شعار قسم مدونات

العلاقة بين حماس وطهران.. بروتوكول أم حقيقة؟

blogs - حماس
سنوات عديدة مضت سيطرت عليها حالة فتور وتباين في العلاقة بين إيران وحركة "حماس"، إثر موقف "الأخيرة" من الأزمة السورية وما تبعها من أحداث وتطورات، عاد ملف تلك العلاقة يطفو على السطح مجددًا، فحماس التي أكدت في السابق على أن العلاقات مع إيران لم تنقطع ولكن خفت وتيرتها، بات واضحاً أنها تسعى الآن لتوطيد وتطوير العلاقة مع إيران من جديد، خاصةً بعد صعود القائد يحيى السنوار لرئاسة حماس في قطاع غزة، وفق ما توقعه مراقبين كثر أن انتخاب السنوار سيحدث اختراقاً واضحاً وإعادة ترتيب وتطوير للعلاقة الحمساوية الإيرانية، وهذا ما كشفته صحيفة الحياة اللندنية مؤخراً أن القائد السنوار نجح فعلاً في إعادة العلاقة مع إيران، وأنه لعب دوراً مهماً في تحسينها.

لقاءات عدة حضرتها خلال الشهرين الماضيين جمعت نخبة من الكتاب والمحللين السياسيين مع أعضاء في المكتب السياسي الجديد لحركة حماس أكدوا لنا وبكل وضوح عن وجود اتصالات حثيثة لتطوير العلاقة مع إيران أحرزت تقدماً في العلاقة، وأن هذه الاتصالات نابعة من توجه ورؤية جديدة لدى حركة حماس بالتواصل مع كافة الأطراف لما فيه مصلحة المقاومة والقضية الفلسطينية.

بات من الواضح في ظل التحالفات الجديدة التي تشهدها المنطقة أن الموقف الرسمي العربي تجاه حماس كحركة مقاومة يعتبر موقفاً سلبياً، فأكبر الدول العربية وهي القاهرة سبق أن صنفتها حركة إرهابية.

ممثّل حركة حماس في إيران خالد القدومي كشف مؤخراً "للمونيتور" عن تطوّرات إيجابيّة حصلت لتطوير علاقات حماس وإيران، مع استمرار الدعم الماليّ والعسكريّ الإيرانيّ للحركة، وأن بدايات عام 2017، شكلت مرحلة جديدة في علاقة حماس وإيران، اتسمت بالإيجابيّة ويمكن البناء عليها للمستقبل، دون الحديث عن تعقيدات الماضي، مشيراً إلى أن حماس لا تتدخّل في المشاكل الداخليّة للعالم الإسلاميّ.

ثمة خطوات بروتوكولية شهدتها الفترة القليلة الماضية أيضاً عززت ما قاله أعضاء المكتب السياسي لحماس ويمكن تفسيرها بشكل إيجابي، تؤكد وجود توجه إيراني جديد في العلاقة مع حركة حماس، خاصة بعد انتخاب إسماعيل هنية رئيساً لمكتبها السياسي العام خلفاً للسيد خالد مشعل، وإرسال شخصيات إيرانية رفيعة المستوى رسائل وبرقيات تهنئة للسيد هنية تهنئه فيها بانتخابه رئيساً لحركة حماس كان أبرزها تهنئة كلاً من قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، ومحمد جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني وعلي لاريجاني رئيس مجلس الشورى الإيراني .

التطورات التي شهدتها بعض دول المنطقة مؤخراً، والقمة العربية التي عقدت في العاصمة السعودية الرياض تزامناً مع زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ووصفه حركة حماس بالمنظمة الإرهابية في ظل صمت أكثر من خمسين زعيم عربي على ما تضمنه الخطاب، يضع حماس في موقف لا تحسد عليه، يجعلها تقف أمام تساؤلات مهمة وحرجة في الوقت الي فقدت فيه تحالفات مؤثرة في المنطقة، وأهم هذه التساؤلات هو معرفة حقيقة الموقف العربي الرسمي بعد تصريحات ترامب تجاهها، وهي حركة مقاومة فلسطينية تحمل مشروعاً هدفه تحرير فلسطين، وكيف لها أن تبحث عن حلفاء جدد في المنطقة لحاجتها للدعم المالي والعسكري لمواصلة مشروع التحرر ومواجهة المشروع الصهيوني في المنطقة.

ثمة خطوات بروتوكولية شهدتها الفترة القليلة الماضية أيضاً عززت ما قاله أعضاء المكتب السياسي لحماس ويمكن تفسيرها بشكل إيجابي، تؤكد وجود توجه إيراني جديد في العلاقة مع حركة حماس.

حماس حركة تحرر وطني هكذا عرفناها، وتعاملت خلال المرحلة الماضية مع جميع الأنظمة بشكل متوازن وواضح، وفيما يحقق مصلحة الشعب الفلسطيني ومقاومته أولاً، ورفضت وترفض رفضاً قاطعاً التدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد، والشواهد السياسية تثبت أنها حاولت دائمًا أن تحافظ على أكبر قدر ممكن من التوازن في العلاقات.

