شعار قسم مدونات

لن أحتفل بذكرى الوحدة اليمنية

blogs اليمن
في المرحلة الابتدائية وحتى نهاية المرحلة الثانوية؛ اعتدنا على ترديد النشيد الوطني صباحاً عند الطابور المدرسي (وحدتي، وحدتي، يانشيداً رائعاً يملؤ نفسي، أنت عهد عالق في كل ذمة)، كانت الوحدة ثابتاً من الثوابت في أذهاننا، غرست منذ الصغر. كنّا ننهي الطابور هاتفين: (الله، الوطن، الثورة، الوحدة). كانت الوحدة راسخة، وأخذت الترتيب الرابع من أولوياتنا. أثناء فترة الراحة، وعند الخروج وانتهاء اليوم الدراسي؛ نخرج من الفصول الدراسية، على صوت الفنان الراحل علي بن علي الأنسي:
"يا ابن السعيدة لا تقل فات القطار أنت القطار بلا محطات انتظار، واصل مسيرتك الفتية في وثوب وانتصار.. وارفع لوحدتك المنار ولك الفخار، ولصانعيها في آزال وفي ظفار"، والتي اعتاد مشرفو ومدير المدرسة على تشغيلها تلك الأوقات. هكذا تعلمنا.

اليوم وبعد أن بدّل الحوثيون الشعار الوطني، شعار الوحدة بشعارهم شعار الموت؛ يحتفلون هم وصالح بيوم تحقيق الوحدة اليمنية؛ ليتاجروا به! وقد تاجروا به؛ ظلّ علي عبد الله صالح طيلة أيام حكمه وإلى اليوم يهتف بـ"الوحدة أو الموت، الوحدة خط أحمر". فيما هو طيلة أيام حكمه وحتى اليوم، يشجع ويدعم الأقليات ومنهم الحراك الجنوبي، لتحقيق مصالحه وصناعة الصراعات التي يرغب بها. كان يمنحهم مساحة لا ليحصلوا على حرية رأي وتعبير؛ بل للمتاجرة بهم وبقضيتهم.

يهتفون بالوحدة أو الموت، يحضر معهم عدد كبير من أكاديميي الجامعة، المحرومون من المرتبات والاستحقاقات، يهتفون معهم: الوحدة أو الموت.

يحتفل علي عبد الله صالح وحزبه المؤتمر بهذا اليوم؛ يلقي صالح خطاباً يعرض على القنوات؛ بصفته "صانع الوحدة" كما يصفه أنصاره، ويصف هو نفسه. قدم يحي الهادي، المذيع في قناة اليمن تقريرا قال فيه: "هكذا حقق فخامة الرئيس علي عبدالله صالح، صانع الوحدة حلم اليمنيين بإعادة تحقيق وحدة الوطن المباركة بالحوار والطرق السلمية". بهذا المنظور يراه أنصاره، فيما لو عدنا للأحداث لوجدنا أن اليمنيين هم من صنعوها وبذلو دماءهم في سبيلها.

على قناة المسيرة، يقول صالح الصماد: "الوحدة اليمنية ظلت الثابت الوحيد على مدى 27 عاماً رغم كل التعقيدات وتحالف العدوان يهدف إلى تفكيك اليمن وتقسيمه إلى كنتونات"، ويواصل قائلاً: "السعودية هي العدو للوحدة والداعم الأساسي للشخصيات والقيادات التي أساءت إلى إخوتنا في الجنوب".

صالح الصماد، يتاجر أيضاً بالقضية، هو نفسه المهتم بالوحدة اليمنية؛ رئيس المجلس السياسي الذي أسسه الحوثيون وصالح، والذين أدخلوا الجنوبيين في حرب لم تنته تبعاتها إلى الآن، ومن مصلحته هو ومجلسه إعلان الانفصال من الجانب الجنوبي؛ لينفرد هو وجماعته بحكم الشمال.

يحتفل الحوثيون وصالح يوم 22 مايو، بإحدى قاعات جامعتي، يأتي وفدهم، وأعضاء السلطة المحلية، ويحولون صرحاً تعليمياً إلى ساحة لإظهار حقدهم والتّغني بشعاراتهم. يهتفون بالوحدة أو الموت، يحضر معهم عدد كبير من أكاديميي الجامعة، المحرومون من المرتبات والاستحقاقات، يهتفون معهم: الوحدة أو الموت.

أذهب إلى الجامعة، لا للمشاركة في الفعالية؛ بل أجلس في كرسي قاعتي الدراسية، لن أحتفل، لن أهتف.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.