شعار قسم مدونات

تسامح مع كتابك قبل إعارته!

blogs - culture
جميلة هي عادة تبادل الكتب، خصوصا إذا كانت في أوساط الشباب، والطلاب منهم تحديدا. إذ إنها تؤتي ثمارا طيبة ونتائج حسنة، لما تتيحه من إمكانية قراءة كتب عديدة، من دون الحاجة إلى شرائها وامتلاكها. ونجد قريبا من هذا السياق قضية إعارة الكتب كذلك، وإن كانت مرتبطة بالمكتبات العامة أكثر، والتي يكون لها نظامها الخاص في ذلك، فهي تؤدي وظيفة هامة في التحفيز والحث على القراءة.

لكننا سنركز على المكتبات الخاصة، والمواقف التي قد يتعرض لها أصحابها من هذه العادة ذات الوجهين. 
ولعل السؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق: ماذا لو اصطدمنا بأناس لا يعيدون الكتب إلى أصحابها؟ كثيرة هي القصص التي سمعناها ونسمعها من أصحاب المكتبات الذين تعرضت كتبهم للضياع بسبب إعارتها.

فرغم الاهتمام الذي يكنونه لها، وحرصهم الشديد على الاحتفاظ بها، والإبقاء عليها باتباع وسائل متعددة مثل تسجيل أسماء الكتب المعارة، أو التنبيه على إعادة الكتب في أوقات محددة وغيرها.. إلا أنهم لم ينجوا من فقدان كتب عديدة كانت تؤثث رفوف مكتباتهم.

ومما لا يمكنني نسيانه هو ما قاله لي أحد الأصدقاء يوما بعدما أخبرته أني قد أعرت إحدى كتبي لطالب كان يدرس معنا: "هل تسامحت مع كتابك؟" لم أستوعب كلامه في البداية حد أن انتابني الضحك، خصوصا وأنه اكتفى بما قاله على سبيل المزاح، إلى أن فهمت قصده حين اختفى الكتاب والطالب معا.

لعل أطرف قصة قد تروى هنا هي للكاتب الذي اضطر إلى الزواج من فتاة لكي يسترد كتبه العديدة التي أخذتها منه، والتي خلفت في نفسه حسرة لم يجد معها سوى هذا الحل، بعدما تعب من طلبه استرجاعها.

تذكرت هذه الحادثة حين روى لنا أحد الأساتذة ما حصل له مع أحد زملائه، حيث لم يعد له كتابا كان قد أعاره إياه، ليأتي إلى بيته طالبا كتابا آخر، ليضطر أستاذنا إلى تقديمه الكتاب الثاني، مع كتابة إهداء باسمه، موقنا أنه لن يرده، فقلت في نفسي: "جميلة قضية الإهداء هذه".

ولعل هذه القصة هي واحدة من مئات القصص المشابهة، والتي تجعل من رفوف مكتبات عديدة أشبه بمشط فقد أسنانه، ولعل أطرف قصة قد تروى هنا هي للكاتب الذي اضطر إلى الزواج من فتاة لكي يسترد كتبه العديدة التي أخذتها منه، والتي خلفت في نفسه حسرة لم يجد معها سوى هذا الحل، بعدما تعب من طلبه استرجاعها.

لكن إذا قرأنا مقولة عبد الرحمن منيف: "أحمق من يعير كتابا، وأحمق منه من يرده" فلعلنا متفقون على شقها الأول، لكن ألسنا جميعا معنيون برد الكتب إلى أصحابها؟ ففي مرات كثيرة تجدنا شغوفين بكتاب استعرناها، فنراها أثمن ما نمتلكه، خصوصا إذا كان باهظ الثمن أو في عداد النوادر.

فحتى وإن غالبنا أنفسنا ورددناه إلى صاحبه، نحس بمرارة غريبة، وكأن هناك علاقة غريبة قد طرأت بيننا. فالمشكلة إذن مزدوجة لا سبيل إلى استنكارها، ولعل صعوبة الحكم عليها تكمن في أنها مرتبطة بعادة حسنة، وهي قراءة الكتب، فهل يا ترى يمكننا الدفع إلى عدم إعارتها؟

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.