شعار قسم مدونات

اعبدوه بذكاء

blogs - القرآن
ما فائدة ذلك العقل العبقري إن لم يرفعني درجات عند الله؟! ما فائدة ذلك الذكاء إن لم يجعلني أقرب إلى الله؟! ما فائدته إن لم يجعلني مميزا في الملأ الأعلى؟! أنا بالتأكيد لا أهمش ذكائنا في التعامل مع أمور الحياة الدنيوية فقد خلقنا الله لنعمر الأرض بعقولنا التي ميزنا الله بها عن باقي مخلوقاته، لكن لا نغفل عن استخدام ذلك الذكاء لأجل الهدف الأول لخلقنا (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ). السؤال المتبادر في الذهن الآن كيف نستخدم ذكائنا في عبادته سبحانه؟ سأسرد بعض الأمثلة ولك أن تقيس عليها:


أصلحوا النيات.. فبصلاح النية يرتفع الانسان..

إذا رأيت فقيرا دعوت له بالغنى.. وإن رأيت متبرجة أدعو الله لها بالهداية.. إن رأيت مريضا رجوت له الشفاء.. ولو رأيت شخصا ذاهبا لعمله أدعو له بالبركة.

فعلى سبيل المثال عندما يجلس الإنسان على مائدته ليأكل.. يتجه بقلبه لله وينوي أن يكون طعامه امتثالا لأمر الله (كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ)، وينوي به التقوي على تأدية أعماله المنوطة به على أكمل وجه (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه.)، وينوي أن يستشعر الشكر والامتنان لله الواحد بأن أعطاه هذه النعمة حيث أن الكثير محروم منها.(وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ).

هذا ما أستحضره من النيات عند جلوسي لأتناول الطعام.. وربما يكون هناك من هو أذكى مني ويستحضر نيات أكثر.. مما يعني إغداقا في الأجور وارتفاعا في المنزلة، بل وربما يجلس أكثر من شخص على المائدة. أحدهم يرتفع عند الله وسجله يملأ بالحسنات مع كل لقمة يرفعها لفيه، وآخر على نفس المائدة لا تكتب له حسنه ولا ترفع له درجه، مجرد نية تحول عاداتك التي عليك تأديتها، طريقا لعلو منزلتك.. هذا هو الذكاء الذي نتكلم عنه.

قس على ذلك.. نومك، ذهابك لعملك، جلوسك مع عائلتك، تربيتك لأبنائك، خروجك مع أصدقائك، وقوفك في مطبخك وأنت تعدين الطعام لعائلتك، القيام بالتمارين الرياضية، مذاكرة دروسك، ذهابك للجامعة أو المدرسة، مكالمتك في الهاتف، قراءتك لكتاب، عمل برنامجك الغذائي الصحي(دايت)، وغيرها من الأعمال، عدا عن الأجور العظيمة التي ستنهال عليك.. والحسنات الهائلة التي ستكتب في سجلك.. أنظر للبركة التي ستغمر عملك.. والسعادة والرضى اللذان سيحفانك من كل جانب. فقط استخدم ذكائك في استحضار النوايا ولن تندم..

هناك تجربة لأحدهم سمعت بها وأحببت أن أطبقها، ألا وهي الدعاء لمن أراه في طريقي.. سواء أعرفه أم لا، إذا رأيت فقيرا دعوت له بالغنى.. وإن رأيت متبرجة أدعو الله لها بالهداية.. إن رأيت مريضا رجوت له الشفاء.. ولو رأيت شخصا ذاهبا لعمله أدعو له بالبركة.. أحيانا أرى الشخص فأدعو له أن يحقق أالله أمانيه. جربها..  سيكون لها وقع في نفسك.. عدا أن هناك ملائكة تقول "لك بالمثل".

الذكر من أسهل العبادات وأخفها 
هو توفيق من الله يؤتيه من يشاء من عباده فاحرص على أن تكون من أولئك المصطفين الأخيار، 
مثلا: (سبحان االله وبحمده) كلمات فضلها عظيم.. لكن هناك كلمات إذا أضفتها لذكرك فقد تختصر عليك ساعات من الذكر بل وربما تفوقها أجرا بمراحل، فعن جويرية بنت الحارث رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح وهي في مسجدها ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة فقال: ما زلت على الحال التي فارقتك عليها؟! قالت نعم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضى نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته. كلمات قليلة بقلب صادق تعادل آلاف الأذكار.. وقس على ذلك.
 

مثال آخر: قراءة سورة الإخلاص 3 مرات تعادل أجر قراءة القرآن كاملا.. فلو أردنا أن نحسبها بالأرقام.. معنى ذلك أنك قد كسبت 8ملايين حسنة في أقل من دقيقة.. وكم فرطنا في ملايين كثيرة.. وقس على ذلك..

قم بتحفيظ طفل سورة الفاتحة
قم بتحفيظ طفل سورة البقرة فبهذا العمل سيكون لك الأجر كلما صلى وقرأ بها، إ
رو لصديقك حديثا، علم طلابك خلقا، اغرس في أبنائك قيما.. كل هذا سيؤتي أكله بإذن ربه.. وستضاعف به حسناتك من حيث تدري ولا تدري.. بل وسيستمر حتى بعد وفاتك.. وقس على ذلك.

إذا صادفت مسجدا يبنى فساهم
ساهم بأي شيء حتى لو شربة ماء تسقيها لمن يعمل فيه حينها يكتب لك الثواب كلما صدح الأذان وأقيمت الصلاة في ذلك المسجد، لك أن تتخيل مقدار الأجر العظيم من ذلك العمل اليسير، وقس على ذلك..

قم بتحفيظ طفل سورة البقرة فبهذا العمل سيكون لك الأجر كلما صلى وقرأ بها، إرو لصديقك حديثا، علم طلابك خلقا، اغرس في أبنائك قيما.. كل هذا سيؤتي أكله بإذن ربه.

إذا تبقى طعام بعد الانتهاء من وجبتك، كعظام وبقايا لحم فضعها جانبا ولا تخلطها مع باقي القمامة ثم ضعها بجانب سلة المهملات في حيك لتأكل منها القطط دون أن تتأذى من محتويات القمامة (أكرمكم الله) فبمجرد عملك هذا كتبت لك صدقة، ولا تستصغر هذه الأمور فقد دخلت بغي الجنة في كلب سقته.. وقس على ذلك..
 

أحب الصالحين لتحشر معهم
فعن عبادة بن الصامت قال: قال أبو ذر قلت يا رسول الله الرجل يحب القوم ولا يستطيع أن يعمل كعملهم، قال: "أنت يا أبا ذر مع من أحببت"، وقال أيضا "يحشر المرء مع من أحب"، اختر بذكاء من تريد أن تحشر معه يوم القيامة، فلربما كنت من متواضعي العبادة وشحيحي الحسنات لكنك تصل لأعالي المراتب بحبك ومصاحبتك للصالحين، فاختر من تصاحب بذكاء..

والأمثلة على هذا النوع من الذكاء كثيرة، فبمقدار حبك.. يتقد ذكاؤك.. فتصل لغايتك.. وأختم بقول النبي عليه الصلاة والسلام "ما فضلكم أبو بكر بكثرة صلاة ولا صيام، ولكن بشئ وقر في قلبه"، هذه هي العبقرية في التقرب إلى الله.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.