شعار قسم مدونات

أحبينا.. بلا عقد!

blogs- أطفال اليمن
أخبرونا أن الأرض تعطيك إذا ما لازمتها بالحرث والزرع والعناية، أخبرونا أن البذرة إن وضعتها تفيض أضعافا من أمثالها متى ما كنت صادق الوعد وفي العهد تجاهها، قالوا اعملوا ولا تتذمروا! الأرض أرضكم والوطن وطنكم، هل تكون الأرض لغير أبنائها؟ رضعنا الوفاء من أثداء الحياة لكن أرضنا فطمتنا، قابلتنا بغدر ثقيل، سكين ينسل دون وعي في أعماقنا، بذلنا في سبيلها فبذلت في سبيل غيرنا، حاربنا.. آمنا.. ظننا أن الأرض أم لا تقوى على استنزاف أبنائها..فاستنزفتنا! سقينا آمالنا فيها..لكن الذل والخيبة كانا كل ما جنينا.

نشق طريقنا عاقدين الأمل على الغد الذي طال انتظارنا لشروقه، نضع صوب أعيننا ما أوصانا به أجدادنا، أن لا تتركوا أرضكم للخائنين المعتدين، أن أحبوا أرضكم حد النخاع وموتوا لأجلها، فالموت جائز في سبيل الدين والوطن! لكن الوطن لم يخدم في شيء كفاحنا! كالريح يدفع خطواتنا، يكرهنا على التثاقل، يزلزل عقيدتنا ويهز أركان إيماننا، الوطن يا قوم يرفض بفظاظة خدماتنا، الوطن ينفضنا كالجراثيم الضارة تنقص من مناعته! عن أي شيء يتمنع؟ وكيف لنا أن نتشبث بعد كل ما قوبلنا به؟

كيف لشباب اختلط عليهم كر الجديدين داخل السجون أن يحبوك أيها الوطن؟ وهم ما اقترفوا فاحشة، الإدلاء بالرأي أضحى فاحشة أيها الوطن؟ شباب ناضلوا وكان ذاك ما جازيتهم به.

كيف لأستاذ مرسب أن يحب وطنا سلبه الحق في عيش حلمه وتحقيق مبتغاه؟ كيف له أن يحب الأرض التي مارست عليه الانتهاك والتهكم عن دون وجه حق؟ كيف للذي أمضى سنوات ترعرعه بين طاولات الدراسة، وأتى بقلب سليم يروم خدمة أبناء هذا الوطن، أن يكن المودة للذي صده ورمى بسنوات كده في القمامة؟ رفضت خيرة شبابك يا وطني، جحدت واستفحل فيك الظلم، يموتون أمام عينيك يا وطني وما حركت ساكنا، ألا رأفة بعد الآن في قلبك؟

كيف لشباب اختلط عليهم كر الجديدين داخل السجون أن يحبوك أيها الوطن؟ وهم ما اقترفوا فاحشة،  الإدلاء بالرأي أضحى فاحشة أيها الوطن؟ شباب ناضلوا وكان ذاك ما جازيتهم أيها الوطن، بصقتهم كأنهم سفكوا الدماء، ولا دماء سفكوا غير دماء جرحك الغائر منذ الأزل…
 

كيف لي أن أحبك أيها الوطن؟ وأنا أرى جورك على طفلة صغيرة تقطن في أعالي الجبال، فارقت الحياة بسببك أو بفضلك.. لا طبيب يداوي مرضها، لا دفء يحميها من الثلوج.. لا مدرسة تحتضنها.. غادرت كما أتت، خالية الوفاض! غادرت دون أن تستنكر تدهور حالتك أيها الوطن.

هل الأرض أصبحت فاسدة؟ أم أن الذي يزرع غمرها فسادا؟ لا أدري أيها الوطن هل أشكيك؟ أم أجعلك تشكي لي، لا أدري ما أفعل وأنا التي تتحرق أن تراك يوما كما تريد.. رافعا رأسك لا تنزل من قيمتك شائبة..

أيتها الأرض.. أحبينا.. بلا عقد! أحبينا دون أن نكون أبناء فلان! أحبينا فقراء كنا أم أغنياء، أحبينا بقدر ما كنا يوما نحبك.. أحبينا.. فالبذل من جهة واحدة منقطع لا محالة! أحبينا.. بلا عقد.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.