شعار قسم مدونات

الجماهير الرياضية.. إرهابيون

مدونات - عنف الملاعب
وصفت وزير الشباب والرياضة التونسية ماجدولين الشارني جماهير النادي الإفريقي، أحد أكبر الأندية الرياضية في العاصمة التونسية، بالإرهابيين على إثر أحداث شغب حدثت في المدارج بين المشجعين والأمن خلال لقاء الدربي بين النادي الإفريقي والترجي الرياضي التونسي. وأسفرت أحداث الشغب عن إصابة 15 رجل أمن و5 مشجعين. وتقول وزارة الداخلية على لسان قيادات أمنية إنه لولا تدخل الأمن لكانت النتائج أسوء، ولتم اجتياح الميدان وإلحاق الضرر باللاعبين والمسيرين على حد السواء.
 

في الواقع، ينتشر في تونس مهد الثورات العربية عنف متنامي داخل الملاعب والقاعات الرياضية، وما تزال الدولة عاجزة عن تشخيص الأسباب وإيجاد الحلول الناجعة للتجاوز أزمة العنف المستشري. ويشعر الشباب التونسي أن لا متنفس لهم سوى مجالات المنافسة الرياضية من ملاعب وقاعات، إذ أن الدولة لم تستطع مواكبة تطلعات الشباب بعد الثورة.

ويقر العديد من المتابعين أن ثورة الياسمين التي اندلعت في 2011، سبقها إنذار بتفجر الأوضاع في إحدى المقابلات بين الترجي الرياضي التونسي أحد أبرز فرق العاصمة ونادي حمام الأنف فريق الضاحية الجنوبية للعاصمة، عندها بلغ العنف منتهاه وتم قطع التيار الكهربائي ليتدخل البوليس تحت جنح الظلام بوحشية ضد جماهير الترجي العاصمي.

أبرز ضحايا عنف الملاعب هما: رجل الأمن المقموع الذي يعمل قرابة 13 ساعة في اليوم ولا سلاح له للدفاع سوى العصي والغاز المسيل للدموع، وجماهير مشحونة تعاني تهميشا وبطالة وتتكبد المتاعب من أجل ذهاب إلى الملعب.

بعدها تغير أهازيج الفرق وأصبحت تستهدف قوات الأمن في كل لقاء بدلا من تشجيع المحبين لناديهم من ذلك أغنية لا تزال تردد إلى اليوم تقول كلماتها: "إذا السلطة والحكومة تحكم بأحكامها قولونا الحرية وين مكانها، ما تحاول تبعدني يا البوليس حمراء وصفراء هي غرامي" (في إشارة إلى ألوان الترجي)، كلمات تدل عن تأزم العلاقة بين جماهير الفرق الرياضية والسلطة التي لم تقدر على احتواء هيجان الجماهير الرياضية، ولم تستطع تشخيص المشكل بالقدر الكافي.

وعلى خطى الترجي العاصمي سارت جماهير العديد من الفرق على غرار جماهير النادي الإفريقي الغريم التقليدي للترجي العاصمي، ثم جماهير النادي الصفاقسي وجماهير النجم الساحلي، وهي رباعي الفرق الكبرى في تونس. وما زاد الطين بلة، انتشار ظاهرة فرق المشجعين حيث أصبحت كل مجموعة تسعى للسيطرة على المدارج والظهور على أنها المتحكم في نسق التشجيع، وهو ما يؤدي في كثير من الأحيان إلى اندلاع أعمال شغب بين جماهير الفريق الواحد.
 

وبالفعل حصل ذلك في لقاء ودي بين النادي الإفريقي ونادي باريس سان جرمان الفرنسي، حينها انفجرت أعمال عنف في المدارج بين جماهير النادي الإفريقي، أدت إلى تدخل الأمن. وانتهى اللقاء دون تكريم الفريق الفرنسي الذي حل ضيفا على البلاد.

ولا يقتصر العنف على الملاعب، بل وصل إلى قاعات كرة اليد. ففي مقابلة جمعت أولمبيك سليمان بنادي الشبيبة الرياضية انتهت باعتداء لاعبي الشبيبة على لاعبي أولمبيك سليمان بالكراسي لا لشيء سواء أن لاعبي سليمان احترموا الميثاق الرياضي، ولم يتراخوا في اللقاء.

يبدو أن الأمثلة عديدة ولا يمكن حصرها. وأبرز ضحايا ظاهرة العنف هما: رجل الأمن المقموع الذي يعمل قرابة 13 ساعة في اليوم ولا سلاح له للدفاع عن نفسه أو تأمين المباريات سوى العصي والغاز المسيل للدموع، وجماهير مشحونة تعاني تهميشا وبطالة وتتكبد المتاعب من أجل ذهاب إلى الملعب أو القاعة لمتابعة لقاء فريق عشقته.

لكن المسؤول الجالس على كرسي داخل الوزارة أو الإدارة يمكنه أن يصف الشاب المشجع بالإرهابي ويمكنه أن يلقي التهم جزافا، بينما كان لزاما على المسؤولين أن يشخصوا الظاهرة ويسعوا إلى انتزاع فتيل التوتر لأن انتشار العنف ستكون له عواقب وخيمة على البلاد والعباد.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.