الخطأ.

لماذا أقول ذلك؟
لأنه وبالعودة لتجارب سابقة في التاريخ المعاصر للمغرب سنجد أن معظم الحركات الاحتجاجية أو المعارِ فشلت بمجرد سقوط زعيمها، عبر اعتقاله أو اختطافه.. لذلك فاعتقال ناصر الزفزافي ورفاقه هو بداية نهاية هذا الحراك لأن تواجدهم بين أيدي أجهزة الأمن سسيسهل مهمة هذه الأجهزة في غسل أدمغة هؤلاء الشباب وإعادة تحميلها بما يناسب هوى الدولة.. لا أقول هذا عبثا بل بناء على تجارب معارضين أكثر تشددا من هؤلاء الشباب، ولنا في السلفي محمد الفزازي والسلفي وأبو حفص خير أنموذجين على ما نقول، إذ أنه بعد انتهاء مدة حبسهم خرجوا بأفكار جديدة مختلفة تماما،بل هي انقلاب على أفكارهم السابقة.

إننا ننحو للقول أن المدة التي سيقضيها الزفزافي ورفاقه في السجن، والتي ربما لن تتجاوز السنة، ستكون كافية للأجهزة الأمنية من أجل إقناعهم بالانقلاب على مبادئهم والقيام بمراجعات فكرية خاصة وأن التكوين الأكاديمي لأغلبهم محدود، الأمر الذي سيسهل عملية تفريغهم وإعادة تحميلهم، طبعا مع تمكينهم من امتيازات تساعدهم على تحسين حياتهم الاجتماعية داخل هذا الوطن أو حتى خارجه.

لذلك فنهاية حراك الريف لن تكون أفضل من نهاية حركة 20 فبراير التي اختفى من كانوا يقودونها واضمحلت بمرور الوقت لتصبح مجرد ذكرى جميلة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.