شعار قسم مدونات

السياسة الثابتة

blogs ترمب

إن اليوم كالأمس، وغداً كاليوم، لا يختلف يوم عن آخر بالنسبة لمستقبل هذه الدولة أو تلك، فعندما ترسم السياسة لدولةٍ معينة يجب تنفيذها كيفما رُسمت وكيفما قُررت، وعندما أذكر في كتاباتي أمريكا ومخططات اليهود نقيس عليها الدول الأخرى التي عادةً ما تكون مرتبطة بالقرار الصهيوني، فالسياسة بالنسبة لكثير من الدول كالسلسلة والحلقات لا يمكن أن تشذ حلقة عن الأخرى، فما رسمه الجد ينفذه الحفيد، وهكذا نجح المخطط في السيطرة على العالم بأكمله، وهذا بالطبع يتفاوت من دولة إلى أخرى، وبطريقة أو أخرى فكل بلد لهُ سياسة وطريقة في مواكبة القافلة، ولا أتصور أن يتمكن أحدٌ في هذه الدنيا من السير خلاف سير هذه القافلة. 

 

سياسة الاحتواء: 

نجح ترمب، والكل كان مواكباً للحدث، والعنجهيات التي صرح بها وسمعنا الكثير منها جعلت الساسة والكتاب مضطربين في تشخيص حالته، فبدأ الكل بدراسة حالهِ ولكنهم فشلوا في معرفة اتجاههِ وعلاقاته بكل أنواعها مع بقية الدول، ولا أخفيكم أني توقعت حدوث حرب أو حروب قد تشتعل داخل الولايات المتحدة بسبب سياسة ترمب بل لقد قلتُ: إن بعض الولايات الأمريكية سوف تنفصل عن أمريكا، ثم تطرقتُ إلى الخوض في السياسة الأمريكية الجديدة والسياسة المضادة لها.

 

أن السياسة اليهودية المتمثلة في أمريكا هي التي تسير البلدان شئنا أم أبينا، وليس باستطاعة أحد أن ينكر هذه الحقيقة أو أن يتحرر من كان تحت هيمنتها بحال

ولكن ما إن اعتلى ترمب عرش الولايات المتحدة إلا وقد بدأت المتغيرات تطرأ على أقوالهِ وأفعالهِ وسياسة بلاده مع الدول، فرجعتُ وكتبتُ "ترمب واختلاف الكتّاب"، ثم اصطدمنا بخبر زيارة ترمب للسعودية ثم إسرائيل – فلسطين المحتلة – وختامها بالفاتيكان، وهنا بدأ الاختلاف والمغايرة بين بداية الأفكار التي قد قلناها، حيث نرى هنا كيف بدأت أمريكا بقيادة ترمب وليس العكس بأن يقود ترمب الولايات المتحدة، فتيقنت ورسخ عندي أن سياسة أمريكا ـ كما ذكرت أكثر من مرة ـ لن تتغير بتغير الرئيس، فما رسمه اليهود سيبقى يهودياً، هنا أيضاً يتبين لي أن سياسة أمريكا بدأت باحتواء الكل: المسلمين بقيادة السعودية، واليهود بقيادة إسرائيل، والمسيحيين بقيادة الفاتيكان، وهكذا ستكون السياسة الأمريكية القادمة وليس كما تخيلتها قبل أن يتربع ترمب على عرش أمريكا، فلا بد أن نعيد بعض الحسابات لكي تتضح لنا خارطة الطريق. 

 

الطاعة المطلقة

لقد قامت اليابان بضربِ نورمندي فدمرت في حينها أساطيل الغرب بغارة قوامها أكثر من 500 طائرة يابانية يقودها المخلصون لليابان، فهزت كيان الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا، وأصبحت بريطانيا هي الأم ومن كان على شاكلتها وبالاستعانة بابنتهم أمريكا، وهكذا تظافر الغرب ضد اليابان، فضُربت اليابان بقنبلتين نوويتين وكانت النتيجة دمارا أجثى اليابان على ركبتيها أمام الغرب، فاستسلمت كرهاً لا طوعاً؛ لكي تحافظ على شعبها، وصيغت بعض القوانين بين الغرب واليابان سارت على إثرها اليابان كما اشتهى الغرب وما زالت، والغرب اليوم هو الذي يحمي اليابان وهو الذي يتقاضى منها الضريبة إلى يومنا هذا.

