شعار قسم مدونات

مستقبل العراق بعد معركة الموصل

blogs- الموصل
بالرغم من اقتراب نهاية معركة الموصل بين القوات العراقية والتحالف الدولي من جهة وتنظيم داعش من جهة أخرى ، إلا أن هناك غموضا كبير حول مستقبل العراق بعد هذه المعركة التي تعتبر معركة مهمة ترسم صورة العراق المستقبلي وكشفت عن الحجم الكبير للخلافات الداخلية الموجودة بين الأطراف العراقية، وضرورة إيجاد حل لهذه الخلافات قبل الانتهاء من معركة الموصل حتى لا تكون نهاية المعركة بداية لصراعات جديدة في العراق.

من الواضح أن تدهور أوضاع العراق في الفترة الأخيرة كانت بسبب السياسات الخاطئة للحكومة العراقية السابقة من سياسات جائرة تجسدت في الاعتقالات التعسفية وعمليات الخطف والتساهل مع الميليشيات المسلحة وقمع الأصوات الحرة والفساد الكبير في الدولة مما تسبب إحداث شرخ كبير بين المواطن ومؤسسات الدولة بحيث أصبح المواطن لا يشعر بأن الحكومة تمثل تطلعات الشعب بل تمثل طغمة فاسدة تسعى لتحقيق مصالحها دون النظر لمصلحة المواطنين.

الميليشيات العراقية التي أصبحت تسعى للسيطرة على الحدود العراقية السورية وتهدد بالمضي قدما والدخول في مدن دول أخرى تبدد كل الأحلام الوردية للمواطن.

وكنتيجة حتمية لهذه الممارسات أصبح العراق دولة ضعيفة عاجزة عن توفير أبسط الخدمات للمواطنين وفرض السيادة والسيطرة على الدولة ، وكلما انخفضت قوة الدولة ازداد قوة الميليشيات المسلحة التي أصبحت قوة نظامية تعمل تحت غطاء حكومي وترتكب التجاوزات بحق المواطنين، وبالرغم من أن هذه السياسات الخاطئة كانت وراء تأزم الأوضاع.

إلا أنه بعد كل التتدمير والحوادث المؤلمة التي حصلت من فترة ظهور داعش إلى الآن لم يقرر السياسي العراقي أن يراجع الأخطاء السابقة ويحاول أن يتجنب ارتكاب هذه الأفعال التي تؤدي بشكل حتمي إلى نفس النتائج السابقة وتتسبب في استمرار دوامة العنف والفوضى في المجتمع في حال عدم تغيير عقلية الدولة في التعامل مع الشعب العراقي.

واليوم عندما نرى أن الميليشيات المسلحة في الموصل تهتم بالنصر السريع بغض النظر عن كمية الدماء والاشلاء والتدمير التي يحصل في المدينة ، ونرى أنها تجرب كافة أنواع الأسلحة وتعتبر هذه المدينة حقل تجارب وتوثق عمليات القتل والتعذيب للمدنيين وتقوم بنشرها، فهذه التصرفات تؤدي إلى زرع الكراهية والانتقام في الجيل الجديد، ولا يبشر بمستقبل مشرق للعراق يعيش فيه المواطن بشكل حر وعزيز دون التعرض للتمييز والإقصاء والتهميش كما يحصل الآن.

عندما تسيطر مكون واحد على الدولة وتسعى لتهميش المكونات الأخرى والقضاء عليها، حينها يلجأ كل مكون لحماية نفسه بنفسه من المخاطر وتتخلى عن حماية الدولة التي أصبحت تشكل خطرا على وجود هذا المكون ، وهذا ما حصل في العراق ويتكرر الآن عن طريق الممارسات اليومية التي تحصل في الموصل.

الأكراد يتوجهون للاستقلال والانفصال بعدما قام الحكومة المركزية العراقية بإيقاف حصة الاكراد من الميزانية العراقية وهذا يعني إعطاء الضوء الأخضر للأكراد حتى يعتمدوا على أنفسهم في توفير الدعم المالي ، والأمر الأهم أن القيادة الكردية عندما شاهدت تعامل الحكومة العراقية مع المدن السنية وكيف تم تدمير هذه المدن بشكل ممنهج.

إن تدهور أوضاع العراق في الفترة الأخيرة كانت بسبب السياسات الخاطئة للحكومة العراقية السابقة، من سياسات جائرة تجسدت في الاعتقالات التعسفية وعمليات الخطف والتساهل مع الميليشيات.

أدركت أن من الضروري الاعتماد على منظومة أمنية ذاتية لحماية إقليم كردستان العراق دون الاعتماد على الحكومة لأنها عاجزة عن حماية المدن ، وبالتالي فهذه النتائج التي نراها اليوم هي نتائج طبيعية لممارسات خاطئة للحكومات العراقية التي فقدت البوصلة وأصبحت تعمل لأجندة خارجية أكثر من اهتمامها بالمواطن العراقي في الداخل.

المواطن العراقي ينتظر التخلص من معركة الموصل وتنظيم داعش بشكل كامل في سبيل التمتع بالعيش الكريم والعودة إلى المدن وإعمارها من جديد، ولكن الميليشيات العراقية التي أصبحت تسعى للسيطرة على الحدود العراقية السورية وتهدد بالمضي قدما والدخول في مدن دول أخرى تبدد كل هذه الأحلام الوردية للمواطن.

وتهدد بتحويل العراق إلى ساحة لتصفية الحسابات في المستقبل بين القوى الاقليمية والدولية وجعل العراق مركزا لدعم ومساعدة الجماعات الخارجة عن القانون في باقي الدول وبالتالي يبقى العراق في تهديد مستمر وبالتالي من الطبيعي أن انتهاء تنظيم داعش ومعركة الموصل يفتح أبوابا لصراعات جديدة بين القوى الداخلية العراقية لأنها تنقسم إلى قوى وطنية تسعى لتحقيق أهداف المواطنين وقوى غير وطنية تهتم بمصالحها الشخصية وتفضلها على مصالح الوطن.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.