شعار قسم مدونات

توازنات جديدة يفرضها حزب ترمب

blogs ترمب

يبدو أن الحزب الجمهوري كعادته، يسعى دائما لمفاجئة خصومة من الديموقراطيين وغيرهم، وكأنه يستمتع بكشف سذاجتهم في إدارة ملفات الشرق الأوسط العالقة، أو إعادة هيبة الولايات المتحدة، التي تخبطت منذ حرب العراق، التي كانت أسوء أعمال الجمهوريين في العصر الحديث، "دونالد ترمب" جاء مفاجئا ومعاكسا لجميع التوقعات الدولية، وكأنه يسعى ليكون البطل الذي جفت أقلام المؤرخين الأمريكيين في الكتابة عنهم، بعد ولاية " كلنتون".

لم يكن أشد المتفائلين بولاية "ترمب"، يعتقد أن هذا اليميني سيحرك التوماهوك الذي صدئ في عهد "أوباما"، ولم يكن للأخير سوى التلميع الشفهي في قوة أمريكا، دون تحرك ملموس على الخريطة التي نجح "ترمب" في تغييرها سياسيا، ما زرع الأمل في قلوب الكثيرين من التوسعيين والأصوليين في تغييرها طبوغرافيا وجغرافيا بعد الضربة المعنوية قبل العسكرية، التي استهدفت ميدانيا مطار الشعيرات في حمص، واستهدفت معنويا وسياسيا دول العالم الجديد.

توازنات جديدة يفرضها "ترمب" في الشرق الأوسط، بعد تخريبها من قبل سياسة الديموقراطيين والروس، في التعامل مع الشأن السوري تحديداً، وإعادة إنعاش الروح لدى بعض المتشائمين من السياسة الأمريكية، كونها عاشت أسوء أيامها مع الرئيس السابق، الذي كان الأسوأ ربما في إدارة قضايا الشرق الأوسط على مدار ثماني سنوات، عاشت فيها أمريكا تحت رحمة القرارات العسكرية والسياسية الروسية، التي كانت تفرض ما تشاء كونها القوة العسكرية الفاعلة في الشأن السوري، ليأتي المنقذ الذي سيفرض شروطا جديدة وتوازنات تعيد للولايات المتحدة سلطتها السياسية، وبعض الثقة التي افتقدتها أمريكيا في أنظار المجتمع الدولي.
 

ها نحن بعد أسابيع من الضربة، نشاهد كيف خمدت سياسية "ترمب" العسكرية في التعامل مع "بشار الأسد" وها نحن أيضا نشاهد نوعا جديدا من التسميات المضحكة للهدن، مناطق تخفيف التصعيد، تعني رخصة للقتل بأعداد محدودة

ماذا بعد الشعيرات؟، هل فعلا قام "بشار الأسد" باستهداف ريف إدلب بالسارين دون موافقة دولية؟، أو ربما عرف سياسة التجاهل في متابعة الأسلحة الكيميائية في سورية؟؟ بصراحة شخصيا لا أصدق أن هناك زجاجة مولوتوف تضرب ولا تعلم بها أمريكا، وهذا الضربة لم تكن برأيي سوى إعادة لهيبة الولايات المتحدة، واستفزاز لباقي الأحزاب الديمقراطية، التي تعد ولا تفي بوعودها، والدليل على تحليلي أن "ترمب" عاقب الجنود الذين لا يملكون حق رفض الأوامرـ وترك الرئيس الذي أعطى الأمر، والمضحك أكثر أنه أبلغ الروس قبل وقت بالضربة، والمبكي ضحكا أكثر من ذلك أن روسيا تأخذ دور المشاهد، عن بعد لأي اختراق "للعذرية" السورية، التي يصدع النظام رأسنا بها، المنتهكة منذ أول لبناني دخل حمص واحتل مدينة "القصير" جنوب حمص.

ها نحن بعد أسابيع من الضربة، نشاهد كيف خمدت سياسية "ترمب" العسكرية في التعامل مع "بشار الأسد" وها نحن أيضا نشاهد نوعا جديدا من التسميات المضحكة للهدن، مناطق تخفيف التصعيد، تعني رخصة للقتل بأعداد محدودة، لا تسهم في التسبب بقلق قد يصيب سياسة الأمم المتحدة الباردة، لذا ها هو الجمهوري يلعب لعبة جديدة في الشرق الأوسط، يحاول من خلالها الاصطياد في الماء العكر، وبدأ الآن حربه الكلامية مع بشار الأسد بوصفه بأنه حيوان.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.