شاهده العالم يطرد مواطنة أميركية مسلمة لإنها تلبس الحجاب في إحدى حملاته الانتخابية.. وسمع العالم العربي على الملأ بيعة الفريق الرئاسي الذي أعده لإسرائيل.. بدءا من نائبه مايك بنس وتتابعا بجنرالاته.. هذا الكره الذي نفثه في أسابيعه الأولى كشفه للعالم، لكن سرعان ما بدأت فوهة النار تصغر وتخبئ وقودها..
لن استغرب أن تلبس "ميلانيا" أو "بيانكا" الحجاب وتنزل من الطائرة، وتضع رخصة قيادة السيارة رهن الحجز لحين العودة.. وتجلس في مقطورة الكاديلاك السوداء. |
المواقف واضحة والطبع يغلب التطبع! لكن للإجابة على هذا السؤال كان لابد من تفسير مصطلح جديد أدخله دونالد ترامب بتوليه رئاسة الولايات المتحدة الأميركية وهو السياسة بمنظور جديد.. منظور رجل الأعمال والصفقات.. ولفهم مبدأ السياسة الجديد، علينا أولا أن نفهمه من منظور علاقة إدارة ترامب مع الاتحاد الأوروبي..
فلقد أيد الرئيس ترامب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وجعل من الحركات الشعوبية الانفصالية لليمين المتطرف الأوروبي امتدادا له في السعي إلى تفكيك الاتحاد الأوروبي.. وما كان من فشل هذه الحركات إلا فشل إضافي يضاف لرصيد المائة يوم من حكمه.
إذا مع ترامب وعقلية رجل الأعمال.. ليس هناك غرب وحليف واتحاد ودين وسياسات مشتركة، بل هناك خصم ومنافس بقواعد الربح والخسارة.. ولقاء ترامب العملاق الأوروبي ميركل كشفته عدسات الكاميرات للجميع.. لم يخرج رجل الأعمال مع خصم باتفاق مرضي.. ونسيت ميركل فاتورة الرقم المهول على طاولته.. وتناسى ترامب مصافحة اليدين..
بهذة الصورة.. لن استغرب أن تلبس ميلانيا أو بيانكا الحجاب وتنزل من الطائرة وتضع رخصة قيادة السيارة رهن الحجز لحين العودة.. وتجلس في مقطورة الكاديلاك السوداء.. وما سخريتي إلا على هؤلاء الذين استغربوا من لباسهم المحتشم.. لن أستغرب.. فالحديث الذي قاله ترامب في الطائرة.. سمعته عن بعد.. هكذا تكون الصفقات حتى أني لا أتذكر الأرقام.. ولو جاء بنس معي للبس الحطة والعقال..
يا تيلرسون سنرقص اليوم معا ونرفع السيف العربي عاليا.. صفقة كبيرة وبرقم مهول وعلى طبق من ذهب. نعم هذه هي عقلية رجل الأعمال.. يبيع كل شيء من أجل صفقة. ومن أجل صفقة يتلون طولا وعرضا.. ويلون سياساته كما اليوم براية الحرب الإسلامية الخضراء التي شن عليها الحرب هو نفسه بالأمس.. نعم لقد تطبع ترامب اليوم.. ولكن طبعه سيغلبه مع الأيام.. مع الأيام..
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.