شعار قسم مدونات

سُقطرى.. الجنة المنسية

blogs - socotra
سقطرى السعادة، عروس حسناء جميلة التفاصيل وأصيلة الانتماء، كُبرى جُزر أرخبيل سقطرى الواقع في المحيط الهندي، تبلغ مساحتها 1477 ميل مربع حسب الويكيبيديا، يقطنها أكثر من مائه وخمسة وسبعون ألف نسمة حسب موقع التراث العالمي لليونيسكو.

 
سقطرى أرض السعادة كما كان يُطلق عليها قديماً طريق الحرير وموطن الند (البخور) حسب منظمة اليونيسكو فإن تاريخ جزيرة سقطرى يعود إلى العصور الحجرية أي ما يقارب مليون ونصف المليون سنة.
 
كانت تُعتبر سقطرى مركزاً مقدساً لجميع شعوب الأرض وذلك لتواجد البخور الذي كان يستخدمه سكان العالم القديم في مراكز عبادتهم علاوة على ذلك كانت الجزيرة تُمثل حلقة وصل بين القارات وعلى طريق تجاري فعال مما تسبب في تكالب الكثير من الامبراطوريات لاحتلالها والاستيطان فيها أخرهم الاتحاد السوفيتي الذي كان يتخذ منها مركزاً متقدماً وقاعدة عسكرية لشن هجماته في حروبه العبثية حول العالم.

يستشيط الإنسان اليمني غضباً عندما تطأها الأقدام بدعوى السياحة، فكيف بمن يتملكها بدعوى الاستثمار؟ فهذا نوع آخر من أنواع السرقة، وعلية يحب أن يواجه رد الفعل بمنظور الحق المشروع.

لست هنا من أجل سرد التاريخ القديم لأحد أجمل جزر العالم كما صنفتها مجلة النيويورك تايمز عام 2010 وكما صنفتها منظمة التراث العالمي اليونيسكو على أنها أحد أهم مواقع التراث العالمي لعام 2003، اذاً سقطرى عروس في كهف وجوهره بيد فحام، غُيب جمالها عن أهلها فغضوا الطرف عنها نحو جُزر لا تُقارن مطلقاً معها، وكناتج لسياسه رسمية قبيحة صُرفت الأنظار عنها بشكل مُتعمد خلال العقود الماضية التي قضى فيها التلفزيون الرسمي جُل وقته في نقل سفريات طاقم الرئاسة التي كانت تمتد لساعات طويلة دون ملل.
 
لا أًريد أن أتحدث عن حُقبة من بقايا عصر الإنسان البدائي ولنتحدث عن الدور القبيح الذي تمارسه سلطة الواقع حالياً والذي انبعثت رائحته حديثاً، على لسان أحد المسؤولين في الطاقم الرئاسي للجمهورية اليمنية وعند وصولة إلى جزيرة سقطرى تلقى رسالة نصية على تليفونه المحمول لتُرحب به في أرض الإمارات.
 
لا أعلم حقيقة شعورة حينها ولكن نقلة للحقيقة أرشدنا للتنبؤ بمقدار صدمته عند تلقي الرسالة ولعله لا يقل عن مقدار صدمتنا عندما وصلنا الخبر عبر وسائل إعلامية عديده. قبل عدة أسابيع وضمن بروتوكول الزواج الخاص بي قررت أن أقضي الشهر الأول على جزيرة سقطرى كهديه لنفسي المتعبة لتتعافى على رمالها المقدسة وكرحلة وفاء للأرض البعيدة كون شعور العقوق يعُذب وجداني فكيف لي أن يُمر العُمر دون أن أراء جنة الدنيا بعيناي.

على ما يبدو أن مسار الرحلة سيتغير ولكن طريق النضال سيُدشن والتعتيم المُمنهج سيتبدد بُشعاع شمس الجزيرة الساطع، لن تبقى تلك الياقوته حبيسة البحر ولن تبقى طيورها مجهولة الهوية. الاحتلال الناعم بطرقه الحديثة وأساليبه الصدئة التي تُمارسه دولة تاريخها لا يزيد عن عُمر شجرة (دم الأخوين) الشامخة على سفوح جبالها يجب أن يُكبح بمكابح الشعب صاحب الحق المُتفرد في تقرير مصير أرضه.

يستشيط الإنسان اليمني غضباً عندما تطأها الأقدام بدعوى السياحة فكيف بمن يتملكها بدعوى الاستثمار فهذا نوع أخر من أنواع السرقة وعلية يحب أن يواجه رد الفعل بمنظور الحق المشروع. الكثير من وسائل الاعلام تناولت خبر تجريف التربة لجزيرة سقطرى وقتل نباتاتها من قبل شركات تتبع دولة الإمارات يضع ألف سؤال حول اتفاقية الاستثمار وتنمية الجزيرة بما يتناسب مع موقعها الحضاري.

سقطرى عروس في كهف، وجوهره بيد فحام، غُيب جمالها عن أهلها فغضوا الطرف عنها نحو جُزر لا تُقارن مطلقاً معها، وكناتج لسياسه رسمية قبيحة صُرفت الأنظار عنها بشكل مُتعمد خلال العقود الماضية.

ويضع مليون سؤال آخر ما هو المُقابل الذي سيحصل عليه المواطن اليمني من هذه الاتفاقية المشؤمة. رغم الأحداث التي مرت وتمر بها اليمن إلا أن السلطات السابقة واللاحقة تتعامل مع كرسي الحكم بمبدأ (يا رايح كثر ب الفضائح) انتهت السلطة السابقة بكارثة الحدود مع المملكة العربية السعودية والتي كان ضمن بنودها وكمقابل لتلك الاتفاقية تنمية مدينة عدن مما يجعلها محط لأنظار العالم وهو الشي الذي لم يحدث وكأن عدن المقصودة هي دبي الذي أستثمر فيها رجال العهد السابق ملياراتهم المنهوبة من قوت الشعب.
 
كذلك السلطة الحالية ستذهب بجريمة لا تقل عن جريمة تجاهل موت الشعب بعدوى الكوليرا التي أصابت عشرات الآلاف من المواطنين وهي جريمة تسليم سقطرى لجهات تحبُ لنفسها ما تحبُ لنفسها فقط،  يعلم الجميع أن الاتفاقيات التي تُبرم على سواحل دبي إنما من شأنها إنهاء الدور الريادي لليمن ووضعه تحت طائلة التبعية لعقود طويلة من الزمن.

وهذا خطاء وقع فيه الكثير بمن فيهم الرئيس عبدربه منصور هادي وذلك لتجاهلهم الدور الحقيقي الذي يلعبه الشعب في القضايا المصيرية وما الأرض إلا روح الإنسان وامتداد حياته فكيف لكم أن تقتلون من بأصواتهم بلغتم المجد فتذكروا سحر تلك الأصوات وأفعالها. لن ننتظر حتى نتلقى رسالة ترحيب من الضيف بل سنكون أصاحب الدار الذي يأذن للقادم بالدخول.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.