شعار قسم مدونات

الكلاب الجدد للحراسة.. إعلاميون مسخرون لقمع الشعوب

Egyptian satirist Bassem Youssef talks during a news conference in Cairo June 2, 2014. Egypt's top TV satirist said on Monday his show had been canceled, amid speculation it was because his latest script poked fun at a presidential election won by the former army chief.Bassem Youssef, known as the
أصبحت وسائل الإعلام في جل الدول العربية، عبارة عن آليات لتمرير خطابات الأنظمة الحاكمة إلى شعوبها، وكذلك وسائل لتنويم هذه الشعوب عن طريق الدعاية. كما غدت المؤسسات الإعلامية العربية عبارة عن مصانع تحت الطلب لإنتاج الأخبار والمعلومات، ومهاجمة الأفراد والجماعات وحتى الدول.

نشر الكاتب الفرنسي بول نيزان في عام 1932، كتاب كلاب الحراسة، كتاب ندد من خلاله بفلاسفة عصره وكتابه، الذين كانوا يستترون تحت غطاء الحيادية والموضوعية الفكرية، لينصبوا أنفسهم حراسا حقيقيين للنظام القائم. فلا عجب أن نرى في فترات سابقة من التاريخ الحديث، بعض الفلاسفة والمنظرين يدافعون عن الإمبريالية وعن استعباد الشعوب الغير أوروبية، ويبررون للأنظمة الشمولية آنذاك أفعالها.

في الوقت الذي أصبحت فيه المجتمعات في العالم أكثر انفتاحا على الحرية وحقوق الإنسان، أصبح من الصعب على الفلاسفة والكتاب التنظير وإقناع الناس بما يخالف مبادئ الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، هذا من جهة، من جهة أخرى لم تعد الخطابات موجهة للنخبة المثقفة فقط، فبعد تطور وسائل الإعلام الحديثة، أصبح الرأي العام يصنع وسط الجمهور الواسع.

في 1997،نشر سيرج حليمي مدير تحرير جريد لوموند ديبلوماتيك كتاب جديد بعنوان كلاب الحراسة الجدد. من خلال الكتاب بين الكاتب أن دور كلاب حراسة الأنظمة انتقل من الفلاسفة والكتاب والمثقفين، إلى الإعلاميين والصحفيين والمحللين والخبراء، كل هؤلاء يدعون المصداقية والموضوعية والاستقلالية والحياد، في حين أنهم ليسوا إلا حراسا للأنظمة الاجتماعية والسياسية القائمة، يبررون خطاياها، ويهيؤون الرأي العام لتقبل الأزمات والقرارات اللا ديمقراطية. وسائل الاعلام أصبحث تتعاطى مع الاحداث من زاوية خاصة وجزئية وأصبحت المعلومة تخضع لعمية التسليع التي تنتجها الأنظمة السياسية القائمة وكذلك "للالتحام" القائم على المصالح بين عوالم السياسة والاقتصاد والإعلام.

إن دور كلاب حراسة الأنظمة انتقل من الفلاسفة والكتاب والمثقفين، إلى الإعلاميين والصحفيين والمحللين والخبراء، كل هؤلاء يدعون المصداقية ولكنهم حراس للأنظمة الاجتماعية والسياسية القائمة، يبررون خطاياها.

مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة، أصبح دور وسائل الإعلام في توصيل المعلومة للمتلقي يتهاوى، خصوصا مع وجود هوة كبيرة بين أخبار القنوات الإعلامية الرسمية، وقنوات التواصل الاجتماعي التي أضحت تتمتع بمصداقية أكبر باعتمادها على تقنيات جديدة تجعل من المحتوى قابلا للتصديق، كالفيديوهات المباشرة.

بالتوازي مع وسائل التواصل الاجتماعي، أصبحت بعض وسائل الإعلام الحرة تأخد مصداقية أكبر لدى المتلقي، وبالتالي بدأت تغزو البيوت أكثر فأكثر، وأصبحت تعد كوسائل رئيسية للمعلومة لدى شريحة واسعة من الجمهور، الشيء الذي حدا ببعض الأنظمة العربية إلى محاصرة هذه المنابر الإعلامية الحرة، عن طريق تجفيف مصادر تمويلها، حتى تندثر وتذوب. وفي حالة المنابر الإعلامية التي لها مصادر تمويل قوية، أو المسنودة من أنظمة لها الكلمة المسموعة، فقد أصبحت الحرب معلنة على الراعين قبل المنابر الإعلامية.

لقد أفلست جميع الطرق إلى الآن في منع الخبر من الوصول إلى المتلقي العربي، رغم المنع والقوانين الحادة من حرية متابعة بعض القنوات الإخبارية التي اعتمدتها بعض الدول العربية، فالمنع لن يزيد هذه الوسائل الإعلامية إلا مصداقية، لقول المثل المأثور كل محظور مرغوب.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.