شعار قسم مدونات

غزو الأميرات

blogs - doll
هى طفلة صغيرة تلهو أمام المرآة، تلبس حذاء أمها العالي، تسير خطوة وتسقط الأخرى.. كبرت تلك الفتاة قليلاً وظلت تنتظر المناسبات السعيدة من أفراح وخلافه حتى يُسمح لها أخيرا – كلحظه نادره – بوضع أحمر شفاه خفيف يمسح عدت مرات قبل أن يُسمح لها بالخروج، وتنتظر دخول الجامعة حتى يُسمح لها بوضعه – بنفس التكنيك – طوال الوقت..

تلك كانت أقصى طموحاتنا كصغار في التجمل.. أما الآن، نسير في الشوارع والأسواق نلتقي بالصغيرات ذوات الأعوام الأربعة عشر وأقل مبهرجات في مظهرهن، يهتممن بأحدث أنواع أدوات التجميل وخطوط الموضة ويتحدثن عن الحمية بغرض التنحيف الزائد، تتخطفهن من بيننا أميرات ديزني (المزيفات)..

أعتذر لهذا الجيل عن ذاك التشوه الذي نغرقهن فيه كل صباح ومساء بأفعالنا وملبسنا وبنوعية الأفكار المصدرة لهن ومطالبتنا لهن بالوصول لجمال لا يشبههن..

كنت قد اطلعت على أحد الحملات تبنتها فتاة كان الهدف منها مسح التبرج من على وجوه أميرات وبطلات أفلام ديزني، وتغيير ملابسهن حتي يتناسبن مع الصغار وعمرهن، ويصبحن أقرب للشكل الحقيقي للطفولة، في محاولة حقيقية للحفاظ على التتابع الفكري الطبيعي للفتيات دون إفراط يؤدي الي كارثة.

أصبحت المدارس عبارة عن ملتقى للأزياء والموضة العظيمة لشبيهات بطلات ديزني-شكلاً و موضوعاً -والويل لتلك (المصرية) التي تمتلك صفات حضارتنا. فبرغم أن بلادنا تقع في القارة – السمراء – وتمتاز باللون الخمري المائل للسمار، ورغم أننا عرب لا نمتاز بالنحافة، بل من سماتنا الجسم المعتدل.

إلا أن الفتيات صاحبات البشرة السمراء أو الأجسام المتوسطة قد يعانون من اضطهاد بشكل ما بسبب تفرقة دخيله ومستورده على مجتمعنا. سعي الفتيات الصغيرات وراء أداوات التفتيح والوصفات بطريقة هستيرية ليس مؤشراً ابداً على الاعتناء بالنفس.
 
ولا هوس الحمية اعتناء صحي، بل يشير على خلل ما أصاب المجتمع بمعاييره الدخيلة المغلوطة التى تهدد نفسية صغيراتنا وتهز ثقتهن وتخلق لنا أشخاص يختفون حول أقنعة سميكة من التبرج يضطهدن أنفسهن بأيديهن..

قد لا نمتلك في مصر نموذجا صحيحا للطفلة النجمة التي – ويا للمفاجئة – تشبه الأطفال! لكن هناك في بلاد الشام (جنا مقداد)، نجمة طيور الجنة السمينة التي تعاني من عدم القدرة على نطق حرف السين بشكل صحيح. جنا التي خرجت تغني وهي فاقدة لصف أسنانها الأمامي كاملا كأي طفله في عمرها، طلت علينا تغني بكامل الثقة التي تفتقدها صغيراتنا…

أصبحت المدارس عبارة عن ملتقى للأزياء والموضة العظيمة لشبيهات بطلات ديزني-شكلاً و موضوعاً -والويل لتلك (المصرية) التي لا تمتلك إلا صفات حضارتنا.

جنا مقداد التي – قد تكون ساقتها لنا التدخلات – تعتبر عادية الجمال بمقاييس أهل الشام ستخرج للمجتمع واثقه من نفسها وشامخة غير مبالية بمن يزم من جمالها وشخصها… وستخرج صغيراتنا ضعاف النفسية مهزوزين يبتهجن بكلمات الكبار المقززة (تخينة بس حلوه – سمرا بس قموره) يغلقن أفواههن مع التقويم ويخفين شعرهن الغجري الأصيل.

سيخرجن في حالة هشة، لأن القدر ساقهم كي يشبهوا بني جنسهم لا أميرات ولا بطلات ديزني لاند.. حقا أعتذر لهذا الجيل عن ذاك التشوه الذي نغرقهن فيه كل صباح ومساء بأفعالنا وملبسنا وبنوعية الأفكار المصدرة لهن ومطالبتنا لهن بالوصول لجمال لا يشبههن..

نضع أطفالنا تحت ضغط وندمرهم بدون شعور منا ولا دراية، قولوا لبناتكم ولأخواتكم صباحاً أنهن رائعات جميلات مذهلات، تغزلوا في عيونهن السود وبشرتهن الخمرية وشعرهن المجعد. يا أماه.. ابنتك هي أميرتك الوحيدة!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.