شعار قسم مدونات

مارين لوبان.. هزيمة بطعم النصر

blogs لوبان

فشلت مارين لوبان مرشحة اليمين المتطرف زعيمة الجبهة الوطنية للوصول للرئاسة، لكنها نجحت في الحصول على 11 مليون صوت فرنسي، بمعنى أنها غيرت نظرة شريحة واسعة من الفرنسيين لحزبها من كونه شيطان وعنصري.. إلى التطبيع معه والقبول به في المجتمع، حيث حصلت في الدورة الأولى على 7 ملايين صوت واستطاعت استقطاب أربعة ملايين صوت جديد في الدورة الثانية.

 

ومعنى هذا أن اليمين المتطرف لم يصل للسلطة لكنه يتمدد في المجتمع بالمقارنة مع النتائج التي كان يحصل عليها في الانتخابات السابقة. وبالطبع هذا اليمين سيهيمن على المعارضة، ويستعد لمعركة للانتخابات التشريعية والبلدية.

 

صحيح إيمانويل ماكرون أصبح رئيسا لفرنسا، لكن تفاصيل فوزه في الدورة الثانية أمس الأحد تظهر بأن الرجل لم يصوت عليه اقتناعا ببرنامج إلا 16% من الناخبين، وأن 43% صوتوا عليه (ومنهم ناخبون من اليسار والجمهوريين وغيرهم) اضطرارا لقطع الطريق على الجبهة الوطنية ومرشحتها، بالإضافة مؤشر 4 ملاين تصوت سلبي، و25% من الناخبين قاطعوا الدور الثاني، وهو مالم يحصل في فرنسا منذ انتخابات 1969. وهذا يعني ببساطة أن حزب لوبان بات الحزب السياسي الأكبر فرنسا ( 34.2% من الأصوات)

 

إن فرنسا تعيش تحولا سياسيا وثقافيا قد يغير صورتها التقليدية التي تكرست في العقود الخمسة الأخيرة؛ فرنسا التسامح والتعدد والقبول بالآخر، وهذا يطرح مسؤولية كبيرة على النخبة الثقافية والفكرية في مواجهة تمدد اليمين المتطرف وأفكاره

وتوجد قناعة لدى كثير من الفرنسيين بأن ماكرون- الذي ليس له تجربة سياسية، وتنحصر خبرته في الجانب المالي أكثر من أي شيء آخر- هو مرشح الدولة العميقة والفتى المفضل لدى المؤسسات المالية وأصحاب الشركات والمصالح واللوبيات الاقتصادية الكبرى في البلد، ولذلك لعبت عدد من وسائل الإعلام دور كبير في فوزه.

 

وما سبق يوفر أرضية لليمين المتطرف للاشتغال أكثر والتمدد في ظل وجود ستة ملايين عاطل، واتساع دائرة الفقر والتهميش في فرنسا بحيث تشمل قرابة ستة ملايين نسمة وفق بعض وسائل الإعلام الفرنسية، وهو رقم لم يصدقه البعض أن يكون في خامس اقتصاد في العالم.

 

ماكرون وزع أحلاما بتجديد النخبة وتجديد قواعد اللعبة السياسية لتجاوز الأحزاب التقليدية، لكن لا يمكن لعاقل أن يصدق أن له إمكانية لفعل ذلك، فقد كشفت تقارير إعلامية أن الرجل سيعزف على وتر الوحدة الوطنية، وسيشكل فريق مستشاريه من مشارب سياسية مختلفة لعبت دور في وصوله للإليزيه، وكذلك أعضاء الحكومة.

 

ما سبق أظهر أن فرنسا تعيش تحولا سياسيا وثقافيا قد يغير صورتها التقليدية التي تكرست في العقود الخمسة الأخيرة؛ فرنسا التسامح والتعدد والقبول بالآخر، وهذا يطرح مسؤولية كبيرة على النخبة الثقافية والفكرية في مواجهة تمدد اليمين المتطرف و"أفكاره" الشوفينية والعنصرية الرافضة للمهاجرين… وشعاراته في المجتمع الفرنسي.

 

أما النخبة السياسية التقليدية فتعيش زلزالا كبيرا ومنها من تجاوزه الزمن ويواجه شبح الانقراض، وفي هذا السياق قالت صحفية في نقاش السهرة الانتخابية على قناة "france2″على الصحفيين تجديد أجندة هواتف السياسيين، وتحديث (تحيين) معطياتهم.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.