حركة حماس اليوم، رغما عنها، تقود حركات التحرر والانعتاق البشري من ظلم العقليات التي تختزن امتهان الآخرين، حماس اليوم، وبقدر ما تتعرض له من تحييد أو محاولات التحييد. |
وحركة حماس تتصدر الذين يحملون على أكتافهم وفي صدورهم هم التحرير وعبء عودة الفلسطيني إلى وطنه، إذ طريقها وأدبياتها وعقيدتها وعلاقاتها الاقليمية والعالمية قائمة على هدفها المعلن بوضوح دون مواربة، وهو تحرير الأرض من غاصبها، وعودة الفلسطيني المشرد المشتت إلى وطنه.
ترمب إذ يجرم حركة المقاومة حماس، ويضعها في خانة الإرهاب يرتكن إلى عقلية المحتل التي تُشَكّل فكره، فهو يقيم على أرض انتقلت إليه بميراث الدم والسلب، ونَمَى مالُه من دماء الهنود الحمر أصحاب الأرض الأصليين، وسيطر جده ترامب الأول على الأرض بجميع الطرق غير المشروعة من قتل ومخدرات، ودانت له البلاد والعباد، وهذه التجربة الناجحة هناك يصور له خياله أنها يمكن أن تنجح في فلسطين، وإذ لم يقرا تاريخنا، فإنه يسهل عليه اتخاذ قرار تجريم الحركة، استنساخا لتاريخه الأول على قومٍ الموت في سبيل الله أسمى غايتهم.
فلسطين ليست أمريكا، فلسطين مقدسة بنصوص الكتب السماوية، والدفاع عنها طريق إلى الجنة في الآخرة، ودرب العزة في الدنيا، والفلسطينيون ليسوا هنودا حمرا يمكن أن يباعوا بأعراض الدنيا كلها، ولا تَقبلُ عقليتُهم، ولا يمكن تصور أن تقبل وطنا غيره، فهي تنتقل بالشيفرة الوراثية في جيناتهم التي لا تغيرها الحوادث ولا تنسخها الأزمنة.
ليسوا هنودا حمرا، فأبناؤهم وأبناء أبنائهم على أي شبر من الكرة الأرضية يغنون لفلسطين أنشودة العودة وترقب الوصول إلى ترابها، ما ذاك إلا لأن الدم الذي يجري في عروقهم هو دم فلسطيني، وأجسادهم مختومة بشعار الأقصى، وعيونهم كليلة عن رؤية أي مكان بعين الرضا إلا فلسطين.
حركة حماس اليوم، رغما عنها، تقود حركات التحرر والانعتاق البشري من ظلم العقليات التي تختزن امتهان الآخرين، حماس اليوم، وبقدر ما تتعرض له من تحييد أو محاولات التحييد، تتمدد لتملأ جوف البشرية دروس الثبات على الحقوق البشرية، ودروس التوجه الصحيح الحصري نحو العدو المباشر، وتسير في دربها ومن حولها البشرية بكل أديانها وأطيافها وامكنتها لإعلاء قيمة الإنسان، وتحرير الأوطان، وإعادة أبنائها، أبناء الأرض الفلسطينية، إلى أرضهم، ومعاونة المظلومين تحت أي سماء وفوق أي أرض، من خلال دروسها ومنهجها ووضوحها وشفافيتها.
فلسطين ليست أمريكا، فلسطين مقدسة بنصوص الكتب السماوية، والدفاع عنها طريق إلى الجنة في الآخرة، ودرب العزة في الدنيا، والفلسطينيون ليسوا هنودا حمرا. |
لقد مر على فلسطينَ الإنسان، وفلسطينَ التاريخ، وفلسطينَ الديانات، وفلسطينَ الشجر والحجر، مر ترامبات كثر، طواهم القدر وبقوا في التاريخ أسطرا بلا قيمة، وبقيت فلسطين والفلسطينيون يمرحون على صفحات عزة التاريخ، سكنوا فلسطين أم خارجها.
ترمب التاجر الذي يريد أن يصنع من منطقتنا أمريكا جديدة قائمة على إبادة الشعب الفلسطيني بحاجة إلى من يَصْدُقه النصيحة، بل بحاجة إلى من يضعه على سكتي الحقيقة ليمشي حيث يجد له متسع، ولا متسع له في أرضنا المقدسة ولا لمن يدعمهم، وإنا وإياهم لعلى طريق الحق والعدل والتضحية.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.