شعار قسم مدونات

يا مسلمي العالم اتحدوا

مدونات - ضد الظلم

لطالما كانت دولة الإسلام في سجال مع الباطل فالحق هو الحق بما جاء به هذا الدين الحنيف والباطل هو الباطل في شتَّى صوره وأشكاله، فسواء كان الباطل هو أبو لهب أو مسيلمة الكذاب أو المرتدين أو الصليبيين أو التتار أو غيرهم الكثيرين الذين ذكرهم التاريخ ولكن لفظتهم الأيام فرحلوا وبقي الإسلام منارة في بحار الظلمات كما نشأ أول مرة وبقي حياً لا يموت.

أكتب مقالي هذا في السادس من مايو للعام ألفين وسبعة عشر ميلادية وهو يوم آخر من أيام الذل والدمار التي أصيبت بها دولة الإسلام وهو يوم آخر من أيام الإهانة والشعور بالخور والهوان التي أصابت المسلمين في بقاع الأرض وفيها ومنذ ذلك الحين أصبحت دماء المسلمين أرخص الدماء تُراق بلا حساب وتُهدر بلا رقيب.

والأيام التي نعيشها اليوم ليست إلا وليدة أيام خلت لم نكن بشخوصنا نعيشها ولكننا نعيشها بتاريخ دولتنا وحضارتنا كما يعيشها أعداءنا اليوم بمخططات أجدادهم الذين أدركوا أياماً بلغ فيها الإسلام ذروة عزه بتحقيق وعد النبي الكريم بأن القسطنطينية سوف تُفتح على يد قائد مسلم هو نعم القائد وجيشه هو نعم الجيش، ومنذ ذلك الحين بدأت أوروبا بفهم أمر مهم وهو أن هؤلاء المسلمون لا يمكن هزيمتهم هزيمة عسكرية محضة تقضي على حضارتهم فلا تقوم لهم من بعدها قائمة ومما عقلوه بعد بحث وتمحيص عن أسباب القوة التي يتحلى بها هؤلاء المسلمون هو تمسكهم بالقرآن الكريم وسنة النبي الكريم فتراهم يُقبِلون على الموت لا يخشونه أبداً ولا ينظرون خلفهم إطلاقا، ومنذ ذلك الوقت تغيَّرت استراتيجية أولئك الغربيين في حربهم مع دولة الإسلام.

حان الوقت الذي ننفض فيه الغبار عنا ولنتحرك بروح أولئك الذين حفروا الخندق وهم يربطون الحجارة على بطونهم وأولئك الذين دكوا أسوار القسطنطينية بأرواحهم قبل مدافعهم، وحتما فإرادة الشعوب أقوى من مؤامرات المتآمرين.

إذن فهذه هي بداية التجهُّز للغزو الفكري والعمل على تشكيك المسلمين بمسلمات دينهم وزعزعت العقيدة في نفوسهم، وهكذا استمروا على نهجهم بنفس طويل وصعدوا شيئا فشيئا في سلم أهدافهم وإنجازاتهم حتى وصلوا إلى أواخر أيام الدولة العثمانية فأضعفوها وصفعوها من الداخل وتغلغلوا فيها حتى أصبح المتنفذين فيها وأصحاب الحكم من أتباعهم فأحكموا قبضتهم حول عنق الخليفة نفسه وهو السلطان عبدالحميد، وكان من أعظم إنجازاتهم أن أدخلوا نظام البرلمان إلى نظام الحكم فتجد اليهود والصليبيين يتحكمون بقرارات إمبراطورية إسلامية عظيمة، وقبل أن يتم خلع السلطان عبدالحميد الذي يُعد تمهيداً لإنهاء الخلافة الإسلامية كان يخاطب المسلمين بقولته الأثيرة "يا مسلمي العالم اتحدوا" ثم وبعد إقحام الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى من خلال الخونة المتنفذين في الحكم آنذاك فقد جاء لنا أولئك الصليبيين بمن أوهموا الناس بأنه منقذ تركيا ومجددها وهو مصطفى كمال أتاتورك الذي توج انتصارات أوروبا في الحرب العالمية بمجموعة من القرارات والتي أهمها انسلاخ تركيا من الإسلام وإلغاء الخلافة الإسلامية.

وها نحن إلى اليوم نعاني من أثر تمزق دولة الإسلام وقد أشبع الغرب عقول أبناء أمتنا بأنه القوة المهيمنة والتي لا تُقهر وأننا لا شيء أمام حضارتهم وتقدمهم التكنولوجي والعلمي لجعلنا منهزمين نفسياً لا نفكر يوما بالعمل لنهضة دولتنا من جديد، وبثَّ فينا مجموعة من المنافقين المتلحفين بدفات الكتب ومدَّعي الثقافة والتجديد حتى يهدموا ما تبقى من وعي وحتى ينسونا تماما من نحن وكيف كنا ويريدون منا أن نرضى بدويلات منزوعة التاريخ عديمة الأمجاد ومدنية عقيمة تتصارع فيها الأحزاب والطوائف والعديد من الاتجاهات الفكرية على إدارة شؤون البلاد وهكذا فهي دوامة اللاوعي تنقاد إليها الدواب.

الحقيقة أنه ليس ممكنا أن تقوم دولةً للإسلام من جديد وفقط بل إنه من المؤكد أن دولة الإسلام ستعود حاكمة لهذا العالم وسيكون لها التمكين، ولست أقول كلاما من عند نفسي بدافع الآمال الكاذبة والارتكان إلى الأمنيات الواهمة ولكنه وعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأنه سيكون جيش من المسلمين يفتح روما (رومية)، ونحن نعلم بأن الفتح الإسلامي لم يصل إلى ذلك البلد بعد وهذا خير دليل على أن دولة الإسلام ستتعافى من جديد والحقيقة بأن هذا الأمر يبدأ من حيث انتهى ألا وهو المتمثل بنداء السلطان عبد الحميد "يا مسلمي العالم اتحدوا".

فلقد حان الوقت الذي ننفض فيه الغبار عنا ولنتحرك بروح أولئك الذين حفروا الخندق وهم يربطون الحجارة على بطونهم وأولئك الذين دكوا أسوار القسطنطينية بأرواحهم قبل مدافعهم، وحتما فإرادة الشعوب أقوى من مؤامرات المتآمرين والإرادة الصلبة تحتاج إلى وعي والوعي يحتاج منا أن نقضي على سموم المستشرقين وأفكار المجددين الهدامة التي بدأوا بدسها في عقولنا عبر إعلامهم وأزلامهم منذ عقود من الزمن، وحقٌ علينا أن نضع أمام أعيننا وعد رسولنا الكريم كهدف لنا نعمل من أجل تحقيقه بكل طاقاتنا وإخلاصنا ووعينا، وحينها سنجد بأن ذلك الجرح الكبير يلتئم من جديد وتعود أيام عزنا كما كانت ونصبح أغلى من أن يراق دمنا كل يوم بلا حساب فلن نتوقف على حدود عكا ويافا وحسب بل سنعبر البحر إلى ما وعدنا به رسول الله، فإن لم نكن نحن فأجيال تأتي من أجيالنا ولكن علينا بداية أن نختار الطريق.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.