شعار قسم مدونات

الإسلاموفوبيا ودور التعليم في محاربتها

blogs قراءة القرأن

كانت الأشهر القليلة الماضية مأساوية في الطريقة التي أصبح العنف مشهدا مألوفا في أفعال وكلام أولئك الذين يستخدمون الكراهية كدرع وسيف لهم. سواء في وصف تلميذ مخترع للساعة باعتباره إرهابيا محتملا، أو في رفع شعار النقاب كرمز للشر واليأس في بعض الدول، أو الإشارة إلى عدم جواز مسلم أن يصبح رئيسا، فإن شبح التعصب ضد المسلمين والخوف منهم يخيم على كثير من بلدان الغرب خاصة والعالم عموما.

في خضم هذا الاتجاه، سار المفوهون على موجات الأثير، في محاولة للنقاش، إيقاف، أو صد سمعة من يتغدى على الكراهية، محاربين النار بالماء، في محاولة لتهدئة النزاع مع هؤلاء الذين يريدون إشعال الخوف الذي وصل إلى نقطة خطيرة في الأقليات المسلمة ببلدان الغرب.

هذه المعركة للدفاع عن الحقوق المدنية، سواء في مكان العمل، المدارس، أو الشوارع، هي واحدة من أنبل المعارك حقا، حيث أن المسلمين في بلدان الغرب لا يسمحون لأنفسهم أن يعاملوا كمواطنين من الدرجة الثانية، بل يعتبر المسلم في بلاد الغرب، من منطلق ولادته هناك، أنه في الغالبية العظمى سيموت كذلك هناك، فهو يقدم الغالي والنفيس، دمه وعرقه، بالانتماء لتلك البلاد والعمل فيها والعطاء من أجلها.

إذا كنا لا نربي أنفسنا، شبابا وشيوخا، حول ما هو الإسلام حقا، فإن التعصب ضد المسلمين سيكون ظاهرة اجتماعية عادية كباقي الظواهر، وليس كاضطهاد عرقي ومعنوي

لذلك فإن مكافحة التعصب ضد الإسلام يعني لهم عيش حياتهم بسلام وفخر في تلك البلاد، مما يجعل قضيتهم مهمة للغاية. هذه المعركة ضد كراهية الإسلام عادت اليوم إلى حد كبير إلى نقطتهم المركزية. إذا كانت الإسلاموفوبيا هي الخوف والكراهية الموجهين ضد الإسلام، فعلينا أن نسأل أنفسنا سؤالا بسيطا: لماذا الناس يكرهون الإسلام ويعادونه وينفرون منه؟ الجواب واضح. الإنسان عدو ما يجهل والناس يخشون ما لا يفهمون، كما روي في الحديث الصحيح المخرج عند البخاري : (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ).

يجب علينا أن نأخذ من هذا الحديث حلا نبويا، لنعلم الناس عن الإسلام، ومساعدتهم على فهمه وفهم ما وراء الأكاذيب الواضحة والتخويف الذي يرون من حولهم. نحن نعيش في زمن حيث تعلم الدين ومعرفته حقيقيا، من المقاصد التي يصعب الحصول عليها، والسلع التي يفر الناس منها.

نحن نعيش في زمن كل حزب بما لديهم فرحون، حيث ما يسمون الجافين في الدين يقضون وقتهم في الأضرحة، وحيث المتشددين يقضون وقتهم في منع كل من سعى لنشر شيء جميل، وحيث معظم العامة لا يعرف أساسيات العقيدة و أصول الفقه أو مقاصد الشريعة. بعبارة أخرى، إذا كنا لا نربي أنفسنا، شبابا وشيوخا، حول ما هو الإسلام حقا، فإن التعصب ضد المسلمين سيكون ظاهرة اجتماعية عادية كباقي الظواهر، وليس كاضطهاد عرقي ومعنوي. فمن سيكون هناك إن تركنا الدفاع عن أنفسنا كمسلمين بعد جيلين أو ثلاثة أجيال؟

كما ينبه الداعية نعمان علي خان، على أن الحل هو العودة إلى قراءة عميقة للقرآن، نحو فهم واسع للحديث، تجاه تعامل جوهري مع مقاصد الشريعة، إلى تحليل نقدي لمداركنا ومعارفنا، مع ضرورة تحسين الملكة اللغوية العربية. هذا يعني عمليا تمكين أطفالنا من قراءة سور القرآن بشكل صحيح كما ينبغي، باعتباره هدف المعركة الناجع في التربية الإسلامية. وإذا كنا لا نربي أبناءنا وأنفسنا، فإن محاربة الإسلاموفوبيا ستكون معركة فاشلة مسبقا.

يجب علينا إذن أن نبدأ من جديد في سبيل توعية أطفالنا وإلا فلماذا اخترنا الإسلام، ثم كيف سيكون سوى القليل من المكاسب في الظهور على البرامج الحوارية الإذاعية في المستقبل؟ إذا تركنا أطفالا لا يفهمون الإسلام، كيف يمكننا أن نأمل في محاربة الإسلاموفوبيا والخوف من المسلمين في الغرب والعالم بشكل عام؟

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.