 

وكذلك الحال في ألمانيا عندما استسلمت لها معظم الدول الغربية وكانت بينها وبينهم الحرب الضروس التي أثخنت الغرب أيما إثخان، بل أصبحت فزاعة الغرب إلى أن انكسرت، وكان أيضاً بينهم وبين الغرب اتفاقيات ومعاهدات قد أبرمت بشروط، وما تزال القواعد الأمريكية تقود ألمانيا إلى يومنا هذا، ولو سلطنا الضوء على الشرق الأوسط لوجدنا العراق -هذا البلد الفتي- قد طمعت فيهِ الدول الغربية وتنافست عليه فكان هذا الصيد الثمين قد افترسته أمريكا، فجيشت وانكسرت ثم خرجت ثم خططت ثم دخلت من جديد واستعانت ببعض العصابات في المنطقة للسيطرة عليها، هذا باختصار، وما زالت تتغلغل في جسم الشرق الأوسط؛ لكي تفرض نفسها أمرا واقعا على المنطقة …. إلخ. 

 

تبدأ أمريكا بسياسة جديدة لاحتواء أكبر عدد ممكن من دول العالم والتفرد بسياسة القرار مع هذه الدول مع استقطاب الدول المعنية بالتعاون معها في كثير من المجالات، وتكون هذه السياسة الجديدة شبه صفعة للدول الغربية وعلاقاتها مع كثير من دول العالم

إذاً هناك مخطط يهودي لرئيس أمريكا لتسيير هذا الرئيس كما يريد اليهود، وما سقته من نماذج للبلدان آنفة الذكر يسير وفق المخطط الأمريكي. بناء على ما سبق نجد أن السياسة اليهودية المتمثلة في أمريكا هي التي تسير البلدان شئنا أم أبينا، وليس باستطاعة أحد أن ينكر هذه الحقيقة أو أن يتحرر من كان تحت هيمنتها بحال. 

 

علاقات الدول

لقد تعلمنا أن علاقات الدول لا تقوم على العاطفة، وهذا كلام متداول معروف عند الجميع، فعلاقات الدول تقوم على المصالح، والذي يحدث في الشرق الأوسط لا يشبه ما يحدث في آسيا، فالدول الغنية تكون مطمعاً للمفترس القوي الذي يريد أن يسيطر على خيرات هذه المنطقة أو تلك.

 

نعودُ إلى ما بدأنا بهِ عن جولة ترمب في الدول الثلاثة، فنقول: كأن هذه الجولة تريدُ منها أمريكا أن ترضي الديانات التي لها فيها مصلحة وهي الإسلام والمسيحية واليهود، وعلى إثر هذا تكون قد أرضت معظم بلدان العالم إلا قليلاً، وهذا سيفتح المجال أوسع مما كانت عليه الولايات المتحدة، وهنا تبدأ أمريكا بسياسة جديدة لاحتواء أكبر عدد ممكن من دول العالم والتفرد بسياسة القرار مع هذه الدول مع استقطاب الدول المعنية بالتعاون معها في كثير من المجالات، وتكون هذه السياسة الجديدة شبه صفعة للدول الغربية وعلاقاتها مع كثير من دول العالم، وعلى إثر هذه الزيارة قد تتحرك كثير من الدول للتقرب من أمريكا وإقامة علاقات معها في كافة المجالات، وأنا أتوقع هذا الأمر ولا أشك فيه، فكما تقدم إن علاقات الدول لا تقوم على العاطفة إنما هي مصلحة متبادلة بينها، بين قوة وغيرها وبين قرار وغير قرار، لذا فإني أرى أن أمريكا قد نجحت في هذه الخطوة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.