شعار قسم مدونات

إسلامولوجيا

blogs - QURAN
في إحدى محاضرات القرآن، أخبرنا الدكتور عن قصة حصلت دولة غربية، عن ولادة طفلين في نفس الوقت، ذكر وأنثى، وقد حدث خلل ما أدى لعدم معرفة والدة كل منهما، فحار الطاقم الطبِّي في أمره وبعد عدة محاولات قاموا بعمل اختبار TNA حسب قول الدكتور، وكان يقصد فحص DNA، و يا للعجب! فقد فشل الفحص بسبب تشابه كبير في الحمض النووي لكلا الطفلين، نعم هذا ما حصل، المهم، بعدَما يئس الأطبَّاء تذكر أحدهم وجود شخص مسلم في المشفى، فقالَ له: "ألستَ مسلمًا، ويوجد في قرآنك إجابة لكل الأسئلة، فافتنا في أمرنا".

فكَّر أخونا في حل لهذهِ المعضلة العلمية، التي ليسَ من المنطقي حصولها أصلًا، واهتدى إلى الجواب الشافي، وهوَ "وللذكر مثلُ حظ الأنثيين" فإن كانَ ينطبق على الميراث فهوَ ينطبق على حليب الأم، بالتالي سيكون حليب الأم والدة الذكر ضعف كمية حليب الأم والدة الأنثى، وهكذا قاموا بسحب الحليب، ووجدوا والدة كل طفل منهم، وسبحان الله! 

بعدَما انتهى الدكتور من رواية القصة سألت إحدى الفتيات: "كيفَ استطاعوا سحب كل الحليب من صدر الوالدَتَين؟"، وهنا ضحك الدكتور وضحكت الطالبات.

وفي رواية أخرى فقد اكتشفَت ناسا، وجود آثار جيولوجية لتصدع كبير يمتد على طول القمر منصِّفًا إياه، وهذا يدل بوضوح على معجزة شق القمر التي حصلت في عهد النبي عليهِ الصلاةُ والسلام! وإذا لم تضع لايك على هذهِ القصة، وتكتب سبحان الله، فاعلم أن الشيطان منعك!

أدعوهم للسفر عبر غوغل ليتأكدوا من صحة القصص التي ينقلونها باسم الإعجاز العلمي، وإعمال عقولهم التي جَعَلها الله آيةً علميةٌ فسيولوجيةً في التفكي، والتواصل مع الأساتذة المختَّصين الذينَ انتحرَوا سهرًا ودراسة ليعرَف أحدهم تشريح جهاز أحد أنواع الحشرات.

وفي خبٍر آخر، فقد أسلم عالم أميركي بعد اكتشافه أنَّ أكل التمر بعدد فردي يجعل الجسم يحوِّلها إلى مواد مفيدة، بينَما أكلها بعدد زوجي يحوِّلها إلى مواد ضارة تصديقًا لحث الإسلام على أكل التمر بعدد فردي، وأنا للأمانة لا أعرف أي نوع من المَعِدَات تلكَ التي تقوم بعد حبَّات التَّمر قبلَ هضمها، وأي نوع من الأنزيمات ذاكَ الذي يُفكر في عدد التمرات الواصلة إليه قبل أن يقرر تحويلها إلى مواد ضارة أو نافعة!

وبينَما تعلَّمنا في الصف الأوَّل أنَّ الحشرات بأنواعها تنقل مسببات الأمراض، إلَّا أنَّ الدكتورة الأسترالية "جوان كلارك" عفا اللهُ عَنها، اكتشفت أنَّ الذباب الذي يحمل الكثير من الأمراض يحمل أيضًا الكثير من المضادات الحيوية، لذلكَ فالذباب لا يصاب بالأمراض التي يحملُها، كأنَّنا سمعنا ذات يوم عن بعوضة أصيبت بالملاريا مثلًا، أو عن ذبابة تسي تسي أصيبت بمرض النوم. ومما يثير العجب أنَّ الطريقة الوحيدة لتحرير هذهِ المضادات الحيوية هيَ بغمس الذبابة في سائل، ليستفيد منها، بعدَما يكون قدَ شبعَ الذبابُ موتًا!

وبناءً عليه، فقد عملَ علماء روس على استخلاص المواد النافعة من الذباب، لتساعدهم في محاربة الأمراض المختلفة، وأنَّ العلاج الجديد سيشكل ثورة في عالم الطب، وسيجعَلُنا نغمس الذباب في طعامِنا بكل سعادة للاستفادة من فوائده، وهذا دليل عظيم على مصداقية حديث الرسول عليهِ الصلاة والسلام عن الذباب!

وفي أحد المختبرات، في دولةٍ أوروبيَّةِ، لا يعرفُ أحدٌ اسمها، قامَ أحد العلماء الذي لا يعرفُ أحدٌ اسمه، باكتشاف عظيم في الحواجب، وهوَ أنَّ كل شعرة من شعرات الحاجب مرتبطة بخلية من خلايا الدماغ، وعند إزالة هذهِ الشعرة، فإنَّ تلكَ الخلية تموت مما يؤدي إلى تلف في الدماغ على المستوى البعيد، في تحذير مخيف للفتيات اللَّواتي يقمن بنتف وإزالة شعر الحاجب، فإذا قمنَ بفعل ذلك سيصبنَ بالسرطان أو التخلف أو غيره.

 أمضينا أربع سنوات بالجامعة نفرِّق بين أنزيمات وهرمونات، وأماكن إفرازها، وقد تخرَّج بعضنا بدرجة مقبول بعد سهرِ الليالي اعتكافًا على دراستها، لكي يأتي شيخ بعد ذلك ويقول عنها مواد معينة تفرز في المعدة.

