شعار قسم مدونات

طالب! ماذا تطلب؟

blogs - class
(طالب). ذاك اللفظ الذي كَثُر استهلاكه وإطلاقهُ على أولئك المُلتحقين بما يُسمى (المدارس)! أجل، أنا أكتب كلماتي بِكُل سَخط على تَغيُر المفاهيم الحاصل في زمننا المليء بالمتغيرات هذا..! وجزء من هذه التغيرات هو ما أذكره الآن! إذاً.. ما هو الطالب؟ مبدئياً يجب التفريق بين التعريف في المعاجم وبين التعريف الواقعي!


أما تعريف طالب العلم في المعاجم فهو: طالب اسم فاعل، والأصل في اسم الفاعل أن يتصف بالاستمرارية، حينئذ يجب على من يدعي أنه طالب علم أن يكون ديدنه تحصيل الوصف الذي اتصف به ليكون حقيقةً لا ادعاء.. وطالب العلم هو من حوى العلم في صدره!

أما عن تعريفه من واقعنا المرير! فهو شخص يتمتع بالقدرة على الحفظ -دون الاكتراث للفهم-.. لبعض المواضيع الرثة في بعض المواد البعيدة عن الواقع! ليدخُل إلى تلك القاعة التي يُفرغ فيها ما حفظهُ.. وينتهي الأمر! 
أما ذاك الطالب المذكور في المعاجم يبنى مواطن كحضارة الأندلس ويُبدع في شتى المجالات!
 

كيف يجوز عقلاً أن نعتبر أن آلاف الآدميين يمتلكون عقولا وقدرات واحدة لنعطيهم مناهج موحدة دون الاكتراث لقدرات كل منهم والتني تختلف من واحد إلى آخر!

وأما ذاك المُشاهد في الواقع.. فانظر لحال العرب، لتعرف ما يُنتجه ذلك النوع! حال التعليم المُزرية وصلت إلى أقصى درجاتها في الانحطاط مؤخراً! كيف نُصنف هذا الثاني طالباً للعلم؟.. كيف توضع قيمة الإنسان في المجتمع على هذا النحو العقيم…؟! بل كيف يُتوقع من مجتمع كُل من فيه مروا بمرحلة الاضمحلال هذه، أن ينتجوا وطناً ذو حضارة وتَقدم؟!
 

كيف ينتظر عاقل أن نترُكَ مركزنا الثالث بين عوالم العالم؟! كيف سنتحرك من اليسار إلي اليمين في عالم الصفر الرقمي هذا! بعدَ كُل هذا الكم من التساؤلات.. يقفز إلى أذهاننا سؤال مُهم.. هذا الواقع.. فكيف سيتغير؟ سؤال جيد! وهو يُعتبر الخطوة الأولى في التغيير إذا لحقته أفعال..
 

أما عن السؤال! فإن الفيلسوف وحده من يطرح أسئلة لا أجوبة لها.. ولسنا فلاسفة! إن الكثيرين يعتقدون أن تغيير الواقع يتطلب الكثير! لكنني أؤمن أن الواقع سيتغير جذرياً، حال اختفاء ظاهرة ما يُنعت جهلاً (بالمدارس). أصلا هل تساءلتم يوماً ما تعريف المدارس؟ كما هو الحال.. يوجد تعريفان أحدهما في المعاجم والأخر من الواقع:
 
أما عن ذاك الذي في المعاجم فتُعرف أنها: هي مؤسسة تعليمية يتعلم بها التلاميذ الدروس بمختلف العلوم.. أما عن الواقع فيقول أنها: مؤسسة عقيمة يحفظ بها الكثير من التُرهات التي لا تمُت بصلة للعلم! اختفاء هذه المؤسسة العقيمة من تركيب المجتمع هو الحل فعليا.. لكن الأمر ليس بهذه البساطة.. لأن هذه الفكرة متجذرة في المجتمع منذ قرون.. ولأن المجتمع يتعامل مع هذا الداء كأنه دواء! فترى الأهالي يتهافتون لإلحاق أبنائهم بها وإجبارهم على تكريس حياتهم فيها…! هذا هو ما يجعل الأمر أكثر تعقيداً!

طالب اسم فاعل، والأصل في اسم الفاعل أن يتصف بالاستمرارية، حينئذ يجب على من يدعي أنه طالب علم أن يكون ديدنه تحصيل الوصف الذي اتصف به.

ليست المدرسة وراء كُل خلل وبلاء في هذا المُجتمع؟.. هذا ما قد يُقال؛ لكن بنظرة أعمق.. نجد أن لها النصيب الأكبر من البلاء بما لدورها من أهمية، فهي المسؤولة عن تخريج الأجيال التي بدورها تكون مُجتمعات مُكررة لنفس الأخطاء! إن عدم المنطقية المتوفر في هذه المؤسسة عجيب؟ إذ كيف يجوز عقلاً أن نعتبر أن آلاف الآدميين يمتلكون عقولا وقدرات واحدة لنعطيهم مناهج موحدة دون الاكتراث لقدرات كل منهم والتني تختلف من واحد إلى آخر؟!

كأن تطلب من سمكة التسلق على شجرة! السمكة ستعجز بالتأكيد.. لكن هل هذا يعني ضعفها؟؟ مؤكدا أن الإجابة بالنفي لأن قدرة السمكة التي وهبها الله لها تحت الماء لا عند الشجرة! أخيراً أقول.. نحتاج إلى أُمة قارئة تعي أهمية القراءة لتنمية العقول وممارسة التثقيف.. وليس أمة تنظر للقراءة على أنها "موضة "!نريد أمة تستقي معلوماتها وثقافتها من كُتب علمية عريقة.. لا روايات مليئة بالتُرهات والثرثرة الفارغة (لا تُسمن ولا تُغنى من جوع)! 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.