شعار قسم مدونات

أردوغان.. هل خان الثورة السوريّة؟

blogs - erdogan2

عندما تزحف الجيوش العربيّة عبر الأردن نحو درعا والسويداء والقنيطرة باتّجاه دمشق لإنقاذ الشعب السوري وإسقاط نظام بشار الأسد، عندها بإمكانكم أن تشتموا النظام التركي على عدم تدخّله في إنقاذ حلب وريفها وغيرهم من المناطق في الشمال السوري.. لكن أن تطالبوا تركيا لوحدها بمواجهة إيران وعصابتها وميليشياتها وبشّار وعصابته وروسيا وعصابتها وأمريكا وعصابتها، وبعض الحكّام العرب يحاصرون الثوار ويمنعون عنهم السلاح النوعي بل ويمنعون بعض الأطفال السوريين من العلاج في بعض بلدانهم فهذا يُعتبر من التعدّيات على تركيا وعلى إرادة الشعب التركي المخوّل بمحاسبة نظامه بسبب إدخاله في حرب كبيرة لا يستطيع تحمّلها..
 

هل تعلم ما عواقب دخول أردوغان لوحده إلى سوريا؟ هل تعلم أنَّ الطائرات الروسيّة ستجتاح في اليوم نفسه الأراضي التركيّة لبدء قصفها! ومعها الطائرات الأمريكية وبعض من طائرات الدول الاوروبية (وهم ينتظرون هذه اللحظة بفارغ الصبر، أعني لحظة دخوله لإدلب أو إسقاطه للأسد عسكريّاً بشكل عام) بحجة أنِّ أردوغان اخترق المواثيق الدوليّة وتخطّى حدود دولة غير مسموح له بها وحجج أُخرى واهية.. بينما هم وطائراتهم يسرحون ويمرحون في الأجواء السوريّة حتّى وصل بهم الأمر للتنسيق لمنع التصادمات داخل المجال الجوّي السوري.. ورأينا أيضاً كيف تورّطت الكثير من الدول الأوروبيّة ودخول بعض الأذرع والأجندات الأمريكيّة في محاولة الانقلاب التركي الفاشلة.. أو إنّ بإمكانهم أيضاً إشعال لهيب الأراضي التركية وإيقاعها بالتفجيرات المتكرّرة عبر أذرعهم الخبيثة (داعش و البي كي كي)..
 

كن على ثقة، إذا كان المجال مفتوحاً أمام أردوغان فلن يتوقّف ولن يتردّد في الدخول و إنهاء التهديد الأكبر على بلاده (بشار الأسد وحلفاؤه)، فكما حاول الخروج بأكبر المكاسب من درع الفرات، فلن يترك الفرص الأخرى تمّر أمامه بدون استغلالها.

تكرار سيناريو صدّام حسين لا ينفع أبداً الآن.. صدّام حسين (وعلى الرغم من وجود المثير من المساوئ فيه ومع وجود شخصيّته الدكتاتوريّة) إلّا أنّه كان شجاعاً سطّر أروع البطولات في وجه الروافض وسيذكره التاريخ للأبد.. لكن كان بإمكانه أن يستغلّ فرصة التدخّل بذكاء وحنكة سياسيّة أكبر ويتعامل كما يتعامل أردوغان حاليّاً.. لكنّه تمَّ توريطه كما تتم محاولات توريط أردوغان في هذه الأيّام.. ولو كان صدّام موجوداً الآن لدعم الثورة بقوة هائلة وذكاء فعّال مع حليفه التركي بدلاً من الميليشيات الشيعية الّتي تسيطر على العراق حاليّاً بسبب دخولها وسيطرتها بقوّة بعد توريط صدّام وإعدامه..
 

السياسة التركيّة حاليّاً من أفضل السياسات والدولة التركيّة هي من أفضل الداعمين لهذه الثورة اليتيمة الّتي تكاد ولم يبقَ أحد من هذه الأنظمة إلّا وحاول إفشالها و ذرع بذور الشقاق داخلها.. ولا يمكن أيضاً إنكار الدور القطري القوي بدعم الثورة السورية.
 

بالمختصر، ولكل من يسأل عن دخول أردوغان بقوة وإسقاط نظام الأسد.. كن على ثقة، إذا تدخّل أردوغان وحده لإسقاط الأسد فسيحصل به ما حصل مع صدّام حسين عندما اجتاح الكويت وسيُحاكَم ويُعدَم وستشتعل الحرب في تركيا.. وهذا يعني خسارة تركيا كحليف.. وخسارة الثورة السوريّة مباشرةً بنفس الوقت -لا قدَّر الله-. وفعليّاً، تركيا بالنسبة لأوضاع وأحوال المجتمع المسلم هي دولة مهمّة جدّاً كملاذ أخير للمستضعفين، وإذا خسرناها -لا قدَّر الله-، فستؤدّي الأمور إلى مصائب أُخرى لا تُحمَدُ عُقباها.

وكن على ثقة، إذا كان المجال مفتوحاً أمامه فلن يتوقّف ولن يتردّد في الدخول و إنهاء التهديد الأكبر على بلاده (بشار الأسد وحلفاؤه)، فكما حاول الخروج بأكبر المكاسب من درع الفرات، فلن يترك الفرص الأخرى تمّر أمامه بدون استغلالها. نسأل الله أن يقدّم ما هو خير لبلاد الشام.. وأن ينصر المستضعفين في كلّ مكان، وأن يرينا عجائب قدرته في الظالمين.. وما ذلك على الله بعزيز.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.