أمّا عن شهر ماي / آيار ،في تونس ، فهو امتداد للجو الساخن طقسا و أحداثا . وان كان أفريل هو بداية الروندة الثالثة ( الجولة الثالثة ) في محاربة الفساد المقنّن فالقادم من الأيام هي قدرتنا على الثبات و المبدأ و ما ضاع حقّ وراءه طالب . حملة " مانيش مسامح " هي برأيي تمثّل واقعيّ للقصيدة الرّمز" لا تصالح" . و إن كانت صرخة أمل دنقل في وجه غطرسة أصحاب القرار فإن " مانيش مسامح" هي صرخة شباب تونس في وجه قانون المصالحة الذي اقترحته رئاسة جاءت بها ثورة الشباب فجاء هو يضرب بالثورة و قدرة الشباب عرض الحائط . و قانون المصالحة في ظاهره دعوة ل"تونس تتسامح " وفي باطنه صفقة محاصصة رابحة بين من اقترحه لتبييض سيرته الذاتية الفاسدة و من حذى حذوه ممن باعوا ذممهم ضمانا لتمويل حملاتهم الانتخابية ، و قد صاروا من المرضيّ عليهم في أعين رؤوس الأموال .
في الحقيقة هذا التحرّك يستمدّ شرعيته من جهتين : الأولى كونه حراك ذو أغلبية شبابية ساحقة بشعارات واحدة موحّدة سلمية تاركة وراءها أيّ انتماء حزبي و إيديولوجي تسعى لمكافحة إرهاب رؤوس الأموال الفاسدة و زبانيتها في السلطة . و ثانيا ، لا شكّ اننا شاهدون على هذا العصر البغيض الذي يصوغ أحداثه طرفين لم يخطئ مظفر النواب حين اختصرهما في قوله " إن بغايا السياسة أوسخ صنف وأوسخ منهم بغايا الصحافة " و عليه ، فاجتماع الإثنين على شيطنة احتجاجات و تحرّكات الشباب في مختلف انحاء البلاد و الاستماتة في الدفاع على قانون المصالحة ليس إلا اعترافا ضمنيا على كوننا نحن جميعا "الموش مسامحات " و " الموش مسامحين" سائرون في طريق الحق .
سيدي محامي الشيطان ،- لا اسم بعينه أذكره على وجه التحديد فهم كثر – احذر فذاكرة الشعوب الثائرة على القهر ليست بقصيرة وسقف الديمقراطية – التي تتحدّث باسمها – عال جدّا لا تطاله سوى الأيدي التي رفعت قبضتها عاليا في السماء و صرخت " لا " في وجهك و في وجه جوقتك .
سيدي الرّئيس ، وقع أقدام كلّ جيوش العالم لا تستطيع إخماد صوت حنجرة تصدح بالحقّ .
علينا أن نخرج من حالة المفعول به إلى حالة الفاعل . هذا الشارع لنا ، و هذه الثورة لنا لن أستفيض في دعوتكم لميدان المعركة : هي فعلاحالة طوارئ شعبية . علينا إستكمال المسار الثوري |
لن نصالح على أشياء كثيرة منها أموالنا الكثيرة التي ترصد لميزانية التعليم و البحث العلمي و تنتهي في كروش أصحاب ربطات العنق الناتئة و الناس في مدينتي هم أيضا لن يصالحوا على الأموال الكثيرة التي تتقاسمونها محاصصة فيما بينكم و تنهكون في المقابل الارض و البحر بالسموم و تشبعون انوفنا برائحة "البخّارة" النتنة جدّا ، وهذا أمر عاديّ فهي رائحة الفساد المعتّق في دمكم حدّ التعفّن ! لن نصالح على أشياء كثيرة قائمتها تطول و يختصرها قانون المصالحة مثالا جيّدا .
سيداتي و سادتي " الموش مسامحات " و الموش مسامحين " علينا أن نخرج من حالة المفعول به إلى حالة الفاعل . هذا الشارع لنا ، و هذه الثورة لنا لن أستفيض في دعوتكم لميدان المعركة : هي فعلاحالة طوارئ شعبية . علينا إستكمال المسار الثوري .
مانيش مسامحة .. "السماح في المحكمة " !
إشراق شنيب / مواطنة تونسية .
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.