شعار قسم مدونات

دعوة لاستخدام العقل

Blogs - Mannequin
هل أنت ممن يندهش دائما عند مشاهدته لشيء ما! أو عندما تجد نفسك في موقف معين؛ هل تبادر بطرح الأسئلة أم أن ذلك لا يعنيك في شيء وتكتفي بالموافقة بدون مناقشة الأسباب، إذا كانت هذه عادتك أرجوك حاول تغييرها فلابد أن تندهش مما تراه ولابد أن تحاول التفاعل معه بالسلب أو بالإيجاب، لا تحاول هز رأسك فقط، والتهرب من المناقشة في أي موضوع حتى لا يصاب عقلك بالجمود، لأنك عندما تتساءل؛ تتعلم الكثي، وتتعرف على خفايا الحياة،  ولا يمر عليك شيء دون تمحيصه،  وبمعنى أبسط لا أحد يستطيع أن يضحك عليك بسهولة، وكما يقول ديوي" العقل أداة الحياة" فلابد أن تستخدم هذه الأداة بشكل جيد و لا تجعلها معطلة، وعليك تدريبها دائما على التفكير بشتى الطرق المختلفة وتغذيتها بما ينميها.

حتى يصبح عقلك عقلا كبيرا واعيا، فما يقوله غيرك ويطبقه في حياته قد لا يكون بالضرورة مناسبا لك، فلا تجعل قناعات الآخرين هي قناعاتك، وإلا أصبحت مقلدا وتحولت لصورة مكررة عنهم، فالعقل سلاح لكل إنسان لكي يدافع به عن قناعاته وآرائه، وليس مخاصما بهذا السلاح، فطبيعة البشر هي الاختلاف في طبيعتهم وميولهم، ولابد أن تكون لك مقاييسك الخاصة بك، تقيس بها الأمور، وتحسن استثمار العقل لكي تسلك سبيل النجاح .


الكثير منا يهرب دائما من العمليات الفكرية وكل مادة تجعل العقل يتحرك، فتجدنا نتوقف عند قراءة مقال لم نفهمه أو الهروب من كتاب فكري ونركن إلى قراءة روايات تافهة مثلا أو شعراً لا عمق فيه ولا فكرة، ونتلذذ بذلك هروبا مما يجهد عقولنا

يقول المفكر عبدالوهاب المسيري رحمه الله بعدما قمت بتقديم رسالة الدكتوراه للمشرف على الرسالة انتقدني قائلا :" اتعرف ماهي مشكلتك في الرسالة! أنك ناقلا ولست مفكرا مبدعا، ولا ألومك في ذلك فهذه عادة لدى أكثر الطلاب العرب الذين يأتون إلى هنا" اندهش لتتعلم! فسيدنا موسى عليه السلام تعجب مما رأى وتعلم بعد مرافقته للخضر مع تحذيره له في كل مرة كان يسأل فيها بمفارقته! لكن طبيعة الانسان السؤول جعلته يتناسى التحذير ويحرص على التعلم من كل ما يراه، ولا يمر عليه شيء بدون أن يعرف له تبرير.


لا تتوقف عن طرح الأسئلة دائما لأنها تجعلك تفكر، قد لا تقنعك الإجابات في البداية، لكنك ستجدها عاجلا أم آجلا، إنك لو تقبلت كل ما تراه اليوم في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي فقد يصبح عقلك كالصندوق المليء بالخردوات التي لا نفع فيها وبالتالي يعتل تفكيرك ويصبح واهنا، لأنه لم يبنى على أسس صحيحة، فكما يقال" المعرفة قوة" فيصبح كل ما تعرفه كلمة من هنا وجملة من هناك تلقفتها بدون معرفة حقيقة هذه المعلومة ولم تجهد نفسك في التأكد من صحتها وستسقط عند أول امتحان لعقلك، فلابد أن" تبحث عن المعرفة، فالمعرفة لا تبحث عن أحد".


أكبر مثال على عدم مصداقية أكثر المعلومات المتناقلة هذه الأيام وخاصة التي تأتي بلا مصدر ولا مرجع، أن الكثير منها يتم تكذيبه بعد فترة قصيرة من نشره ولكن من الصعوبة السيطرة على كل ما ينشر وتفنيده خاصة مع تجدد وسائل الإعلام وتعدد مصادرها، إذن لابد أن يكون عقلك هو المدقق لكل ما يعرض عليه.


الكثير منا يهرب دائما من العمليات الفكرية وكل مادة تجعل العقل يتحرك، فتجدنا نتوقف عند قراءة مقال لم نفهمه أو الهروب من كتاب فكري ونركن إلى قراءة روايات تافهة مثلا أو شعراً لا عمق فيه ولا فكرة، ونتلذذ بذلك هروبا مما يجهد عقولنا .

باختصار أنا لا اطلب منك أن تكون محققا ينفر منه الناس، ولكن محاورا لطيفا يستخرج المعلومة من فم صاحبها بكل أدب .

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.