شعار قسم مدونات

الإعلام نبضُ العمل الإنسانيّ

blogs منتدى راف

في ظلِّ الصراعات القائمة والمستمرة بين القوى السياسية والاقتصادية والطائفية التي غمرت المنطقة ودول العالم الثالث، وألقت بظلالها على تفاصيل الحياة الاجتماعية، وأصابت المدنيين والبسطاء أكثر من غيرهم، وتفاقمت على إثرها مشاكل الفقر والبطالة بشكل كبير وملحوظ، وتزايدت بسببها المجاعات والكوارث الإنسانية المختلفة، في ظل كل ذلك برزت ممارسات العمل التنموي والخيري والإنساني والمجتمعي عبر منظمات ومؤسسات وجمعيات مختلفة، تمارس مختلف أشكال وأنشطة التنمية المجتمعية والإغاثة الإنسانية على مدار العام، سعياً منها لتقليل المعاناة عن المتضررين وتحسين أوضاعهم وإعادة إدماجهم في مجتمعاتهم لممارسة حياتهم الطبيعية قدر المستطاع.

ومع تزايد هذه المؤسسات ذات الرسالة الإنسانية والتنموية واتساع أنشطتها، تظهر حاجتها الحقيقية إلى مساندةٍ فاعلةٍ من قِبَلِ الوسائل الإعلاميةِ المختلفة، لإيصالِ الرسالة إلى أكبر شريحةٍ من الجمهور في مختلف أنحاء العالم، بغرض زيادة التفاعل الإيجابيِّ من قِبَل المجتمعات مع هذه القضايا، وحشد الدعم والمناصرة والوصول إلى قطاعات المتبرعين والمانحين للحصول على التمويل اللازم لتنفيذ مشاريعها، وكذلك تعزيز الاتجاهات لدى جمهور المجتمع المحلي والدولي بالثقة والتأييد و إيصال الرسائل إلى أصحاب المصلحة ممن يعنون بالشأن الإنساني، و تغطية ما تقوم به هذه المؤسسات من أنشطة وخدمات، وكذلك إيصال الأخبار حول المتضررين والمكروبين في مختلف المناطق، وخصوصاً ونحن نشهد ثورةً في وسائل الإعلام الرقمي المختلفة، ونعايش إقبالاً كبيراً على مواقع التواصل الاجتماعي من قِبَل مُختَلَفِ الفئات العمرية.

وبناء على ما سبق، أُقيم منتدى "الإعلام وتعزيز العمل الإنساني" في الدوحة مطلع شهر أيار كمبادرة فريدة من نوعها، قامت بها مؤسسة الشيخ ثاني بن عبد الله للخدمات الإنسانية "راف" بهدف خلق شراكة حقيقية بين الإعلام والعمل الإنساني وتوفير محضن لتلاقي الأفكار وتكامل الرؤى بين القادة والمختصين في وسائل الإعلام بتنوعها والمنظمات الإنسانية بما يخدم أهدافهما، فلا يستغني أحدهما عن الآخر بحسب معظم الآراء التي طُرحت من قبل المتحدثين والمشاركين خلال جلسات المنتدى.

بادر العاملون في المؤسسات الإعلامية بطرح تجارب متميزة في دعم العمل الإنساني خلال مسيرتهم، واقترحوا على المؤسسات الإنسانية تطوير منصاتهم الإعلامية، وضرورة التواجد القوي عبر قنوات الإعلام الرقمي

استضاف المنتدى نخبة من قيادات العمل الإنساني وقيادات المؤسسات الإعلامية لطرح أفكارهم ومناقشتها مع الحضور للخروج بإطار عام يحدِّدُ شكل الشراكة المنشودة. وضح العاملون في القطاع الإنساني خلال جلسات المنتدى ما يحتاجونه من دعم من قبل المؤسسات الإعلامية، وبيّنوا ضرورة امتلاك المؤسسات الإعلامية لأهم الأدوات التي تمكنهم من دعم العمل الإنساني، أهمّها: فهم اللغة والطبيعة الخاصة بالعمل الإنساني وامتلاك الشفافية والنزاهة والموضوعية في تغطية الأنشطة الإنسانية وإبقاء قنوات الاتصال الفعّال مفتوحة مع المؤسسات الإنسانية، إضافة إلى المساهمة في تدريب كوادر إعلامية تعمل على تأسيس أقسام إعلامية متميزة داخل المؤسسات الإنسانية.

كما بادر العاملون في المؤسسات الإعلامية بطرح تجارب متميزة في دعم العمل الإنساني خلال مسيرتهم، واقترحوا على المؤسسات الإنسانية تطوير منصاتهم الإعلامية، وضرورة التواجد القوي عبر قنوات الإعلام الرقمي ومواقع التواصل الاجتماعي التي باتت الوجهة الرئيسية للجمهور. أفكار متميزة خلقت مناخاً صالحاً لتكوين شراكات مستقبلية بين العمل الإنسانيّ والخطاب الإعلامي، في سبيل خدمة القضايا الإنسانية والمجتمعية والتنموية المختلفة، على أمل إيجاد مشاريع حقيقية في هذا الصدد مستقبلاً.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.