شعار قسم مدونات

لماذا لم يحترف عموري وأمثاله؟

blogs عمر عبد الرحمن لاعب الإمارات

صحيح أنّ عموري وأمثاله في الكُرة الخليجية صنعوا المجد في بلدانهم، إذ فازوا بعدة ألقاب محلية وتوج البعض منهم بجائزة أفضل لاعب في أسيا، لكن ورغم ذلك، يبقى من الصعب تقبل فكرة أنّ لاعبين مثل عموري لم يحترفوا في أوروبا، من باب "ولم أرى في عيوب الناس عيبا .. كنقص القادرين على التمام". 

الرواتب الخيالية
في البداية دعونا نتفق على أن الرواتب الخيالية في الخليج، ساهمت بشكل كبير في عدم احتراف اللاعب الخليجي، بغض النظر عن موهبته. إذ يصل الراتب السنوي لنجم العين الإماراتي عمر عبد الرحمن إلى 14 مليون درهم إماراتي وهو يقارب 3.5 مليون يورو، حسب تقارير أوردتها بعض الصحف الإماراتية.  ويتجاوز هذا الراتب ــ راتب عموري ــ رواتب عدة لاعبين كبار من برشلونة وريال مدريد، مثل الألماني تيرشتيغن حارس برشلونة، وكارفخال وإيسكو لاعبي ريال مدريد، الذين لا تتجاوز رواتبهم 3 ملايين يورو. الأموال سبب صريح، وبالتأكيد هناك أسباب أخرى، فما هي تلك الأسباب؟

الرغبة والشغف والطموح 

لو كان عموري شغوفا بالاحتراف أو كانت لديه الرغبة الكبيرة التي يصاحبها الاستعداد للتضحية، لكان قد قبل أحد العروض التي تلقاها قبل سنوات من فرق أوروبية، ولكنه فضّل النجومية في الخليج على ركوب الأمواج وخوض المغامرة

هذه أشياء لا تشترى بل تولد في بعض الأشخاص، وعندما تتوافر ــ الرغبة والشغف والطموح ــ في أي لاعب، فإنه ينسى العروض المالية المغرية، ويفكر فقط الطريق الذي سيوصله إلى الاحتراف، ليصبح لاعبا كبيرا، لا نجما في السوشيال ميديا. على سبيل المثال عمر عبد الرحمن، لا يختلف اثنان على موهبته وقدراته، خصوصا أنّ موهبته ظهرت في سن مبكّرة، لكن البعض يرى أنه ليس على استعداد للتضحية من أجل أن يحترف في أوروبا.

لو كان عموري شغوفا بالاحتراف أو كانت لديه الرغبة الكبيرة التي يصاحبها الاستعداد للتضحية، لكان قد قبل أحد العروض التي تلقاها قبل سنوات من فرق أوروبية، ولكنه فضّل النجومية في الخليج على ركوب الأمواج وخوض المغامرة.  وليس عموري وحده، فهناك كثير من المواهب الضائعة في الخليج، وخاصة في منتخب الإمارات، الجيل الذهبي الذي قاده مهدي علي المجد حين حقق معه كأس الخليج آسيا للشباب، ثم كأس الخليج مع المنتخب الأول والوصول إلى نصف نهائي كأس آسيا 2015 بأستراليا، وهي مشاركات، شهدت تألق كل من أحمد خليل، علي مبخوت، عامر عبدالرحمن، وهي مواهب كان بإمكانها أن تحترف. على سبيل المثال أحمد خليل، في وقت من الأوقات، كانت لديه كل الإمكانيات ليلعب في أحد الدوريات الأوروبيات، دون نسيان المهاجم علي مبخوت هداف كأس آسيا الأخيرة.

مشكلة اللاعب الخليجي 
في حوار قديم نقلته صحيفة الاتحاد الإماراتية، أكد اللاعب القطري السابق حسين ياسر المحمدي أن اللاعب الخليجي ليست لديه الجرأة لخوض تجارب جديدة في بلد غريب. وتقول تجارب الاحتراف القليلة بأن اللاعب الخليجي يجد صعوبة بالغة في التأقلم مع أي ظرف مختلف عن ذاك الذي عرفه في منطقة الخليج. فعلى سبيل المثال، عرف سامي الجابر في التسعينات أجمل أيامه، كان يتألق بشكل لافت، لكنه لم يستطع أن ينجح مع ولفرهامبتون في أول تجريه احترافية له مع النادي الإنجليزي. 

بالنسبة للفئات العمرية في الخليج، يتوقف النشاط الكروي لعدة أشهر في الصيف. هذا يؤثر بشكل قوي على تكوين وبنية اللاعب فيما بعد

اسم آخر وهو أسامة هوساوي، ذلك الذي ظهر بشكل لافت مع منتخب الأخضر والهلال السعودي، فشل في التأقلم مع الكُرة الأوروبية وعاد سريعا بعد موسم واحد قضاه مع أندرلخت لم يشارك فيه سوى في مباراة واحدة طوال موسم 2012-2013 مع النادي البلجيكي. وفي تصريح قديم للمدرب برونو ميتسو، ذكر المدرب الفرنسي أسباب عدم قدرة اللاعب الخليجي على التأقلم مع ظروف أخرى وخوض تجارب جديدة خارج منطقة الخليج، حيث قال فيما قال: "الأكاديميات في الخليج لا تعمل على زرع الطموح والرغبة في الاحتراف، في نفوس الصغار".

من هنا يمكننا أن نفهم بأن اللاعب الخليجي لم يتم تكوينه بالشكل الكافي في فترة إعداده عندما كان دون سن الـ 18. عندما نتحدث عن اللاعب الخليجي فإننا نتحدث بشكل عام وعندما نقوم بالتعميم فهذا يدل على أن المنظومة الكروية في غالبية دول الخليج بحاجة إلى إعادة هيكلة، كما يرى معظم المدربين الأجانب الذين عملوا مع أندية خليجية. إضافة إلى ذلك تحتاج ــ المنظومة الكروية ــ إلى رسم خطة واضحة المعالم للاستفادة من المواهب المدفونة في المنطقة. بالنسبة للفئات العمرية في الخليج، يتوقف النشاط الكروي لعدة أشهر في الصيف. هذا يؤثر بشكل قوي على تكوين وبنية اللاعب فيما بعد. 

بالمقابل في أوروبا، تعمل الأكاديميات طوال العام، دون توقف في الصيف أو الشتاء، من أجل تطوير الناشئين وصقل المواهب، لأن الموهبة لا تصقل إلا بعد سنوات طويلة من الجهد والعمل الشاق، ليس فقط على الصعيد البدني، بل على الصعيد الذهني والفني، مع اتباع برامج للتغذية، من أجل الحصول على أعلى لياقة بدنية ممكنة، حتى يتمكن اللاعب من إخراج كل ما لديه ويكون قادرا على اللعب والاستمرار في الملاعب لأكثر من 10 سنوات بمستوى عال، بخلاف ما نراه في دول الخليج.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.