شعار قسم مدونات

آلهة الكوكب.. كالبنيان المرصوص

blogs - ناس في الشارع
حكومات العالم جميعها بدون استثناء تعتمد الكذب والتدليس على شعوبها كاستراتيجية ثابتة لحكم بلدانها، ليس هناك فرق بين دولة ديموقراطية، علمانية أو شمولية أو أوليغارشية أو بين نظام جمهوري أو ملكي، الجميع يحكم بالكذب، والإعلام العالمي أصبح أكبر وأضخم مضخة للأكاذيب والأساطير الحديثة، لقد اتسع البون بشكل فظيع بين حرية الإعلام وحرية الاتصال، إلى حد أن أصبحت حرية الإعلام مرادفا لتزييف الحقائق وتزويرها، ومنع الجمهور من الاتصال بالحقيقة وبالمعلومة أيا كان نوعها وموقعها إذا ارتبط ذلك بآليات إدارة الحكم ومصالح الحكومات ومن يدور في فلكها من دوائر المال.
الواقع أن شعوب العالم اليوم تم الحظر على وعيها، وسلب منها أهم حق وأساس كل حق آخر، هو الحق في الاتصال بالمعلومة الحقيقية، إن كل ما تستهلكه الجماهير اليوم هو معلومات معلبة معاد إنتاجها من قبل حراس البوابة، لأهداف محددة مسبقا، هو منع الشعوب من التحرر الحقيقي وإحكام قبضة آلهة الكوكب على خناقها.

إن الوضع بلغ من البؤس والابتذال إلى الحد الذي يجعل الملاحظ ينظر إلى محاولات تحرر الشعوب اليوم في المنطقة العربية مثلا بكثير من اليأس والإحباط، لأن الذي يقتل الشعب في سوريا واليمن ومصر وغيرها من الأقطار، ليس في الواقع تلك الحكومات القطرية، إنما هي حكومة كونية واحدة، تقاتل صرخات الحرية في حرب استباقية، وجبهة متقدمة، لإدراكها أن تحرر المصري وتحرر اليمني في هذا الوقت هو تنبيه للأميركي والفرنسي والياباني ودول الحرية الزائفة.

ليس هناك محور للحرية والديموقراطية في أميركا والمملكة المتحدة، ضد محور للشر في إيران وسوريا، فكل حكومة اليوم هي عضو دائم في محور الشر المسلط على الشعوب دون تمييز لعرقها.

إنهم واقعون هم أيضا تحت نفس ظروف الاستبداد ومخرجاته، ولكن بأدوات أكثر نعومة وخيوط خفية أقل فجاجة، والدليل أن أي محاولة قد يقوم بها الياباني أو الكندي أو الأميركي لمحاولة الاتصال بالحقائق ستجابه بنفس درجة العنف التي جوبه بها الثائرون ضد القذافي، وضد السيسي.

وكما أن المواطنية الغربية تفترض أن التعدي على حق أي فرد من الشعب هو تعد على حقوق كل أفراد الشعب، عليهم أن يدركوا أن الحكومة الكونية تنظر إلى كل شعوب المعمورة بنفس مستوى الامتهان والإخضاع، لهذا فالتعدي على حق الفرد المصري أو السوداني أو البورمي هو في واقع الأمر تعدي على حق كل إنسان على سطح هذا الكوكب، ليس بالمعنى الإنساني فقط، وإنما بالمعنى السياسي الحرفي لهذه الكلمة، آن الآوان لشعوب الأرض أن تدرك أن معركة الدفاع عن حقها في الوجود والحرية مندلعة فعلا هناك في الفلبين، وفي بورما وفي ليبيا، وفي الجزائر وفي اليمن.

ليس هناك محور للحرية والديموقراطية في أميركا والمملكة المتحدة، ضد محور للشر في إيران وسوريا، فكل حكومة اليوم هي عضو دائم في محور الشر المسلط على الشعوب دون تمييز لعرقها أو دينها أو معتقدها أو موقعها أيا كان.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.