شعار قسم مدونات

الصومال بين المجاعة والمساعدات الدولية

blogs الصومال

دائما نرى ونسمع أن المجاعة تتكرر في قرن إفريقيا وخاصة الصومال لذلك نسلط الضوء على أهمية الموقع الجغرافي للصومال وما له من ثروات ربانية مثل البحار والأنهار والحيوانات والمعادن والثروة السمكية وعدم اهتمام الشعب الصومالي لهذه الثروة وكما قيل لو بعث أبونا آدم عليه السلام لعرفنا وصار الشعب الصومالي مرهونا بالمساعدات الأجنبية ولا يستطيع تحكم قضيته لصالحه لأن من لا يملك قوته لا يملك قراره وأصبحت القضية الصومالية مسرحا مفتوحا لتدخل الأجانب وكل دولة تنفذ أجندتها ومصالحها عبر قناة المساعدات الإنسانية بما فيها من جواسيس وتنصير وتشييع.

تقع جمهورية الصومال في قرن إفريقيا ومن حيث الحدود فالصومال لها حدود برية مع كل من جيبوتي وإثيوبيا وكينيا وأما الحدود المائية فتحدها من الشرق المحيط الهندي ومن الشمال خليج عدن ويشبه الصومال بشكل عام مثلث غير منظم وبهذا الموقع الاستراتيجي والامتداد الشاسع يحتل الصومال جزءا هاما وحيويا من منطقة القرن الإفريقي وهي منطقة بمثابة القلب النابض لباقي المنطقة.

يقسم الصوماليون كالعادة السنة إلى أربعة فصول وهي 
*فصل الربيع ويبدأ من 21 مارس إلى21 يونيو أو أوائل يوليو، وهو موسم الأمطار الغزيرة، والذي نحن بصدده الآن ويزرع فيه محاصيل كثيرة مثل الفواكه والسمسم إلا أن هذه السنة تأخر المطر وندعو من الله أن يسقينا.
*فصل الشتاء ويبدأ من 22 يونيو أو أوائل يوليو حتى أواخر أغسطس ويمتاز هذا الفصل باعتدال الحرارة.
*فصل الخريف ويبدأ من 22 سبتمبر حتى أواخر ديسمبر، وتسقط فيه أمطار قليلة.
*فصل الصيف ويبدأ من 21 ديسمبر حتى 20 مارس، ويمتاز هذا الفصل بارتفاع درجة الحرارة.
 

المجاعة ما هي الا قلة توفر الموارد الغذائيّة التي تلبي احتياجات الناس نتيجة حدوث خلل في أحد الظروف أو العوامل التي تُنتج الغذاء، ويؤدي ذلك إلى انتشار المجاعة

وموارد المياه في الصومال كثيرة، ومنها الأمطار التي تختلف كميتها المتساقطة على الصومال بين مكان وآخر ومن فترة إلى أخرى ويلاحظ بصفة عامة أن أغزر أجزاء الصومال مطرا هي الأجزاء الجنوبية وأقلها مطرا هي الأجزاء الشمالية حيث تتناقص كمية الأمطار كلما اتجهنا شمالا ومن الملاحظ أيضا أن أغزر الأمطار يكون في فصل الربيع بينما يقل المطر المتساقط في فصل الخريف.

وكذلك منَّ الله على الصومال الأودية النهرية ومنها: وادى شبيلى ويجرى في وسط الصومال وهو أطول نهر في الصومال ويبلغ طوله 1500 كم لكنه بجرى في الصومال 800 كم، وادى جوبا ويجرى في جنوب الصومال ويصل طوله 1600 كم ويجرى في الجمهورية 150 كم، ومن الغريب أن أغلب المياه التي تمر بهذه المجاري تذهب عبثا دون أن يستفاد منها في الري الصناعي أو سقي الحيوانات أو توليد الكهرباء وغيرها ولكن بالعكس قحط ومجاعة في فصل الصيف فيضانات وسيول ودمار شامل للقرى والمدن التي تقع ضفاف الأنهار في فصل الربيع بسبب عدم وجود سدود تصد المياه إلى مجراها الطبيعي.

المجاعة ما هي الا قلة توفر الموارد الغذائيّة التي تلبي احتياجات الناس نتيجة حدوث خلل في أحد الظروف أو العوامل التي تُنتج الغذاء، ويؤدي ذلك إلى انتشار المجاعة، والمجاعة دائما تأتى بعد تأخر أو قلة سقوط الأمطار في مواسمها وتؤدي الى ارتفاع مُعدّلات الوفيّات وانتشار للأوبئة والأمراض وقتل الحيوانات وتؤدي أيضا نزوح المتضررين بالمجاعة من إقليم إلى آخر بحثا عن حياة أفضل.

