شعار قسم مدونات

أريد أن أصبح مثقفا

blogs - library

 

عندما يريد أن يصبح الشخص مثقف سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً، فلا يستطيع أن يمتلك الثقافة والمعرفة بساعة ولا بيوم ولا بأسبوع ولا بشهر ولا بسنوات، الثقافة والعلم والمعرفة بحاجة إلى المطالعة الدائمة المتواصلة ومعرفة آخر الأخبار التي تتعلق بالمجالات المختلفة في الحياة، من لديه شغف الكتابة ولكن مخزون المفردات ضعيف فعليه بالقراءة، عندما يقرأ الإنسان تزداد معرفته ويجعل مخزون الفكري الذي يمتلكه غني بالمفردات.

 

تلقائياً يبدأ هذا الشخص بتكوين الأفكار والمبادئ والتوجه الخاص به الذي استطاع أن يكونه من خلال المعرفة التي امتلكها على مدار الزمن مما يتيح له المجال لإدارة نقاش وطرح أفكاره بطلاقة حيث يمتلك الحجج والبراهين لإثبات وجهة نظره إضافة إلى أن لديه المعرفة الكافية لأسس الحوار والنقاش، ويكون قد أدرك أن المعلومة لا يمكن الإتيان بها من أي مصدر يراه أمامه فمنها ما تحتوي على معلومات حيث تكون من حيث الصورة العامة صحيحة ولكنها تحمل في ثناياها العديد من الأخطاء سواء أكانت جوهرية أم ثانوية.  وباعتقادي أن المعرفة متلازمة تماماً مع الخبرة الشخصية.

 

نحن دائماً نتصف بالعجلة نريد أن نحقق ما نحلم به فوراً ولكن لا شيء يأتي بالسهولة وكذلك المعرفة تستغرق وقت لكي نكتسبها.

امتلاك هذه المعرفة تكون بعيدة عن مؤسسات المجتمع المدني من حيث البرامج التوعوية التي تقوم بها بهدف زيادة ثقافة الشباب لتعزيز مشاركتهم في مجتمعهم فبرأيي الشخصي أن هذه الأساليب والبرامج والمؤسسات بأكملها تعد مساندة للحصول على المعرفة ولكن المصدر الرئيسي لاكتسابها يعتمد على الجهد الشخصي.

 

وأستطيع وصفها إن صح ذلك من خلال ما تعلمته أثناء دراستي لتخصص القانون الحكم الكاشف والحكم المنشئ حيث أن دور مؤسسات المجتمع المدني في توعية الشباب على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي وغيرها من المجالات المختلفة هو دور لا ينشئ المعرفة بل تقوم بالإضافة عليها والتأكيد على هذه المعلومات فهي مساندة مثل ما ذكرت، بينما اعتماد الشخص على جهده الخاص وبحثه وقراءته ؛ بذلك يكون قد كون المعرفة التي سعى لأن يحصل عليها مضافاً إليها وجهة نظره ومبادئه بالتأكيد أن الحكم الكاشف والحكم المنشئ لا علاقة لهما بما قلته ولكن أردت تقريب الصورة أكثر لدعم وجهة نظري. تم وضع نظرية تسمى بالإبستمولوجيا Epistemology، وتعني الدراسة النقدية للمعرفة العلمية، حيث أنها تسلط الضوء على المعرفة من حيث تحليل طبيعتها وارتباطها بالمصطلحات المتعلقة فيها وهي الحقيقة والاعتقاد والإدراك والتعليل وغيرها من المصطلحات كما أنها تعمل على تدريس وسائل إنتاج المعرفة وتهتم بالشكوك حول ادعاءات المعرفة المختلفة.  

 

فالمعرفة مثل البحر فبإمكاننا أن نغوص في أعماقه ونحصل على معرفة متعمقة في مجال معين، أو قد يخطر لشخص آخر اتباع طريقة أخرى للإبحار؛ ما أريد أن أقوله إننا نحصل على المعرفة بالطريقة التي نحددها نحن لأنفسنا.

 

مثلاً شخص قام بدراسة الطب البشري في الجامعة واكتسب المعلومات التي تؤهله لكي يكون طبيباً ولكن لم يمارس مهنة الطب لمدة طويلة من الزمن منذ تخرجه وبعد ذلك أراد أن يمارس مهنة الطب هل يمتلك الدراية الكافية والمعرفة للقيام بعملية جراحية أو بمعالجة مريض؟ بالتأكيد لا! وإنما عليه أن يتدرب أولاً ومن ثم يبدأ رويداً رويداً يمارس المهنة ومع مرور الزمن يكتسب المعرفة.

 

نحن دائماً نتصف بالعجلة نريد أن نحقق ما نحلم به فوراً ولكن لا شيء يأتي بالسهولة وكذلك المعرفة تستغرق وقت لكي نكتسبها. 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.