شعار قسم مدونات

مُفتَرق طرق

blogs تفكير

ولأن غالب الحياة ينحدر، ولأن غالب الناس يعطوك السالب من الحياة.. ويكأن المرء منا خُلِقَ فقط ليقاسي منها، ويجادل فيها، وينقم معيشته كل لحظة وكل موقف! ولأن الأسباب كثيرة، والتبريرات أكثر، والعوائق والموانع أكثر وأكثر.. ولأن التيار قويّ، ونفسك في صعود ونزول لا تبرحه، ولأنك تخاف على نفسك الضياع والانهزام في مهبة موجة لا تقوى أمامها.. اصحب في حياتك من هم أقوى منك.. أعلم منك.. أعرف منك.. أكثر خبرة منك.. وأكثر حكمة..

في مدرستك سيعلمك الأستاذ الذي عرف أن العلم أكثر من (1 و1) يساوي (2).. بل الذي يجعلك تصل إلى أن (2 و0) أيضاً يساوي (2) أيضاً.. وبأن العلم وحده لا يكفي دون خلقك وتعاملك.. وفي الجامعة كذلك.. الدكتور الذي يجعلك توقن أن الجامعة ليست اعتباطاً وإنما مرحلة تؤسس حياتك القادمة كاملةً.. الذي لا يخدعك، ويقدم لك صدق نصيحته وقوتها دون أن تطلبها، فقط لأنه يؤمن بها، بل وقد تتجهم عليه، ولكنه يبتسم ويقول في نفسه: أعرف شعورك جيداً فقد خبرته مع نفسي سابقاً وتمنيت سماع هكذا نصيحة.. وهو يعلم أنك ستحتاجها ولو بعد عشر سنين!

يا صديق.. "لا تصحب من لا ينهضك حاله ولا يدلك على الله مقاله"، فأولئك القوم لا يَشقى بهم جليسهم.. يا صديق، إنما هي حياة واحدة.. طريق واحد.. نَفسٌ واحدة تتقاسم المواقف والخبرات ومراحل العمر مرة تلو مرة

الصديق، الذي تكلمه بحديثك الجيد والقبيح، فيستحسن حسنه ويستقبح قبيحه، دون مخافة حزنك أو غضبك، وهو يرى في حديثه معك ذلك النور في داخلك ولا يريد له أن يخبو أو يعكر صفو وداده شيء ما لا يستحق..  المدير، الزميل في العمل.. الذي يستنهض الهمة فيك لأجل الإنسان في داخلك.. لا ينكر العائد من عمله، ولكنه في المقابل لا ينكر قيمة الإنسان فيك..  الزوج/ة الذي/التي يبحث عن دائرته المشتركة معك قبل نقطة الاختلاف.. الذي وجد من ارتباطه بك جسراً لحياة يريد أن يصوغها كما كان يحلم في سنين حياته الماضية.. ويسدد طريقه معك.. ويشد على يديك.. ويربت على كتفك وظهرك ليبقى مستقيماً..

يا صديق، انزلاقات الحياة كثيرة.. وتنتشر هنا وهناك.. لا تدري أيها قد يخطفك، قد يؤلمك، أو يكسرك، لا سمح الله. لن تجد حينها سوى كلمة تعلقت في أذنك يوماً ما قد آن لها أن تَرنّ الآن، أو خبرة وحكمة جنيتها من معلمك صقلتك بعد المطب الذي مررت به فخففت عنك الألمَ وقللت عليك الزمن لتجاوزها، أو يَد انتشلتك قبل أن تسقط، ورفعتك وسمت بك للأعلى، فكانت ملاذاً لك في لحظةٍ ظننت أن لا انتشال فيها سوى رحمة الله.. 

يا صديق.. "لا تصحب من لا ينهضك حاله ولا يدلك على الله مقاله"، فأولئك القوم لا يَشقى بهم جليسهم..  يا صديق، إنما هي حياة واحدة.. طريق واحد.. نَفسٌ واحدة تتقاسم المواقف والخبرات ومراحل العمر مرة تلو مرة، تحلو بحلوها وتتمرمر في مرها، تبحث عن سعادة ورضاً وقَرار وتحقيق حلم، لمعة حلم وضحكة طفل، ولن تتوقف عن ذلك، بل ستتمسك به، مهما وقفت عند مفترق طرق!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.