شعار قسم مدونات

قراءة متأنية في حوادث قتل الأقباط

blogs- الأقباط والسيسي
لا شك أن دخول الكنيسة المصرية المعترك السياسي با نحيازها لطرف من الأطراف من بعد ثورة يناير قد أضر بها كثيرا، خاصة أن قادتها يرددون أنهم دوما بعيدون عن السياسة، فقبيل الانتخابات الرئاسية والتي ترشح فيها عبد الفتاح السيسي حث البابا تواضروس الأقباط على المشاركة في الانتخابات والتصويت بنعم للسيسي، وقوله إن نعم تجلب النعم. 
قبل 25 يناير حاول الإخوان تحييدهم أو استمالتهم وذلك من خلال دعوتهم على موائد إفطار رمضان وتهنئتهم في المناسبات الدينية، ومساندة مرشحيهم في النقابات…الخ، كان ذلك قبل وأثناء فترة الحراك الثوري بعد يناير.

في يوم 9 أكتوبر 2011 فتحت قوات الأمن النيران على متظاهرين تجمهروا أمام مبنى اتحاد الإذاعة والتلفزيون، للاعتراض على ممارسات عنصرية صدرت ضد بعضهم، وردًا على قيام سكان بمحافظة أسوان جنوب مصر بهدم كنيسة غير مرخصة، واعتراضاً على تصريحات لمحافظ أسوان، اعتبرت مسيئة بحق الأقباط، ولقي ما يقرب من 28 شخصا مصرعهم في مواجهات بين الجيش والأقباط وجرح حوالي 75 شخصا. وعلى الرغم من ذلك لم يحدث أي خلل في العلاقة بين المجلس العسكري والكنيسة بل اتهم البابا تواضروس الإخوان لاحقا بأنهم هم السبب في خروج الأقباط، وطالبت الكنيسة شعبها بضبط النفس على الرغم من وجود قساوسة محرضين أمثال فلوباتير.

في ذلك الوقت وفي سيناء حرقت كنيسة مار جرجس كما تعرض الكثير من الأقباط للخطف والقتل، لكن على فترات متفاوتة، لكن يوما بعد يوم اتسعت دائرة استهداف الأقباط وتصاعدت بعد انقلاب الـ 30 من يونيو 2013 وفقا لمنظمة العفو الدولية التي اتهمت السيسي بالتقاعس في حمايتهم.
 

التنظيم يقاتلهم على أنهم كفار، وأنهم لا بد أن يقبلوا الإسلام أو الجزية أو القتل، وقال ذلك باعتباره دولة ذات سيادة، وأنه ممكن، وهو ما جاء في نفس الحوار مع أمير داعش، هذا من الجانب الفقهي.

في أكتوبر من العام 2013 لقي 4 مصرعهم، وأصيب 17 جريحا في حادثة إطلاق نار داخل كنيسة العذراء بالجيزة. وفي اواخر 2016 فجر انتحاري نفسه داخل كنيسة القديس مرقس مما أسفر عن مصرع 29 وإصابة 49. وفي مارس 2016 ازادت حوادث قتل الأقباط في العريش مما اضطر العديد منهم للنزوح خارج مدينة العريش. وفي ابريل 2017 قتل 64 وأصيب 126 في تفجير كنيستيي مار جرجس والكاتدرائية المرقسية، على إثر ذلك أعلن السيسي حالة الطوارئ في مصر. خاصة بعد تبني تنظيم الدولة الحادثين الأخيرين.
 

في أبريل 2015 كتب حساب على موقع تويتر يدعى أبو سفيان المصري عرف نفسه كأحد أعضاء تنظيم الدولة ولاية سيناء في مصر عدة تغريدات عن اقتراب تأسيس فرع جديد للتنظيم في الصعيد، وقال قريبا الإعلان عن ولاية الصعيد.

بعدها أكد التنظيم عبر الموقع المعروف باسم المنبر الإعلامى الجهادي على سعيه لإنشاء ولاية لداعش فى الصعيد، كما حذر أمير داعش في مصر الأقباط وتوعدهم، وذلك في حوار له مع مجلة النبأ في العدد 79، حيث قال: "عليكم أن تبتعدوا عن أماكن تجمعات النصارى والشرطة والجيش ومصالح الدول الغربية فكل هذه أهداف مشروعة لنا". إلى أن وقع حادث المنيا الأخير والذي راح ضحيته حوالي 25 شخصا، وأعلن تنظيم الدولة تبنيه للحادث.

لم يتطرق أحد للدوافع التي تدفع ذلك التنظيم لقتل الأقباط وذهب أغلب المحللين إلى متانة العلاقة بين المسلمين والقبط في مصر، بينما التنظيم لا تعنيه هذه الأمور، ويفكر في سياق آخر غير الذي يفكر فيه المحللون والسياسيون. 

التنظيم يقاتلهم على أنهم كفار، وأنهم لا بد أن يقبلوا الإسلام أو الجزية أو القتل، وقال ذلك باعتباره دولة ذات سيادة، وأنه ممكن، وهو ما جاء في نفس الحوار مع أمير داعش، هذا من الجانب الفقهي، أما الجانب السياسي والإعلامي فالتنظيم أراد أن يرسل عدة رسائل وهي على النحو التالي:
 

تأتي ثالثة الأثافي هي أن النظم القمعية وبممارساتها الأمنية واستخدام سياسة القهر والبطش ضد المعارضين في بعض البلاد، هي التي أدت بطريقة أو بأخرى إلى نشوء تلك التنظيمات وخلق تربة خصبة لهذا الفكر في تلك البلاد.

1- أن له ذراع قادرة على أن تطول أي بقعه في مصر وأن له خلايا نائمة في كل مكان وليس متمركزا في سيناء فقط، والتي بها أغلب عملياته ضد الجيش والشرطة.
2- تشتيت جهود أجهزة الأمن المصرية التي تمركزت حول الكنائس بعد الإعتداءات الأخيرة وبالتالي استنزاف وتشتيت جهود هذه الاجهزة مما يجعلها في حالة إرباك مستمر فلا تعرف من أين تأتي الضربة القادمة وبالتالي استنزاف وقت واستنزاف اموال من جراء تكاليف تلك الحراسات.
3- تخفيف الضغط عن أفراده في سيناء بعد دخول بعض القبائل على خط المواجهة مع التنظيم بمساندة الجيش.

مقاومة هذا التنظيم الآن أصبحت تقريبا شبه مستحيلة أمنيا وعسكريا، لأن فكرة الجهاد أصبحت فكرة عالمية وأصبح الشباب المنضمين للتنظيم مشاريع استشهاديين حسبما يفكرون، فقد يضربون في أي وقت وفي أي مكان مجموعات أو ذئاب منفردة فلم تعد فكرة الانضمام لتنظيم معروف عقبة أمام من تشبع بفكرة الجهاد، بل يكفيه تكوين مجموعة صغيرة لعمل عملية ما، وإن لم يستطع فتكوين ذئاب منفردة للتخلص من المتابعات الأمنية.
 
تأتي ثالثة الأثافي هي أن النظم القمعية وبممارساتها الأمنية واستخدام سياسة القهر والبطش ضد المعارضين في بعض البلاد، هي التي أدت بطريقة أو بأخرى إلى نشوء تلك التنظيمات وخلق تربة خصبة لهذا الفكر في تلك البلاد. 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.