شعار قسم مدونات

طارق دوفش المكونات والمعادلة

Palestinian members of the al-Qassam Brigades, the armed wing of the Hamas movement, take part in an anti-Israel parade in Rafah, in the southern Gaza Strip July 13, 2015. REUTERS/Ibraheem Abu Mustafa

27/4/2002 في فجر هذا اليوم النيساني الربيعي، ورداً على اغتيال القائدين، أكرم الأطرش قائد كتائب القسام في جنوب الضفة، ومروان زلوم بطل عمليتي التياسير والدبويا، وابن سرايا الجهاد وخريج مدرستها خلال فترة ما بين 1981 و1988، التي أنجبت كتائب شهداء الأقصى في العام 2000 ، ومن قبلها كتائب القسام سرايا القدس اللتان حققا ما كان يرنوا لهما قادة سرايا الجهاد الثلاثة الذين استشهدوا في قبرص في العام 1988.
 

وفي خضم انتفاضة الأقصى التي نقلت وربما لأول مرة في تاريخ الكفاح الفلسطيني معادلة الردع من حدود فلسطين الشمالية أو الجنوبية، إلى قلب فلسطين النابض، وقلب بنية الاحتلال الصهيوني في القدس وتل أبيب وناتانيا والعفولة، وجعلت من عنوانها العريض ذاك المقدس الذي يجمع الفلسطينين والعرب والمسلمين بل وحتى مسيحيو الشرق، على وجوب التضحية لأجله والتقديم له.
 

رفيق سلاح الأمس أصبح عدو اليوم الاستراتيجي، وميادين المواجهة انتقلت من ميادين القتال لمقاعد الجامعات، التي لا أُنكر أهميتها ولكنها ليست الميدان الرئيسي للمواجهة، وهي حقيقةً ليست ميدان مواجهة بل ميدان منافسة.

طارق دوفش ابن ال20 عاماً، وابن الكتلة الإسلامية في جامعة بولتكنيك الخليل ومجموعة من مجاهدي كتائب الشهيد عز الدين القسام تقتحم مستوطنة أدورا غربي الخليل، فتمكنوا من قتل 5 مستوطنين وجرح 13، وانسحبوا بتجاه قرية تفوح المجاورة للمستوطنة، وقد تجولت المجموعة قبل الانسحاب في بيوت المستوطنة وشوارعها بكل سلام قبل الانسحاب.
 

تمكنت قوات الاحتلال الصهيوني من تحديد موقع الخلية القسامية لتشتبك معها صباحاً وتحاصرها، فتمكن المجاهدون من الانسحاب بسلام واختار طارق رحمه الله ما كان يطلب من زمه دوماً أن تدعو له به وهي الشهادة، وتمكنت قوات الاحتلال لاحقاً من اعتقال فادي دويك أحد رفاقه الذي تم تحريره لاحقاً في صفقة وفاء الأحرار.
 

ربما كل ذكرته أعلاه من معطيات ما زالت متواجدة للآن في الخليل، بل هي موجودةٌ حتماً، فما تزال البولتيكنيك موجودة، وكتائب شهداء الأقصى كذلك والخليل وعنبها ونخوة رجالها، وكذلك الحال في كافة أرجاء الضفة بل وفلسطين، لكن ما اختلف هي المعادلة، فرفيق سلاح الأمس أصبح عدو اليوم الاستراتيجي، وميادين المواجهة انتقلت من ميادين القتال لمقاعد الجامعات، التي لا أُنكر أهميتها ولكنها ليست الميدان الرئيسي للمواجهة، وهي حقيقةً ليست ميدان مواجهة بل ميدان منافسة، بل وحتى سلاح الـ m16 الذي كان يزين عاتق طارق، انتقل من التوجه إلى صدر العدو، ليتجه إلى السماء بطريقة لا منطقية ولا مبررة.
 

ولكن بقاء المعطيات موجودة في مجتمعنا وكذلك الروافع التي إذا ما أُزيل الغبار عنها وأُعيد تحريكها في شعب له هذا المخزون الثوري والحضاري والقدرة الكبيرة على التجدد والولادة من جديد ، فحتماً وبإذن الله ستعطي نفس النتائج السابقة التي صنعت انتفاضة الأقصى وما قبلها، فالظروف الحالية من عبثية وانعدام جدوى مسار المفاوضات، ومن الشعور العام الذي يخيم على الضفة وغزة وكل فلسطين ويجعل كل فلسطيني في كل بقعة يتسأل (ماذا بعد؟)، إنّ هذه الظروف وكل هذه التساؤلات، للتطلب وتستلزم قيام انتفاضة أقوى في الردع والتركيز، ولقد قامت فعلاً في العام 2015، ولكن باقي عناصر المعادلة بحاجةٍ للتحريك والتحفيز لكي يكتمل اشتعال الصاعق الذي سيفجرها باتجاهات متصاعدة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.