شعار قسم مدونات

سيناء العزيزة

blogs - سيناء
حلّت علينا منذ أيام ذكرى "تحرير سيناء، وهو اليوم الذي استردت فيه مصر أرض سيناء بعد انسحاب آخر جندي إسرائيلي منها، وفقاً لمعاهدة كامب ديفيد التي وقعت بين مصر والاحتلال الإسرائيلي، وفيه تم استرداد كامل أرض سيناء ما عدا مدينة طابا التي استردت لاحقا بالتحكيم الدولي في 15 مارس 1989 م. الخامس والعشرين من أبريل في تاريخ هذا اليوم تم تحرير سيناء من الاحتلال الإسرائيلي عام 1982 م، واكتمل التحرير عندما رفع الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك علم مصر على طابا آخر بقعة تم تحريرها من الأرض المصرية .

سيناء اليوم لم تعد سيناء، فهي في وضع لا تحسد عليه، فقر وبؤس وفقدان للأمن والأمان، اضطرابات أمنية شبه يومية، قتل وتهجير بكل ما تعنيه الكلمة، يتزايد يوما بعد يوم، عمليات أمنية للجيش المصري ضد مسلحين وعائلات وقبائل بدوية معروفة، حتى أصبحت اليوم عدد من مدن سيناء، كالغابات التي لا يسكنها أحد، ولا يدب فيها إلا الخوف والرعب والتشريد والظلام.

ما يجري في سيناء خطير للغاية، وسيترتب عليه آثار كبيرة على مصر بشكل خاص والمنطقة بشكل عام، والمراد من وراء كل هذا هو فصل سيناء عن مصر، والتعامل بهذه الطريقة التي يسلكها الجيش المصري ليس حلاً لمشكلة سيناء بقدر ما هي تعقيد كبير لكل الوضع بكافة تفاصيله التي نعرفها، بل إن الحل الأمثل لمشكلة سيناء لا تتم بالطرق الأمنية التي نشاهدها، وإنما بمعالجة سياسية واقتصادية وتنموية، خاصة لحل مشكلة فقدان الأمن والفقر والجوع والإهمال والتهميش المستشرية في سيناء، فهي جزء أصيل من الدولة المصرية العريقة.

التعامل مع سيناء بهذه الطريقة هو خطأ كبير ولن يكون منطلقاً لحل وتحقيق استقرار وأمن وأمان، ولن يكون الحديد والنار مجدياً والإصرار على ذات النهج سيعقد الأمور أكثر فأكثر، وسيكون تكرارا لمشاهد مؤلمة على الطرفين كما شاهدنا من ذي قبل وما زلنا نشاهد.

إن توسيع الأفق في التعامل مع هذه المنطقة أصبح مطلباً مهماً لإنقاذ سيناء من المؤامرة الإسرائيلية الخطيرة، وستبقى سيناء التي نعرفها مصرية عربية أصيلة بأهلها الأصليين، سيناء العزيزة على قلوبنا كفلسطينيين.

إن الحل الأمثل لما يجري في هذه المنطقة العزيزة على قلوبنا كفلسطينيين هو بدء الجهات المصرية ذات الصلة بوضع دراسة حقيقية عملية لمعالجة سياسية اقتصادية وتنموية اجتماعية حتى تتمكن من معالجة وتجاوز ظاهرة التشدد والتطرف لدى الجماعات المسلحة والفوضى الموجود في المنطقة هناك.

وإذا ما سألنا أنفسنا عن سبب وحقيقة ما يجري في سيناء؛ سنصل إلى نتيجة بالفعل، وسنجد أن السبب الرئيس للتطرف والتشدد لدى الجماعات الموجودة في سيناء، لا يعود لأسباب أيدلوجية فقط، بل يعود إلى أسباب لها علاقة بالظروف الاقتصادية الصعبة وانتشار الجوع والفقر في هذه المنطقة التي أهملتها الحكومات المصرية المتعاقبة منذ أن تم تحرريها عام 1982م. وأصبحت تعيش على التهريب.

إن استمرار حالة الفوضى والفلتان الأمني التي تعرضت لها سيناء خلال السنوات الماضية؛ هي حلقة من مؤامرة عالمية تقودها إسرائيل كدولة عنصرية إحلالية بهدف فصل سيناء عن مصر وتحقيق مخططاتها في المنطقة، وهذا ما يجعل مصر في خطر حقيقي، وإن المطلوب في معالجة أزمة سيناء يحتاج لحلول مختلفة من الدولة والقيادة المصرية وليس التعامل العسكري فقط كما نسمع ونشاهد يومياً، بل إن القيادة المصرية اليوم وبين يدي ذكرى تحرير سيناء مطالبة بالاهتمام بسيناء كبقعة أصيلة من الأرض المصرية، ثم هي مطالبة بضرورة التعرف على مطالب الشباب المصري والجلوس مع القبائل البدوية السيناوية والتفكير في حلول وتقديم مصلحة مصر فوق الجميع، ناهيك عن تنفيذ وإنشاء المشاريع الاقتصادية والاجتماعية المختلفة التي تخدم هذه المنطقة وأهلها وسكانها بشكل خاص.

أخيراً.. إن التعامل مع هذه البقعة العزيزة بشكل مغاير أصبحت اليوم ضرورة مصرية بالتخلص من الفكر والمنطق والنهج الذي نسمعه بأن السيناويين مصريين من الدرجة الثانية، بل هم مصريين أصلاء أعزاء، هم جزء أصيل من المجتمع والشعب المصري ومن حقه أن يعيش بحرية وعزة وكرامة وأمن وأمان واستقرار إلى جوار الشعب الفلسطيني.

وإنني في الختام لأحذر من خطورة وتداعيات استمرار التعامل بهذه الطريقة التي لن تجلب إلا مزيداً من الكراهية والقتل والفوضى بين المصريين السيناويين والدولة المصرية، بل إن توسيع الأفق في التعامل مع هذه المنطقة أصبح مطلباً مهماً لإنقاذ سيناء من المؤامرة الإسرائيلية الخطيرة، وستبقى سيناء التي نعرفها مصرية عربية أصيلة بأهلها الأصليين، سيناء العزيزة على قلوبنا كفلسطينيين.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.