شعار قسم مدونات

طلاب علم أم علامة؟

blogs - university

مما لا شك فيه وأنت في مسيرتك الجامعية أنك كلَ يومٍ تقابلُ ذلك الطالب القادم إلى الجامعة لإكمال مسيرته التعليمية المبنية على الفترة الزمنية، حيث أنّه اجتاز الثانوية وبلغ هذا العمر، إذن لا بد له أن يدخل الجامعة، كما الطفل عندما يبلغ الخامسة نُدخِله الروضة، هذا الطالب القادم لِيُؤدي فرضه المبني على الزمن، وبالطبع إرضاءً لوالديه ومجتمعه.

هذا هو طالب العلامة -كما أطلق عليه- وهو طالب روتيني غير مجدد وُجِدَ بالجامعة لينهيها ويحصل على علامته دون أن يحدث أي فرق في مسيرته العلمية، ودون أن يقوم بأي عمل يذكر، غيرُ شغوف بما يدرس، غير مضطلع على ما خارج منهاجه، يسعى من أجل العلامة، لا يجاري مُدَرِّسَه في معلومة، لا يدرس إلّا معلومة مطلوبة منه كأنه آلة حافظة وناسخة، وهمه الوحيد قطع الساعات المطلوبة وأخذ العلامات المطلوبة ليجتاز المرحلة .
 

لا بد أننا لاحظنا في الفترة الأخيرة الكم الهائل من الخريجين من مختلف التخصصات، حيث تجد الكثير من المهندسين ولم تجد منهم من ابتكر مشروعه وآمن به وسعى إلى تنفيذه ونفعنا ونفع نفسه به وأدَّر عليه مبلغ مالي يغنيه عن سعيه وراء الوظائف، خريجو اللغة الإنجليزية بالآلاف وما زال المحتوى العربي على الإنترنت لا يتجاوز 3 بالمئة من المحتوى العالمي؛ حيث أننا لم نجد منهم من يسعى لترجمة المحتوى المميز لدى المواقع الأجنبية إلى اللغة العربية.

لا بد أن تتخلص من كونك شخصاً يدرس بصورة نمطية ودون هدف واضح المعالم، بل أدرس لهدفٍ سامٍ ألا وهو تطبيقُ قوله تعالى: "وَقُلْ رَبِّيِ زِدْنِي عِلْماً".

الكثير من خريجي اللغة العربية ولم نجد منهم من ينتشل اللغة العربية من حالها الرديء التي وصلت إليه بهذه الفترة وينشرها ضمن مشاريع مدروسة تنفعنا وتنفعهم، خريجو كلية الاقتصاد كثيرون ولا يوجد منهم من آمن بالنظام الاقتصادي الإسلامي وبحث فيه وبدأ ينشره ولو على المدى القصير في ظل النظام الرأسمالي الظالم المنتشر بهذه الآونة، خريجو تكنولوجيا المعلومات رغم كثرتهم لم ينتج أحدهم تطبيقاً ننافس فيه التطبيقات العالمية، وهَلُمَّ جرًا .
 

الأسباب كثيرة وراءَ هذه الآفة المؤخرة لمجتمعاتنا، ولكن أبرزها نظام التعليم الجامعي القائم على جعل الطالب آلة ناسخة، يبصم منهاجه بصماً، لا يُلْزَمُ بمصادر خارجية يتعلم منها، النظام المقَدِّسُ للعلامات، بالطبع أنا لا أقلل من قيمة العلامات وأعلم أنها مهمة بكثير من الأشياء ومفتاح لكثير من الفرص، ولكن من المشين أن تكون تخرجت بعلامة دون علم.

لا مشكلة في أن تتخرج بعلم وعلامة متدنية، وبالتأكيد لا بد أن يكون للطالب النمطي الروتيني الساعي إلى البصم من أجل الحصول على العلامة والشهادة والتخلص من الجامعة سبباً كبيراً بهذه الآفة، ومن البديهي أن يكون للأهل جزءاً من أسباب المشكلة حينما يُجبِرونَ أبنائهم على دراسة تخصص لا يحبه ويفتقد فيه ابنهم إلى الشغف بعلمه.
 

ما عليك فعله أيها الطالب أن لا تجعل من نفسك رقماً يحصى في قوائم الطلاب والخريجين، لا بد أن تتسلح بحب العلم وحب طلبه، ولا بد أن تبدأ بالتعلم الحقيقي، فابدأ من هذه اللحظة طور مهاراتك بتخصصك، لا تجعل المنهج المقرر لك هو مصدر علمك الوحيد بمجال تخصصك، اقرأ على الاقل كتاباً واحداً بالشهر بمجال تخصصك خارج المنهاج، الإنترنت به من المعلومات في كل المجالات ما لا يمكن أن يتخيله عقلك، طور لغتك الإنجليزية واستعن به، في هذا العصر العلم متواجد للجميع ولكن مع الأسف، القليل من يستفيد منه ويقتنيه ليطور من نفسه وحياته.
 

بالنهاية أقول لك: إنَّ كونك طالبٌ جامعي هذا لا يعني أنك حققت إنجازاً عظيم؛ فالطلاب بالآلاف إن لم يصلوا إلى المليون، ولا بد عليك أن تعرف أن هناك من قدم للبشرية أكثر مما قدمه خريجو جامعة بأكملها دون أن يدرسوا بالجامعة، لا بد أن تتخلص من كونك شخصاً يدرس بصورة نمطية ودون هدف واضح المعالم، بل أدرس لهدفٍ سامٍ ألا وهو تطبيقُ قوله تعالى: "وَقُلْ رَبِّيِ زِدْنِي عِلْماً".

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.