الحقيقية في أقوى صورها الحربية والتي حولت أولئك "الأعداء" المنهزمين إلى محاربين لينتصروا على أنفسهم ومن أولئك الخطيب المفوه صاحب "أجمل" ثنيتين سهيل بن عمرو رضي الله عنه. |
لقد كانت تلك من أخبار النبوة والتي تحققت فيما بعد. وفي صلح الحديبية، أرسلته قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مفاوضاً، ودعا الرسول علي بن أبي طالب رضي الله عنه ليكتب الصلح وقال: "اكتب بسم الله الرحمن الرحيم". فاعترض قائلا: "لا أعرف هذا، ولكن اكتب باسمك اللهم"، فكتبها علي رضي الله عنه، ثم قال الرسول صلى الله عليه وسلم: اكتب هذا ما صالح عليه محمد رسول الله قريشاً. فقال: "لو شهدنا أنك رسول الله لم نقاتلك، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك"، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اكتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله سهيلاً بن عمرو".
نعم! تلك الشخصية هي "سهيل بن عمرو". وتمضي الأيام، ويتحقق النصر المبين بفتح "مكة"، ويسجل التاريخ تلك اللحظات الخالدة بعباراتها العظيمة التي يفتقدها عالمنا اليوم! تواضع المنتصر وقلبٌ رؤوفٌ رحيمٌ "يا معشر قريش.. ما تظنون أني فاعل بكم؟ وهنا يعود سهيل ببلاغته وحسن عبارته مجيباً: أخ كريم، وابن أخ كريم". وتأتي عبارات الصفح والنبل والعظمة "اذهبوا… فأنتم الطلقاء"! تلك هي "الحرية".
الحقيقية في أقوى صورها الحربية والتي حولت أولئك "الأعداء" المنهزمين إلى محاربين لينتصروا على أنفسهم ومن أولئك الخطيب المفوه صاحب "أجمل" ثنيتين سهيل بن عمرو رضي الله عنه.
واليوم، هي دعوة كل "سهيل" ليعود متسلحاً بقلمه ولسانه نصرة لدينه ووطنه في ظروف استثنائية يمر بها عالمنا اليوم. |
وتمضي الأيام، ويعود سهيلاً مرة أخرى وحاسمة ليقف خطيباً بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، يعود قوياً بكلمته وصوته وبلاغته التي تلامس العقل وبثنيتيه المضيئتين لتزيل -بإذن الله- ظلاماً حل قريباً من قلوب البعض ورغبة في الارتداد عن الإسلام. لقد كانت لحظة فاصلة وموقفاً سَرَ عمراً رضي الله عنه تصديقاً لخبر الرسول صلى الله عليه وسلم. يبقى هذا الموقف من سهيل رضي الله عنه مثالاً على القدرة على توظيف المهارة والتنقل بها خدمة لمعتقده الجديد.
إنها نبوءة نستلهم منها الحرص على الموهبة والمهارة والمقدرة بعيداً عن ظرف الزمان والمكان، لا تكسروا الأقلام وإن نزغت! لاتحجروا على العقول وإن شطت! حاوروها، ثم حاوروها ثم حاوروها وصالحوها لتعود يوماً ما أكثرُ قوةً وتأثيراً لقضاياها وهمها الحقيقي. واليوم، هي دعوة كل "سهيل" ليعود متسلحاً بقلمه ولسانه نصرة لدينه ووطنه في ظروف استثنائية يمر بها عالمنا اليوم.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.