ربَّما تشعرون ببعض السخافة بعد قراءة قصص كتلك، ولكن صدِّقوني إنها قصص مشهورة جدًا، ومتداولة في كل مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى ألسنة كثير من الدعاة والشيوخ، كدليل على الإعجاز العلمي في القرآن، ألا وأخبركم بأعظمَ من ذلك؟ إذ هيَ ليسَ لها أي أساس من الصحة، إنها مثلها مثل جميع فيتامينات التنويم الديني التي يتعاطها الناس عبر المنابر والبرامج الدينية، والتي تهدف إلى جذب النَّاس إلى الدين بحسن نية خالص، وترغيب في الدخول إلى الإسلام، أو زيادة إيمانهم بمصداقية هذا الدِّين، وكأنَّ الإسلام لن ينشر إلَّا بالأكاذيب، والخرافات.

وليسَ أنَّني أدعو لعدم متابعة الشيوخ والدعاة، بالعكس! أنا مع متابعتهم، والاستماع لكل شخص أوتي شيئًا من العلم، ولكن أدعوهم لكي يتريثوا ويعدُّوا للعشرة قبلَ نشر قصص كهذهِ تجعلُ منَّا الأمةَ البهلوان على مسرح العالم، أنا أعلمُ أنَّهم أمضوا ما أمضوا من حياتِهم في القراءة والبحث في كتب السيرة والعقيدة ودراسات القرآن، وفي حين أنَّ الإمام البخاري كانَ يرحل إلى بلادٍ بعيدة ليتأكد فقط من صحة حديثٍ واحد، ويعودُ أدراجهُ إذا وجدَ ممن نقلَ الحديث ما يشعرهُ بكذبه، فلا يأخذُ به، فأنا أدعوهم للرحيل والسفر عبر غوغل فقط ليتأكدوا من صحة القصص التي ينقلونها باسم الإعجاز العلمي، ومن قبلهِ إعمال عقولهم التي جَعَلها الله آيةً علميةٌ فسيولوجيةً في التفكير والمنطق، أو التواصل من الأساتذة المختَّصين الذينَ انتحرَوا سهرًا ودراسة ليعرَف أحدهم تشريح جهاز عضوي في أحد أنواع الحشرات، بدلًا من تسخير طاقاتهم الدعوية في إضحاك الإعلام علينا كما فعلَ أحدهم وهوَ يشرح عن نظريته الإسلامولوجية في عدم دوران الأرض، ويحتجَّ عليها بالطائرة التي كانَ من الأولى لها أن تقف في الهواء وتنتظر وصول البقعة الجغرافية المقصودة بدلًا من التحرك تجاهها.

هناك الكثير من الأمثلة العلمية المصدقة للإسلام والرسول الذي تعبَ في إيصال هذهِ الرسالة لنا، والأولى بنا أن نتحرَّى كل ما ننقله وفاءً له، وأدعو لاحترام عقول الناس ووضع المصدر في هذهِ القصص.

لقد أمضينا أربع سنوات في الجامعة نفرِّق فيها بين الأنزيمات والهرمونات، ووظائفها، وأماكن إفرازها، وقد تخرَّج بعضنا بدرجة مقبول بعد سهرِ الليالي اعتكافًا على دراستها، لكي يأتي شيخ بعد ذلك ويقول عنها مواد معينة تفرز في المعدة، وتقوم بتحويل التمر إلى مواد نافعة، طبعًا هوَ لا يعرفُ اسمها لأنَّه لم يدرس شيئًا عن عملية الهضم منذ الصف العاشر، والأعجب من ذلك حينَ يأتي عالم دين، لا يعرف اسم كتاب أصل الأنواع للعالم داروين ليقول عنه ملحد، وفاشل، ولا يفقه شيئا، وقد استغرق ثلاث دقائق فقط ليخرج بهذهِ الفتوى بينما أمضى داروين خمس سنوات من البحث والتجوال في العالم ليكتب كتابه أصل الأنواع في عدة مجلدات، والذي يعد ثورة في علم الأحياء، وبالطبع هي مجموعة أبحاث وملاحظات، يجب دراستها جيِّدًا قبلَ نفيها أو إثباتها.

وأنا معاذ الله لا أظنُّ بعدم صحة تلكَ الأحاديث، فأنا آكل التمر سبعًا تطبيقًا لأمر الرسول، وأصدق حديث الذبابة، وحديث النمص الوشم، ولا يظنُّ أحدكم أنِّي لا أؤمنُ بحصة الذكر في الميراث، بل هيَ حقٌ واردٌ في القرآن ولا نقاش فيهِ، وأصدق حادثة انشقاق القمر تصديقًا إخباريًا وليسَ تحقيقًا، لأنَّ المعجزات ظاهرة خارقة للعادة والعلم، وليسَ من المفترض وجود أدلة علمية عليها، وأعلمُ أنَّ أصل الإنسان إنسان وليسَ قرد، وأؤمنُ بأنَّ هذا الدِّين حقٌ وأنَّ هناك الكثير من الأمثلة العلمية المصدقة للإسلام والرسول الذي تعبَ في إيصال هذهِ الرسالة لنا، والأولى بنا أن نتحرَّى كل ما ننقله وفاءً له، وأدعو لاحترام عقول الناس ووضع المصدر في هذهِ القصص، وأدعو لكي يتحدث كل منَّا في تخصصه، أو البحث في النص الذي سننقلهُ للناس قبل نقله، ولنناقش الدين بالدين والعلم بالعلم، والعقلُ بينَهما.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.