شعار قسم مدونات

مازارين وفكره السياسي

blogs - mazarin
يقول مازارين: "كي نحكم دولة بشكل جيد، فإن المطلوب ليس الكرم، أو طيبة القلب، أو النية الحسنة، وإنما المطلوب فكر ثاقف وخصب، لا يمكن لأحد معرفة مخططاته، ويعمل لمصالحه بدل الاستسلام لعواطفه". وكان نبراس مازارين للوصول إلى الحكم، والاستمرار بالسلطة هو مبدأ واحد: "اترك الناس يقولون ما يشاؤون، بشرطه أن يتركوني أفعل ما أريد".

 
ويعتبر مازارين أن السلطة "لم تعد بأيدي المقاتلين المدججين بالسلاح، وانما بأيدي أولئك السياسيين الهادئين الذين بعد الاعتماد على المعلومات الدقيقة المجموعة عن خصومهم، يقومون عن طريق الدفع والاغراء (الترغيب والترهيب)، باجتذاب هؤلاء الخصوم وايقاهم في الشراك (الفخ) المنصوبة لهم".

وذلك يتطلب أيضاً: "أن يعرف السياسي كيف يكون مقاتلاً، ومحاوراً مثقفاً ومقنعاً، ويجب أن تتناول قراءاته مسائل القانون والتاريخ، والاجتماع، والنفس، لأن قوة السياسي تكمن في عجز الآخرين عن الإمساك به والإحاطة بتفكيره أو ما يجول في خاطره، عليه أن يكون متخفياً وراء قناع سميك من اللاحساسية المصطنعة".
 
إذا ما جاءك واش (أحد المتكلمين عن غيره) حاملا إليك اتهامات ضد أحد ما، تصرف كما لو كنت على معرفة بها، وأنك بالأحرى تعرف أكثر مما يعرفه الواشي نفسه.

تحتل المكائد السياسية مكانة هامة عند جميع المنظرين، والذين يصنعون السياسات العامة، على صعيد الأشخاص أو الدول قديما وفي عصرنا الحديث، وهذه المكائد على الصعيد الشخصي غالبا ما تتم عبر العلاقات الخاصة، فإذا كان هناك شخص ما ينافسك عند "الحاكم"، فعليك أن تبعده عنه، وذلك لا يكون عبر حديثك مع الحاكم عندما تجتمع به.

فاذا ما تكلمت عنه ابدأ بمدحه، التحدث عن فضائله، ثم يجب أن تدعي بأنه يغرق في عاهة اجتماعية لا يمكن الإفصاح عنها، وأنه يغرق في الانحطاط، وأضف بأن هذا ما تروجه الإشاعة العامة، وأنك لا تتكلم بصورة شخصية، تاركا الحاكم يستخرج بنفسه النتائج الواضحة عن هذا الإنسان، وحاول أن تبدو وكأنك تتدخل للصفح عنه، لكن دون أن تشدد على ذلك كثيراً". ومن أهم ما يمكن للسياسي أن يفعله من خلال الممارسة اليومية:

-التظاهر بمعرفته بقضية ما، والتكلم عنها بحضرة من لديه معلومات عنها، فمن لديه معلومات سيصحح الأخطاء دائما. أولئك الذين يكيلون المدائح لأنفسهم، وبكثير من الصخب لا يمكن اعتبارهم خطرين. إذا أردت اكتشاف الأشخاص الحقيقين الذين يستحقون البقاء إلى جانبك، أرسل إلى أحدهم أخبارا أنك على شفير الهاوية، وانظر ردة فعلهم، فإذا تعاملوا مع الخبر بحزن وآثروا الوقوف إلى جانبك فأولئك الذين يستحقون أن يبقوا معك.

اذا ما جاءك واش (أحد المتكلمين عن غيره) حاملا إليك اتهامات ضد أحد ما، تصرف كما لو كنت على معرفة بها، وأنك بالأحرى تعرف أكثر مما يعرفه الواشي نفسه، وعندها ستراه ينطلق بالتفاصيل ليحكي لك عن اتهامات جديدة. لا تتعامل أبداً بصورة شخصية مع الحرفيين، ولا تهتم بالاقتصاد المنزلي، والحدائق، وأعمال البناء، لأن هذا يتطلب جهدا كبيرا ويخلق لك هموما.

التظاهر بمعرفته بقضية ما، والتكلم عنها بحضرة من لديه معلومات عنها، فمن لديه معلومات سيصحح الأخطاء دائما.

قل ما تريد أن تنشره بشكل واسع أمام الثرثارين، وأفض ِ اليهم بصورة سرية بعد أن تجعلهم يقسمون أنهم لن يتكلموا عن ذلك لأي إنسان، بأن تأثيرك كبير جدا على بعض الأقوياء. تظاهر بالتواضع، والبراءة، والألفة، والمزاج الطيب، امدح، اشكر، وكن منفتحا حتى مع الذين لم يقدموا لك شيئا، (ومرن نفسك على هذه العبارات: بشكرك كتير، غمرتني بلطفك، الله يكرمك، أنت حبيبي، يخليلي ياك، يرحم أهلك، من عيوني….). وعليك في الاحتفالات التي تقيمها دعوة عمالك، فهذه الفئة ثرثارة جدا وهي التي تجمل أو تشوه السمعة الشخصية.

اجمع في كتاب واحد تاريخ بلدك والعالم بشكل مختصر وقم بمراجعته كل شهر وفي أوقات الفراغ وبهذه الطريقة ستكون لديك نظرة واضحة ورؤية إجمالية تستطيع بها إظهار معارفك في وقت الحاجة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.