شعار قسم مدونات

الإرهاب.. حصان طروادة الجديد

مدونات - داعش
تروي الأسطورة أن حصار الإغريق لطروادة دام عشر سنوات، فابتدع الإغريق حيلة جديدة، حصانًا خشبيًا ضخمًا أجوف بناه إبيوس وملأه بالمحاربين الإغريق بقيادة أوديسيوس، أما بقية الجيش فظهر كأنه رجل بينما في الواقع كان يختبئ وراء تيندوس، وقبل الطرواديون الحصان على أنه عرض سلام، وقام جاسوس إغريقي، اسمه سينون، بإقناع الطرواديين بأن الحصان هدية، بالرغم من تحذيرات لاكون وكاساندرا، حتى أن هيلين وديفوبوس فحصا الحصان فأمر الملك بإدخاله إلى المدينة في احتفال كبير.

احتفل الطرواديون برفع الحصار وابتهجوا، وعندما خرج الإغريق من الحصان داخل المدينة في الليل، كان السكان في حالة سكر، ففتح المحاربون الإغريق بوابات المدينة للسماح لبقية الجيش بدخولها، فنهبت المدينة بلا رحمة، وقتل كل الرجال، وأخذ كل النساء والأطفال كعبيد. قد يسأل سائل وما الرابط بين حصان طروادة والإرهاب؟!

في الماضي دخل الإغريق طروادة من خلال خدعة الحصان الخشبي، والآن يدخل الاحتلال الجديد بلاد العرب والمسلمين من خلال حصان خشبي جديد أسموه الإرهاب، فمن خلال هذا المصطلح الواسع الفضفاض باتت كل البلاد مستباحة ومهددة بالاحتلال بحجة محاربة الإرهاب، بل باتت هذه التهمة هي الوسيلة التي تستطيع بها دول الظلم أن تدمر أي كيان أو أي دولة.

الفكر المتشدد وانتشار ظاهرة داعش لم يكن على سبيل الصدفة، بل جاء لحرق شباب المسلمين وإجهاض طاقاتهم وإخلاصهم، كما لا ننسى دورهم في تمزيق بلاد المسلمين وكذلك التشويه العظيم الذي تعرض له الإسلام بسبب أفعال داعش.

ولعل عالمنا العربي بات ساحة حقيقية لهذه الكوميديا السوداء، فالعراق سرقت ثرواته الطبيعية وقتل شعبه وأراضيه في طريقها للتقسيم بحجه محاربة الإرهاب، كما أن الطائفية المقيتة تلعب دورها في استباحه دم الأبرياء تحت عنوان مكافحة الإرهاب، أما سوريا فحدث ولا حرج، فقد أصبحت الأرض السورية رقعة للشطرنج، لكن ليست بين متنافسين اثنين فقط بل من عدة لاعبين وعدة متنافسين، وكل منهم يقول أنا أحارب الإرهاب، فالنظام السوري فتح السجون سابقًا ليعلن لاحقًا أن هؤلاء هم إرهابيون يسعون لدمار الوطن، فحاول النظام جاهدًا أن يحول البوصلة من ثورة الشعب ضد النظام إلى حرب النظام ضد الإرهاب، وبالفعل استطاع النظام – ولو لبعض الوقت – أن يوجه نظر العالم لداعش ومثيلاتها ويغض النظر عن إرهاب النظام، والآن تتصارع القوى على تقسيم الكعكة السورية المغمسة بالدم تحت ذريعة الحرب على الإرهاب.

قبل اعتقالي الأخير عند الاحتلال الصهيوني كنت أشكك بالأخبار التي يعلنها الاحتلال عن كشف واعتقال خلايا للفكر التكفيري في فلسطين، وكنت أقول إن الاحتلال يبالغ في الإعلان، وأن لا مصداقية لهذه المعلومات. لكن في الاعتقال الأخير وبعد أن تنقلت بين عدد من سجون الاحتلال تفاجأت من أعداد المعتقلين والذين يصنفون أنفسهم على أنهم من داعش، جزء منهم من الضفة الغربية، لكن الأغلبية من فلسطيني الـ ٤٨، تفاجأت من هذا وبدأت أبحث عن سبب وجود دواعش في فلسطين! ففلسطين أرض جهاد ولا ينقصها فصيل جديد، بل الأغرب أن هؤلاء الدواعش كان ميدان عملهم المنوي العمل فيه خارج فلسطين.

معظم – إن لم يكن كل- المعتقلين الدواعش لدى الاحتلال تواصلوا عبر الإنترنت مع مسؤوليهم خارج فلسطين ولم يلتقوا بهم، معظم الدواعش كانوا في السابق أشخاصا غير ملتزمين ولا يملكون أي فكر، لذا تجدهم يحاولون ملء فراغهم الفكري بالقراءه المجردة البعيدة عن أي فهم أو ربط سليم بالواقع، معظم هؤلاء الدواعش يحملون كرها للفصائل الفلسطينية، وخاصة الإسلامية منها.. لذا أنا لم أستغرب أن يكون أحد عملاء الاحتلال كان داعشيا أو متشددا إسلاميا لا يملك أي فهم حقيقي للإسلام.

الغرب أعلن حربه على المؤسسات الخيرية الإسلامية، بل ولاحق دور العبادة  بحجة تجفيف منابع الإرهاب، والآن يطالبون بتغيير المناهج ويتدخلون في سياسات الدول والحكومات تحت العنوان المشهور.. الإرهاب.

كما أن طريقة الإسقاط بسيطة وسهلة، فمعظم الداعشيين الفلسطينيين كان تعرفهم على قاداتهم المزعومين فقط عن طريق الإنترنت، لذا ليس من الصعب أو المستغرب أن يكون الطرف الآخر هو ضابط احتلالي، إن الفكر المتشدد وانتشار ظاهرة داعش لم يكن على سبيل الصدفة، بل جاء لحرق شباب المسلمين وإجهاض طاقاتهم وإخلاصهم، كما لا ننسى دورهم في تمزيق بلاد المسلمين وكذلك التشويه العظيم الذي تعرض له الإسلام بسبب أفعال داعش.

الغرب أعلن حربه على المؤسسات الخيرية الإسلامية، بل ولاحق دور العبادة ومراكز تحفيظ وتعليم القرآن الكريم في العالم بحجة تجفيف منابع الإرهاب، والآن يطالبون بتغيير المناهج ويتدخلون في سياسات الدول والحكومات تحت العنوان المشهور.. الإرهاب.

للأسف بات الإرهاب هو الحجة والذريعة التي حوربت فيه بلادنا وسرقت ثرواتنا، علمًا أن الواقع يقول: إن المسلمين هم أكبر متضرر وأكبر خاسر من الإرهاب بل إن أكثر ضحايا الإرهاب هم من المسلمين.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.