شعار قسم مدونات

الشباب والثورة الجزائرية

blogs المنظمة الخاصة

إن دور الشباب في تأطير الثورة له جذوره قبل الفاتح من نوفمبر 1954، إذ أن الشباب المتشبع بالروح الوطنية كان له الدور البارز في دفع عجلة التحضير للعمل المسلح من أجل استقلال الجزائر وبدا ذلك واضحا في مؤتمر حركة انتصار الحريات الديمقراطية المنعقد يومي 15/16 فبراير 1947، حيث لعب الشباب المتحمس دورا كبيرا في الضغط داخل المؤتمر من أجل تكوين جناح عسكري داخل الحزب.

أولا: إنشاء المنظمة الخاصة (OS):
لقد تأسست المنظمة الخاصة في 15/02/1947 إثر انعقاد المؤتمر الأول والذي شهد جوا مشحونا، فكان المؤتمرون القادمون من مختلف أنحاء الوطن ومن أوروبا، وأغلبهم منهك بسنوات السجن الطوال والمعاناة والحرمان والخوف وعدم الاستقرار.

وخلال المؤتمر ظهر داخله ثلاث تيارات هي:
1- تيار حزب الشعب يرى البقاء على النشاط السري لحزب الشعب للمحافظة على شعبيه.
2- تيار الشرعية يرى ضرورة المشاكل في الانتخابات ليعلن عن مبادئه من داخل المجالس المنتخبة.
3- تيار العمل الثوري ويرى ضرورة العمل الثوري ويتزعمه ويدعمه شباب الحزب المتحمس للعمل العسكري.
 

استطاع هؤلاء الشباب من خلال المنظمة الخاصة أن يضموا اليها 1000-1500 مناضل وكان تكوينهم مزدوج سياسي لروح التضحية، السلوك مع الشرطة وتقنيات تأطير الجماهير الشعبية

وعند إشراف المؤتمر على النهاية ظهرت نقطتان فرضتا على المؤتمرين هما: تكوين قيادة للحزب والنقطة الأخرى فرضها الشباب المتحمس فنحن في عنى عن ذكرها باعتبارها خارج موضوع بحثنا، وأما بخصوص النقطة الثانية فقد تقرر تكوين نواة لحركة مسلحة وفد أسندت قيادتها للشاب محمد بلوزداد ابن الثالثة والعشرون ربيعا والذي تولى قيادتها إلى غاية 1949. ومن بين الأشخاص الذين قام باختيارهم كمساعدين نجد الشاب حسين آيت احمد ابن الواحد والعشرون سنة والذي سيخلفه فيما بعد على رأس المنظمة.

لقد استطاع الشاب محمد بلوزداد تأسيس قيادة أركان المنظمة من خيرة شباب الحزب وقد جاءت على الشكل التالي:

– محمد بلوزداد: رئيسا.
– محمد بوضياف: مسؤول عمالة قسنطينة.
– جيلاني رقيمي: مسؤول عمالة الجزائر 1.
– عبد القادر بلحاج: مسؤول عمالة الجزائر 2.
– احمد بن بلة: مسؤول عمالة وهران.

وقد استطاع هؤلاء الشباب من خلال المنظمة الخاصة أن يضموا اليها 1000-1500 مناضل وكان تكوينهم مزدوج سياسي لروح التضحية، السلوك مع الشرطة وتقنيات تأطير الجماهير الشعبية، وفي اقل من سنة استطاع مناضلو المنظمة يتكونوا عسكريا، فكونت ثورين منضبطين ومقتنعين وعلى استعداد للعمل، كما سعت المنظمة للحصول على الأسلحة بجميع الوسائل بجمعها وشرائها من داخل البلاد وبإرسال الفدائيين خارج الوطن، واعدت لذلك مخابئ ومراكز للتدريب. كما عملت المنظمة على إنشاء شبكات متخصصة تساعدها مثل شبكة الاتصالات، شبكة الاستعمالات.

ثانيا :نشاطات المنظمة الخاصة:
لقد قطع مناضلو المنظمة أشواطا كبيرة في تدريباتهم العسكرية مما سمح لهم بالقيام بعدة عمليات فدائية أبرزها:

عملية بريد وهران:
فلقد عانت المنظمة من أزمة مالية خانقة مما دفعها إلى البحث عن مصادر إستثنائية لتمويل نشاطاتها، فإقترح حسين لآيت أحمد وأحمد بن بلة على إدارة المنظمة لقيام بعملية جريئة تتمثل في الإستلاء على البريد المركزي لوهران وعلَّق ذلك محمد علي خيذر" إن فرنسا تقوم بنهب شعبنا ونحن بما ستقدم عليه إنما تسترجع جزء مما تسرقه فرنسا وهذا الجزء تستعمله لشراء الأسلحة" وقد ساعدهم على العملية أحد مناضلي المنظمة بختي نميش يشتغل بالبريد، في بداية أفريل 1949، حيث تم الاستيلاء على مبلغ قدره بحوالي 3.771.000 فرنك فرنسي.

إن الشباب المتحمس للعمل المسلح استطاع أن يحصل على مبتغاه في مؤتمر 1947، حيث تكونت المنظمة الخاصة، والتي تعتبر النواة الأولى للثورة التحريرية، كما أن قادتها الشباب سيكونون هم أكبر المؤطرين لها تحضيراً وتفجيراً وتنظيماً

محمد بلوزداد (1952- 1924):
أول مؤسس ومسؤول عن المنظمة الخاصة L’OS، ولد سنة 1924 م في الجزائر، تحصل على شهادة Brevet supérieure المعادلة لشهادة البكالوريا، وفي سن 19 أصبح مسؤول عن لجنة شباب بلكور التابعة لحزب الشعب الجزائري، وكان من منظمي لمظاهرات أول ماي 1954 م في الجزائر ما جعله محط متابعة من قبل الشرطة الفرنسية. 

بعث إلى شرق البلاد إين قضى سنتين في إصلاح للمنظمة بعد الضغط الكبير المفروض عليها بعد ماي 1945 وتشكيل نواة اين لا توجد، كان من محضرين لمؤتمر 1947 م، وأصبح قائد في سنة 23 سنة وبعد مرض الزمه المستشفى توفي يوم 14يناير 1952 عن عمر28 سنة.

ومن خلال ما سبق نستنتج أن الشباب المتحمس للعمل المسلح استطاع أن يحصل على مبتغاه في مؤتمر 1947، حيث تكونت المنظمة الخاصة، والتي تعتبر النواة الأولى للثورة التحريرية، كما أن قادتها الشباب سيكونون هم أكبر المؤطرين لها تحضيراً وتفجيراً وتنظيماً.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.