شعار قسم مدونات

رؤية نقدية للقمة العربية الإسلامية الأمريكية

مدونات - القمة العربية الأمريكية

شعرت بالغثيان عندما فاز ترمب في رئاسة أمريكا، حيث أن ترمب المرشح كان يمثل وبجدارة صورة عدوانية للمتطرف اليميني المعادي للإسلام والمسلمين، ولم يكن في تصور أحد كمية السوء التي ستحدث إن تمكن من السلطة. الحقيقة التي تكشفت بعد أشهر قليلة من حكمه أنه رجل وبالرغم مما فيه من تعصب وتطرف يميني إلا أن أفاق الحوار لديه مفتوحة ويمكن الاتفاق معه، بل ويمكن إيجاد سبل للتعاون خصوصا باستخدام الأسلوب الذي يتوافق مع عقليته التجارية.
 

سياسيا: يمكن القول أن الاتفاق التاريخي مكننا من جعل أكبر وأقوى دولة في العالم في الصف العربي وبالضد من إيران، هذا الاتفاق كان صريحا في مواجهتها لأنها لم تُدعَ له ولا أيٍ من حلفائها، بل حتى الرئيس اللبناني القريب من إيران تم استبعاده، فالرسالة واضحة هذه القمة هي ضد مصالح واستراتيجيات إيران.
 

الغير إيجابي في الموقف هو تصريح ترمب الذي ساوى بين حماس والجماعات الإرهابية المتطرفة داعش والقاعدة وحزب اللات، واستثنى بالمقابل إجرام وإرهاب الصهاينة، هذا التصريح له أثرٌ سلبي بالنسبة للموقف العربي تجاه القضية الفلسطينية.

كما أن هذه القمة جعلت من المملكة العربية السعودية الدولة المحورية القيادية في المنطقة العربية والإسلامية، فقد طرحت عهد أوباما السلبي الذي أضر بنا وبمنطقتنا العربية.
 

اقتصاديا: الاتفاقات حملت في طياتها الكثير من الايجابيات فقد فتحت آفاق تعاون كبيرة وفي مجالات اقتصادية عديدة بين المملكة والولايات المتحدة، حيث تتصف بأنها طويلة الأمد، وتربط الاقتصاد السعودي بالاقتصاد الأمريكي، وهو بحد ذاته أمرا إيجابي، فأمريكا صاحبة أكبر اقتصاد في العالم وتتحكم في مفاصل هذا الاقتصاد بليونة ومرونة كبيرتين، والمنتظر الكثير من العوائد والفوائد للبلدين، حيث يجلب هذا التعاون الكثير من الشركات للبلد وينقل العديد من التقنيات الحديثة والصناعات على السواء.
 

أما الذي يدعو للتساؤل في الجانب الاقتصادي هو المبالغ الضخمة التي حددها الاتفاق، مبالغ لم يسمعها التاريخ في مجال الاتفاقات الاقتصادية فهي الأكبر في تاريخ البشرية، كيف سنتمكن من توفير هذه المبالغ الكبيرة إذا حدثت أيّ أزمة اقتصادية أو أصاب أسعار النفط انخفاض؛ هنا يقع المحظور ونكون رهن الاتفاقيات مع أمريكا.

عسكريا: فقد تغير الموقف الأمريكي العسكري، أمريكا لن تحارب عن أحد بعد اليوم تريدنا أن نحارب بأنفسنا مقابل تقديم أنواع من الدعم الفني والعسكري فهي تريد شريكا عسكريا، شريكا فعليا موجودا على الأرض، هذا بحد ذاته خطوة في الاتجاه الصحيح إذا ما قلنا أنها ستنقل خبرات وقدرات عسكرية كبيرة، أولها لربما وكما جاء في الاتفاق، بناء مصانع للسلاح بعقلية التصنيع المزدوج وستبتدئ بتصنيع طائرة بلاك هوك وغيرها. هذه الاتفاقات سترفع من القدرات التصنيعية السعودية خصوصا بعد نجاح اتفاقات سابقة مع تركيا وباكستان، إضافة إلى صفقات الأسلحة النوعية التي تدخل لأول مرة في المنطقة، مما سيضيف تفوقا عسكريا كبيراً خصوصا ضد البعبع إيران.
 

لا ينبغي الاتكال الكامل على أمريكا ووضع البيض كله في سلة واحدة، وأخيراً ننتظر تنفيذ الوعود وترجمتها على الأرض وألا تبقى تصريحات وسباب يوجه إلى إيران وينتهى بنهاية وقته الزمني.

لكن الغير إيجابي في الموقف هو تصريح ترمب الذي ساوى بين حماس والجماعات الإرهابية المتطرفة داعش والقاعدة وحزب اللات، واستثنى بالمقابل إجرام وإرهاب الصهاينة، هذا التصريح له أثرٌ سلبي بالنسبة للموقف العربي تجاه القضية الفلسطينية، قضية الأمة العربية، كما أن الاتفاق ربما حول محور القضية العربية من فلسطين إلى إيران الأمر الذي قد يبعد أنظار الامة العربية عن فلسطين، المطلوب الموازنة بين قضايا الأمة العربية والإسلامية.

وبالرغم مما نكن لإيران من عداء وما لها من مواقف استعمارية وتوسعية في منطقة المشرق العربي، وما أجرمت في هذه البلدان وما خلفت من جحيم كبير، إلا أن قضية فلسطين وقضية الأقصى تبقى ولن تزول قضية الأمة الإسلامية والقضية المحورية للعالم، وبوصلة القوى للدول المتحكمة والمتنفذة.
 

في المجمل الاتفاق إيجابي ويجب التعامل معه بإيجابية، فهو فرصة وبداية لتصحيح أوضاع المنطقة بعد أن لعبت بها أيادي أوباما وإيران فعاثت فيها فسادا، لكن بذات الوقت لا ينبغي الاتكال الكامل على أمريكا ووضع البيض كله في سلة واحدة، وأخيراً ننتظر تنفيذ الوعود وترجمتها على الأرض وألا تبقى تصريحات وسباب يوجه إلى إيران وينتهى بنهاية وقته الزمني.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.