شعار قسم مدونات

الفرسان الثلاثة الحقيقيون

knight
غالبا، إذا قمنا بطرح سؤال "هل تعرف قصة الفرسان الثلاثة؟" على الأطفال والشباب سيجيبون وبكل ثقة ب "نعم"، وإذا سألتهم "من هم الفرسان الثلاثة؟" سيجيبون بالقصة التي ألفها الكاتب الفرنسي "أليكساندر دوما" والتي عنونها ب: "les trois Mousquetaires". هذه القصة باختصار هي قصة خيالية تحكي عن ثلاثة فرسان مدمني خمور، حولهم الكاتب إلى قادة وأبطال وأن بهم تُضرب الأمثلة في البطولة والشرف.

الغريب في الأمر لو سألت هؤلاء الشباب عن قصة الفرسان الثلاثة الحقيقيين ذوو الديانة الإسلامية، ستجد أن أغلبهم لم يسمع بها قط. وسبب ذلك أن مناهجنا التعليمية روجت للقصة الخيالية التي ألفها الكاتب الفرنسي "أليكساندر دوما" ترويجا هائلا وذلك بتشجيع الأطفال على قراءتها في مدارسهم. فالفرنسيين والغرب عامة يقومون باختلاق قصص وهمية وينشرونها في مشارق الأرض ومغاربها، كما أنهم يقومون بتحويل شخصية مجرمة قامت بقتل المسلمين إلى شخصية قوية لها أثر إيجابي في التاريخ!

فمثلا قصة فرسان الهوسبتالية هم فرسان اشتهروا بصليبيتهم المتطرفة وحقدهم الشديد على الإسلام والمسلمين. وقاموا بمجازر مروعة بحق المسلمين في فلسطين، ولكن المخرج المسيحي يوسف شاهين قام بتزييف الحقائق وروج فيلمه "الناصر صلاح الدين" أن "الهوسبتالين" هم أناس مسالمون وطيبون. فهذا نموذج من نماذج تحويل شخصية مجرمة إلى شخصية مسالمة وطيبة.

ومن أعمال أعداء الدين هو تزوير تاريخنا المجيد وتشويه أبطالنا برسومات متحركة وأفلام ومسلسلات القصد منها تزييف الحقائق؛ ولعل أشهرها مسلسل "حريم السلطان" الذي شوه صورة الحاكم العثماني العظيم سليمان القانوني. فغزاة التاريخ يقومون بتزوير تاريخينا وتغيير المسميات الحقيقية إلى مسميات مزيفة ويضعونها في مناهجنا الدراسية فمثلا: قاموا بتحويل اسم "الخلافة العثمانية إلى "الاحتلال التركي" والغرض من ذلك هو تشويه هذه الخلافة العظيمة كي لا يجد الجيل الصاعد أي رمز واحد من الأمة المحمدية يقتدي به.

حمل الراية الصحابي العظيم جعفر بيده اليمنى فقام الكفار بقطعها ثم حملها بيده اليسرى فقطعوا يده اليسرى، فحملها بعضديه، فغرسوا رماحهم في قلبه فاستشهد.

أما بخصوص الفرسان الثلاثة الحقيقيين الذين قاموا ببطولة كبيرة وعظيمة والتي للأسف يغفل عنها معظم الشباب بسبب الإهمال الذي قام به المسلمون تجاه أبطالهم الحقيقيين واكتفوا بأبطال وهميين مزيفين مثل "سبيدرمان" و "باتمان" وغيرهم، فهؤلاء الفرسان الثلاثة هم من الديانة الإسلامية والأكثر من ذلك هم من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم:

 الفارس الأول: زيد بن حارثة رضي الله عنه، الصحابي الوحيد الذي ذكر اسمه في القرآن الكريم، وكان سببا في تحريم التبني.
 
الفارس الثاني: جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، الصحابي العظيم، وهو الذي تحدث مع ملك حبشة: النجاشي عن الدين الإسلامي.
 
الفارس الثالث: هو من "وزراء الإعلام في حكومة" النبي الكريم محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-، الصحابي الشاعر عبد الله بن رواحة رضي الله عنه.

وكما يعلم الجميع أن الإعلام في عهد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم كان يتمثل في الشعر، وكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم شعراء أبرزهم: حسان بن ثابت، كعب بن مالك، كعب بن زهير بن أبي سلمى، وعبد الله بن رواحة رضي لله عنهم أجمعين. هذا الأخير كان يحب مجالس الذكر حيث قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رحم الله عبد الله بن رواحة، إنه يحب المجالس التي تتباهى بها الملائكة".

أما بخصوص سبب تسميتهم بالفرسان الثلاثة فيرجع إلى سرية في سهل في الأردن يقال له "مؤتة"، حيث غدر الروم بالمسلمين، وكان الصحابي زيد بن حارثة يحمل راية المسلمين وكان أول شهداء المعركة، فحمل الراية الصحابي العظيم جعفر بيده اليمنى فقام الكفار بقطعها ثم حملها بيده اليسرى فقطعوا يده اليسرى، فحملها بعضديه، فغرسوا رماحهم في قلبه فاستشهد، فحمل الراية الصحابي الشاعر عبد الله بن رواحة فاستشهد، واستشهد معه تسعة آخرون. ليكون مجموع شهداء المسلمين في هذه المعركة عشرة فقط مقابل مقتل 3350 فارسا من الكفار. وانتهت المعركة بانتصار المسلمين تحت قيادة الصحابي البطل خالد بن الوليد الذي لم يُهزم في أية معركة.

غزاة التاريخ يقومون بتزوير تاريخينا وتغيير المسميات الحقيقية إلى مسميات مزيفة ويضعونها في مناهجنا الدراسية فمثلا: قاموا بتحويل اسم "الخلافة العثمانية إلى "الاحتلال التركي"!

هؤلاء الفرسان الثلاثة الشجعان وغيرهم من الأبطال وجب علينا دراسة تاريخهم والاقتداء بهم. فغزاة التاريخ وأعداء هذا الدين المجيد لن يرتاحوا حتى يقوموا بتشويه جميع عظماء هذه الأمة. وقد نبه الكاتب الفلسطيني وصاحب برنامج العظماء المائة السيد جهاد الترباني جزاه الله خيرا، والذي اعتمدت على كتابه "مائة من عظماء أمة الإسلام غيروا مجرى التاريخ" في كتابة هذا المقال. (نبه) على خطورة غزاة التاريخ الذين يريدون منا أن نكفر بكل ما كان مقدسا لدينا، لكي نصبح في نهاية المطاف أقزاما برؤوس فارغة.

لذا وجب علينا نحن الشباب قراءة تاريخنا والاستفادة منه، وأخذ العبر والعظات منه. كما يجب على المخرجين وصانعي الأفلام وحتى صانعي الرسوم المتحركة أن يركزوا على إنتاج قصص لأبطالنا الحقيقيين وغرس القيم الدينية لدى الشباب والأطفال.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.