والمجاعة تحدث وتتكرر في أجزاء من بلادنا وفى عام 1972م حدثت مجاعة مؤلمة في الأقاليم الوسطى سميت بـ " مجاعة دابو طير" أي مجاعة طويلة الأمد وبفضل الله وبجهد جبار بذلتها الحكومة العسكرية السابقة تجاوزنا هذه الكارثة.

ولكن حدثت المجاعة مرة أخرى بعد سقوط الحكومة المركزية السابقة في إقليمي باي وبكول عام 1992م وسط حروب أهلية مما أدى إلى مجاعة كارثية حتى وصل الأمر إلى تدخل الأمم المتحدة بقيادة أمريكا لإنقاذ المتضررين من المجاعة ولكن للأسف لم تنته المجاعة بل عادت مرة ثالثة وذلك في عام 2011م في الأقاليم الجنوبية الزراعية وسط معارك شرسة في البلاد وكانت أسوأ مجاعة منذ ستين عاما مرت البلاد حسب تقرير الأمم المتحدة مما أدى إلى نزوح عدد كبير من المواطنين من مدنهم إلى العاصمة مقديشو وكالعادة بدأت الحكومة الصومالية الانتقالية آنذاك نداءها للعالم لإرسال مساعدات إنسانية وأصبحت تركيا أول دولة جاءت لمساعدة الصوماليين وأيضا دول الخليج العربي الذين وقفوا مع الشعب الصومالي، والآن عادت المجاعة من جديد وهي أسوأ من سابقتها، لأنها عممت جميع أنحاء البلاد، وللأسف نطالب المساعدات الدولية من جديد.
 

إذا لم يتم اتخاذ التدابير اللازمة سيستمر تضرر شعبنا بالمجاعة والقحط أثناء الجفاف، وقد يصدق علينا قول قائل الوطن غني وشعبه جائع

وهناك أسباب كثيرة تؤدى إلى تكرار المجاعة ومنها:
*تأخر أو عدم سقوط كمية الأمطار في موسمها بحيث لا تكفى للزراعة.
*المعاصي والحروب وخاصة الحروب الأهلية من أخطر العوامل البشرية المسببة للمجاعات التي هي من أهم أسباب تأخر الأمطار.
*ضعف الحكومة المركزية في الوطن نتيجة الحروب الأهلية والانقسامات بحيث لا تستطيع مساعدة المتضررين.
*عدم استفادة الصوماليين من التجارب السابقة لتجنب المخاطر لأن الوقية خير من العلاج
الانتظار والاعتماد الدائم للمساعدات الغذائية الأجنبية وهذه المساعدات لاتسمن ولا تغنى من جوع.
*عدم وضع خطة استراتيجية لمواجهة الكوارث من قبل الحكومات الصومالية المتعاقبة 
الحلول المقترحة لمواجهة المجاعة.
*التوبة والرجوع إلى الله عز وجل لأن البلاء إنما ينزل بذنب ولا يرفع إلا بتوبة.
*وقف الحروب الأهلية التي تحدث في وطننا لأن الحرب ما علمنا وذقنا.
*إيجاد حكومة وطنية قوية منتخبة من الشعب تستطيع أن تحكم الأمور قبل فواتها.
*وضع خطط واستراتيجيات مستقبلية لمواجهة هذه الكوارث التي تتكرر ويتضرر شعبنا.
*إنشاء مشروعات ضخمة للمياه الأودية النهرية مثل الري الزراعي وزيادة الإنتاج المحلى لتجنب المجاعة.
*الاستفادة من المياه التي تذهب عبثا.
*حفر آبار في القرى والأرياف البعيدة، وحتى في المزار وعدم الاعتماد الدائم لهبوط الأمطار، لإن مواسم الأمطار قد تتأخر في بعض الأحيان.
*الاستفادة من الموارد البحرية بحيث لا يمكن ان تحدث مجاعة في بلد يملك أطول ساحل في إفريقيا.

وأخيرا إذا لم يتم اتخاذ التدابير اللازمة سيستمر تضرر شعبنا بالمجاعة والقحط أثناء الجفاف، وقد يصدق علينا قول قائل الوطن غني وشعبه جائع والحقيقة هي أن أكبر مصيبة تواجهنا هي عدم استغلالنا مما منّ الله علينا من الموارد الربانية التي تغنينا عن المساعدات الأجنبية التي جعلتنا أسرى وعبيد لسياسات المانحين من الدول القريبة والبعيدة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.