شعار قسم مدونات

الاستباقيون.. الملهمون

مدونات - النجاح

دعت الجامعة مائة طالب لحفل التخرج النهائي، لكنها سألتهم جميعاً سؤالا واحداً.. ماذا تأمل أن تكون بعد 10 سنوت، فجاءت الإجابة فقط من 10 طلاب. وبعد مضي العشر سنوات قامت الجامعة بدعوة المائة خريج مرة أخرى، وأعادت السؤال بشكل آخر: ماذا حققت خلال العشر سنوات، فجاءت الإجابة كالتالي:

أن الـ 10 الطلاب الذين أجابوا في السابق حققوا 90 في المئة مما أرادوا، أما الـ 90في المئة فكانوا نتاج الواقع المتغير الذي كانوا مجرد رد فعل له. ووجدت الجامعة كذلك أن 90في المئة من الثروة لدى الـ100 خريج، غالباً تركزت في يد الـ10في المئة.

إن صنع المستقبل سمة الاستباقين الذي لا ينظرون تحت أقدامهم، ولا يقضون حياتهم في مراوحة مكانهم دون أثر. بل المستقبل رهن أولئك الذين يحسنون نسج خيوطه، ويقدمون قراءتهم له، واستعدادهم لخوضه.
 

النجاح مرهون بحسن صناعة المستقبل، والحرص على الإعداد له، والانشغال به، وحسن الاستعداد له. ونُسب إلى الإمام علي ابن أبي طالب قوله: "ربوا أبناءكم على زمانهم لا على زمانكم فإنهم ولدوا لزمان غير زمانكم".

ولعل المنهج القرآني يعلمنا الانشغال بالمستقبل، حين لفت انتباه المسلمين في قوله تعالى: "الم. غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ"، رغم أن المسلمين في هذا الوقت كان أقصى أمانيهم أن يأمنوا على دينهم. لكن من كان يريد أن يكون مؤثرا فاعلا فعليه أن ينظر للمستقبل وأن يجعل حراكه له وتفكيره فيه.

وإذا كان ذلك نهج قرآني، فلا غرو حين نجد النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وهو في غزوة الأحزاب محاصر من كافة جهات المدينة، لكن عينه على هذا المستقبل المشرق لهذا الدين، حين يبشر صحابته فيقول حين اعترضت أحد الصحابة صخرة فأمسك بمعوله وقال: بِسْمِ اللَّهِ، فَضَرَبَ ضَرْبَةً فَكَسَرَ ثُلُثَ الْحَجَرِ، وَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الشَّامِ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُبْصِرُ قُصُورَهَا الْحُمْرَ مِنْ مَكَانِي هَذَا.. ثُمَّ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ، وَضَرَبَ أُخْرَى، فَكَسَرَ ثُلُثَ الْحَجَرِ، فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ فَارِسَ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُبْصِرُ الْمَدَائِنَ، وَأُبْصِرُ قَصْرَهَا الْأَبْيَضَ مِنْ مَكَانِي هَذَا.. ثُمَّ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ، وَضَرَبَ ضَرْبَةً أُخْرَى، فَقَلَعَ بَقِيَّةَ الْحَجَرِ، فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الْيَمَنِ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُبْصِرُ أَبْوَابَ صَنْعَاءَ مِنْ مَكَانِي هَذَا.

إن النجاح مرهون بحسن صناعة المستقبل، والحرص على الإعداد له، والانشغال به، وحسن الاستعداد له. ونُسب إلى الإمام علي ابن أبي طالب قوله: "ربوا أبناءكم على زمانهم لا على زمانكم فإنهم ولدوا لزمان غير زمانكم".

إن آفة الواقع الصعب الذي نحياه أن الجميع لا هم له سوى وصفه، وانتقاده، بل ولعنه، حتى بتنا لا ندري من المتسبب فيه! ووصل الأمر أن الأمر انسحب على المسؤولين سواء كانوا في المؤسسات الحكومية أو المؤسسات المدنية أو حتى الحركات والجماعات، فمن إذن يقع على عاتقه الخروج من هذا الواقع، ومن يقع عليه أن يقدم حلاً، ومن يقع عليه أن يكتب نصراُ ويخطو خطوة لتغيير هذا الواقع.

التغيير المنشود لن يكون إلا من الشباب، ولن يقع على عاتق أحد مثلما يقع على عاتق الشباب الذي تتحلى روحه بالطموح والأمل والإقبال على المستقبل بعقل منفتح وروح مشرقة.

وأخطر سمة في هذا الواقع أن آفة التوصيف غدت سمة لدى كثير من الشباب دون سعي إلى التغيير أو خلق حالة نجاح على المستوى الشخصي أو المستوى المهني أو الحرص على ابتكار منصات جديدة للإصلاح المنشود.

إن التغيير المنشود لن يكون إلا من الشباب، ولن يقع على عاتق أحد مثلما يقع على عاتق الشباب الذي تتحلى روحه بالطموح والأمل والإقبال على المستقبل بعقل منفتح وروح مشرقة.

إن شركة عريقة مثل نوكيا غدت أقرب ما يكون أثراً بعد عين، وذلك بعد أن كانت رائدة الشركات في صناعة الهواتف، لكنها راوحت مكانها ولم تأخذ المستقبل بعين الاعتبار، ولا خصصت من كفاءاتها وقدراتها لحسن التدبير والتخطيط لصنع المستقبل. فباتت يكاد لا يسمع عنها في عالم التكنولوجيا بعد أن ملأت السمع والبصر.
 

على المصلحين، أن ينشغلوا بسؤال: أين وكيف سيكون حالكم بعد 10 سنوات!.. فالمستقبل عهدة الاستباقين فقط.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.