سيمتد الجدار العازل من إيلات قرية أم الرشراش الفلسطينية المحتلة، وصولا لأطراف الجولان السورية المحتلة وبطول قد يصل إلى نحو 250 كيلومتر، وبحسب الصحافة الإسرائيلية فإن تكلفته قد تصل إلى نحو مليارين ونصف المليار شيكل. |
ومع مزيد من الخيبة والإحباط للمنظومة السياسية العربية وخنوعها بل وتسليمها للعقلية العسكرية بالتفوق العسكري لإسرائيل بل وتخطيه لأبعد من ذلك في تطبيع العلاقات معها والاعتراف بها رسمياً دون الحاجة لاتفاقيات سلام، وقد خفت التلويح بالتنديد والشجب العربي في المحافل الدولية ولم يعد الشارع العربي يسمع بما يعرف اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي بعد سيطرة الإدارة الأمريكية على السياسة في الشرق الأوسط ودعمها العسكري والسياسي العلني لإسرائيل.
وبعد أن كان المواطن العربي يعول على القيادة الفلسطينية الممثلة بمنظمة التحرير، والتي تتزعمها فتح والتي صرح فيها الرئيس الفلسطيني محمود عباس بأنه يرى أنّ حائط البراق وهو الحائط الغربي للمسجد الأقصى، والمسمى لدى اليهود حائط المبكى يجب أن يبقى تحت السيادة الإسرائيلية، وهي الحقيقة التي تعني أن القيادة الفلسطينية على أتم الاستعداد لمزيد من التنازلات، ليس فقط في الأراضي الفلسطينية والتسليم بواقع المستوطنات، بل والتنازل عن المقدسات المرتبطة بالعقيدة الإسلامية أولاً والعربية ثانية، والفلسطينية ثالثا، ناهيك عن حماية الأمن الإسرائيلي من المقاومة الفلسطينية والحكم بأشد العقوبات على مقترفيها، وما يحمله هذا التصريح من رسالة للرئيس الأمريكي بمرونة القيادة الفلسطينية بل وبتخليها عن شرعية الحق المقدس.
ويعتبر الأمن هاجس منظومة التفكير والتطبيق الإسرائيليين، وهو الأبرز، ويعتبر أهم مقومات التفكير الاستراتيجي لدى القيادات الصهيونية، وذلك لمفهوم الغيتو الذي عاشه اليهود في أوروبا، ويمكن اعتبار معاهدتي كامب ديفيد عام 1979 ووادي عربة 1994 مسألة شكلية لن تعول عليها إسرائيل كثيرا في دعم منظومتها الأمنية وعلى الرغم من الجهود المبذولة من كل من الأردن ومصر لتعزيز مفهوم العمق الأمني لكل من الجانبين، إلا أن هذا لم يوقف مساعي إسرائيل إلى إقامة جدار عازل يضمن لها حدودها المزعومة.
امتداد الجدار الجديد سيكون في محاذاة نهر الأردن وضمن منطقة ستقع تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية بما يتيح استيلاءها على مياه نهر الأردن وبقاياه من ناحية الضفة الغربية والأحواض المائية الجوفية. |
حيث سيمتد هذا الجدار العازل من مدينة إيلات قرية أم الرشراش الفلسطينية المحتلة الواقعة على البحر الأحمر، وصولا إلى أطراف منطقة الجولان السورية المحتلة وبطول قد يصل إلى نحو 250 كيلومتر، وبحسب الصحافة الإسرائيلية فإن تكلفته قد تصل إلى نحو مليارين ونصف المليار شيكل، حيث ستكون مرحلته الأولى لمسافة تقدر بنحو ثلاثين كيلومتر، حيث يبدأ من إيلات وصولا إلى موقع تمناع في وادي عربة وقد قامت إسرائيل بإنشاء مطارا لها هناك.
إن ما تروج له السياسة الإسرائيلية فيما يمنحه لها الجدار العازل من منع التمدد الإرهابي إلى داخل حدودها المزعومة، وقد حصر نتنياهو في تصريح له بأن هؤلاء الإرهابيين هم من يبحثون عن عمل مستثنيا داعش أو أي من التنظيمات الإرهابية التي تثير الفوضى في المنطقة، حيث ذكر أن الجدار الجديد مع الأردن يهدف إلى منع تدفق ما أسماه إرهابيين ومتسللين يبحثون عن العمل لدينا، غير أن ما يمكن الجزم فيه هو البعد الحيوي الذي تريده إسرائيل بسياسة ممنهجة وهو السيطرة الكاملة على الثروة المائية وذلك عند تتبع الخارطة الجيولوجية، حيث إن امتداد الجدار الجديد سيكون في محاذاة نهر الأردن وضمن منطقة ستقع تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية بما يتيح استيلاءها على مياه نهر الأردن وبقاياه من ناحية الضفة الغربية والأحواض المائية الجوفية. وهذا يعزز سياسة الأبرتايد الفصل العنصري الذي تمارسه إسرائيل في الضفة الغربية في حال فصل الدولتين ومحاصرة الدولة الفلسطينية المستقبلية إذا ما قامت والقضاء على فكرة استقلالها السياسي والاقتصادي، ولكن السؤال المطلق ماذا بعد كل هذا، وماذا بعد الخمسين عاماً؟!
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.