بات من الواضح في ظل التحالفات الجديدة التي تشهدها المنطقة أن الموقف الرسمي العربي تجاه حماس كحركة مقاومة يعتبر موقفاً سلبياً، فأكبر الدول العربية وهي القاهرة سبق أن صنفتها حركة إرهابية ودول عربية أخرى شيطنتها وتصفها في إعلامها الرسمي بالمنظمة الارهابية. هذا الواقع سيجعل أوساط كبيرة داخل حركة حماس تدعم التوجه الجديد للمكتب السياسي لحماس بضرورة تطوير العلاقة مع إيران وفتح صفحة جديدة معها، خاصة أنها تمر في مرحلة حساسة جداً وبحاجة لكسب تحالفات تخدم تطلعاتها الداخلية والخارجية بعد حالات الانقطاع بالعلاقات العربية المحيطة والمجاورة.

حاولت حماس خلال المرحلة الماضية أن تقوم بعلاقة متوازنة بين الدول العربية، لكن حدة الاستقطاب الأخيرة في المنطقة والتحالفات الجديدة، جعلتها من غير الممكن أن تنجح في إقامة علاقة متوازنة بين الأطراف، فهذا التوازن لا يمكن أن يتحقق في السياسة الدولية التي تقوم على أساس المصالح، فهناك أبعاد ومحددات تحكم سلوك حماس وغيرها على المستوى الدولي، وهذا يتطلب من حماس ضرورة العمل على إعادة ترتيب أوراقها في المنطقة على أساس واضح شريطة عدم معاداة هذا الطرف أو ذاك، فهي في النهاية تبقى حركة مقاومة بوصلتها نحو القدس والأقصى وتحرير فلسطين ومعركها الحقيقية مع الاحتلال وهو العدو الأوحد.

جملة الإرهاصات التي تدور حولنا تشير بقوة أنه بات من الواضح أن حركة "حماس" اليوم تتجه بقوة لأن تعيد رسم علاقتها مع إيران مجدداً من بوابة دعم القضية الفلسطينية، على أساس ليس بروتوكولي فقط وإنما لتحقيق دعم حقيقي، وعلى قاعدة الرؤية المشتركة القائمة على تدعيم المقاومة الفلسطينية " لمواجهة الاحتلال الصهيوني، وعدم إقحام أي خلافات هامشية في دعم القضية الفلسطينية باعتبارها قضية الأمة العربية والاسلامية، وهذا من المنطقي جداً في ظل السجل الحافل للدعم الإيراني للمقاومة الفلسطينية على مدار السنوات الماضية، وما تنظيم المؤتمر الدولي السادس لدعم الانتفاضة الفلسطينية في طهران مؤخراً إلا دليل على أن القضية الفلسطينية ما زالت تحظى بالاهتمام المركزي الكبير من إيران.

حماس حركة تحرر وطني، هكذا عرفناها، وتعاملت خلال المرحلة الماضية مع جميع الأنظمة بشكل متوازن وواضح، وفيما يحقق مصلحة الشعب الفلسطيني ومقاومته أولاً.

ما سربته صحيفة الشرق الأوسط في عددها الصادر يوم 30/مايو عن اجتماعات مكثفة بين مسؤولين بارزين من حركة حماس وقادة في الحرس الثوري الإيراني ومسؤولين من حزب الله عقدت مؤخراً في لبنان، اتفق خلالها على إعادة ترتيب العلاقة، يشير إلى أن أجواء الدفء في العلاقة ستعود مجدداً بين الطرفين في الفترة القليلة القادمة بشكل حقيقي لا بروتوكولي، وسيعود القطار على السكة من جديد في العلاقات الثنائية بين الطرفين على قاعدة مركز قضية فلسطين وتوحيد الجهود ودعم مشروع المقاومة، والتعاون المشترك في مواجهة العدو الإسرائيلي، وتقوية وحماية المقاومة الفلسطينية.

ثمة عهد جديد يتم تدشينه بين الطرفين، قائم على مستقبل جديد، مستقبل يجب أن يكون قائماً بما يتناسب مع مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، دون تدخّل مع طرف على حساب آخر، فحركة حماس تحمل مشروعاً كبيراً تدافع فيه عن أولى القبلتين وتعمل بهدف القضاء على المشروع الصهيوني واحتلاله لفلسطين، وهي بحاجة لدعم لإيران كما هي بحاجة لدعم أي دولة، فكما أنها لا تسطيع التخلي عن إيران، فالأخيرة لا يمكن لها أن تتجاهل وزن حركة حماس السياسي والعسكري في المنطقة، ومن الطبيعي أن يعود الطرفان للتقارب مجدداً، كما أنه من حق إيران كدولة في المنطقة أن تعمل على تقوية محورها وتعزيز دورها الإقليمي بعيداً عن الطائفية، وهذا حق سياسي لها.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.