شعار قسم مدونات

ويا عيني على "الاندماج"!

blogs - سوريون في ألمانيا
انتفض وأظهر معنى الاندماج الحقيقي، بل تحرر من ملاحقة القارورات الفارغة لأجل 25 سنتا! أحمد إلى الآن يتجاهل كافة الرسائل المرسلة من مركز العمل، ولا يكلف نفسه عناء فتحها؛ لأن صديقه سوف يباغته في هجمة مفاجئة في (كلاش أوف كلانس)، ومرددا من غير ملل ندمه على قدومه إلى ألمانيا؛لأنه كان يوما في بلده ذات سطوة وقوة.

سامر بعد قدومه إلى كامب مدينته دأب باستمرار على شراء كثير من قارورات المياه الغازية والعصائر طمعا في 25 سنتا المرتجعة، على الرغم من المحاولات الكثيرة من قبل مسؤول الكامب شرحه لسامر أنه دفع مسبقا ثمن القارورات عند شرائها من المخزن، في وقت أن سامر يبتسم لاعتقاده أن المسؤول يحييه على اهتمامه بنظافة البيئة، لذا سامر سوف يكسب الثروة والاندماج من وجهة نظره.

وردة (عذرا لتشابه الأسماء) وجدت طريق الحرية أخيرا، وتخلت عن حجابها عند تخوم النمسا بعد أن انتهت مهمة الله في إيصالها سالمة، بل كان الله غير موجود عندما قُصف بيتها في سوريا، كذلك وجدت من الضروري متابعة سلسلة دروس (كيف أجد نفسي) التي تقيمها إحدى الورش الاجتماعية في برلين.

هي هكذا وإن بالغتُ في التعبير عما نعانيه من ضياع هويتنا الثقافية فنحن -أغلبنا- قد ضيعنا ما تبقى من شخصيتنا العامة كسوريين خاصة، بعد سنوات حارقة أدت إلى نشوء مجتمعات جديدة غريبة أكثر صمودا إن صح التعبير في وجه المتغيرات.

مما لا شك فيه أن هناك أشخاصا نجحوا تماما في امتحان الحياة الجديدة بالرغم من صعوبتها، فأنجزوا مستويات جيدة في اللغة، وأصبح لديهم تدريب مهني في مدة قصيرة.

عند قدوم الآلاف من مختلف مشارب مجتمعنا إلى مجتمع مختلف في كل شيء، حتى في طريقة الاستهلاك، تجاهلنا من غير عمد سياسة المنتصف في كل شيء، لم نتعلم المحاورة ومحاولة إيجاد نقط مشتركة نلتقي مع المجتمع الجديد دون التخلي عن هويتنا العربية التي وصل سيطها إلى أقاصي الأرض. فنتج عن ذلك طبقة منصهرة تماماً مع المجتمع الجديد دون إدراك ما لها وما عليها، واختفت كل الخلفيات العربية، فمن الطبيعي بات أن نرى الخمر في جانب صناديق المياه.

و ظهرت طبقة أخرى غير متأقلمة بتاتا مع الوطن الجديد لاعتبارات اللغة، والمجتمع، ونمط الحياة الدقيق والرتيب، واختلاف طريقة التعاطي مع صعوبات الروتين، وأغلبهم للأسف إما كانوا لصوصا أو تجارا، أو من قليلي التعليم والخبرة.

مما لا شك فيه أن هناك أشخاصا نجحوا تماما في امتحان الحياة الجديدة بالرغم من صعوبتها، فأنجزوا مستويات جيدة في اللغة، وأصبح لديهم تدريب مهني في مدة قصيرة، ولكن لا يكفي بضعة أشخاص لوضع أنفسنا في المسار الصحيح، فالأمر يحتاج إلى ثورة تبدأ من أنفسنا.

الجدير بالذكر، أنه من معروف عن المجتمع التركي تماسكه وترابطه وحفاظه على هويته وارتباطه في وطنه الأم، وبالرغم أن أغلبهم قد جاوز عشرات السنين في ألمانيا، إلا أن المجتمع التركي من المجتمعات الأجنبية في ألمانيا التي تحظى بالاحترام والحذر من الجميع.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.