شعار قسم مدونات

التعليم الإلكتروني.. منظومة مدارس الهيئة الملكية من الداخل

blogs منظومة معرفة

يحظى التعليم في المملكة العربية السعودية بدرجة اهتمام عالية وتقدم الدولة الدعم اللازم لكن هذا الدعم يظل غير مجدي حين تكون الممارسات لا تلتزم معايير الجودة العالية ويكتنفها سوء الإدارة ما يعرض المقدرات للهدر. وقد خصصت المملكة ١.٦ مليار ريال ليكون عام ٢٠٢٠ أول عام دراسي بلا كتب في جميع مدارس المملكة، وهذا يدخل ضمن اهتمام السعودية بالتعليم الإلكتروني ولدينا تجربة في مدارس الهيئة الملكية بالجبيل الصناعية التي تلقى مدارسها راعية خاصة وحازت على قصب السبق في مجالات عديدة من أبرزها التعليم الإلكتروني.

مشاريع إدارة الخدمات التعليمية في الهيئة الملكية بالجبيل الصناعية دائماً ما يرافقها صخب وضجة غير مسبوقة لكنني لم اهتم طوال مسيرتي في التعليم ببرنامج أطلقته إدارة التعليم كاهتمامي بمشروع نظام إدارة التعلم المعروف بمشروع (منظومة معرفة) هذا المشروع يربط المتعلم بالتقنية ونقل تعليم الهيئة الملكية خطوة للأمام، شهد معارضة الحرس القديم من القيادات التربوية ودعم من قيادات يمكن أن نصنفها بأنها أكثر حداثة وجرأة في حينه، وفي زعمي أن أبرز ما خلفه الأستاذ القدير عبد العزيز المسند حين كان مديراً لإدارة الخدمات التعليمية مشروع منظومة معرفة، وبالمناسبة فمنصب مدير إدارة الخدمات التعليمية صار يشهد تجاذبات عديدة كونه من المناصب الحساسة في المنطقة الصناعية، ومن أبرز من تولى الإدارة فيه سعيد بن أحمد المصبح الذي كان يخلفه وقت الإجازات الشاعر الكبير محمد عبد الله العلي الذي عمل موجه تربوي في إدارة الخدمات التعليمية بالجبيل الصناعية قبل أن يكلف برئاسة تحرير جريدة اليوم السعودية لمدة عامين.

مر مشروع منظومة معرفة بمراحل ولست هنا في صدد سرد تاريخي لكنني أخلص إلى أنه تحول من مشروع رائد إلى مشروع متعثر رغم أهمية التعليم الإلكتروني وضرورة أن يقدم بصورة مقنعة ولدي جملة من الأسباب سوف نستعرض بعضها .

لتعاطي مع منظومة معرفة بطريقة خاطئة قلص الاستفادة منها وجعلها شكلية. لذا وجدنا خلل في التغذية الراجعة خاصة فيما يتعلق بالبحوث وأوراق العمل والتقارير

1- فشل المشروع منذ عام 1430 للهجرة تاريخ بداية التطبيق في استقطاب أولياء الأمور وربطهم بمحتوى المواد حتى مع دعم النظام لهذه الخاصية فالفاعلية غير حاضرة، وولي الأمر غائب عن كل ما يجري. وحين وضع كشف الدرجات في مدرسة الرواد الثانوية ارتبط بجزء غير نظامي وشكلي، يجعل المعلم يقوم بالعمل مرتين، مرة في منظومة معرفة وأخرى في (نظام نور) ونلاحظ أن الخطط العامة والمعلنة في قسم التخطيط و التطوير التابع لإدارة تعليم الهيئة الملكية دون في خططه منذ سنوات ويمكن مراجعتها من قبل المهتمين أن كشف الدرجات سينفذ في منظومة معرفة لجميع المدارس الثانوية لكن لم ينفذ أي شيء حد علمي حتى ساعة كتابة هذا النص .

2- فشل مشروع منظومة معرفة في مراقبة المحتوى والإشراف على ما يقدم، لا يوجد ضابط للمسألة، وقد خاطبت مدير إدارة الخدمات التعليمية الأستاذ محمد الهاجري بهذا الشأن وكانت المفاجئة هي الصمت. فما شهدته لا يقع ضمن اختصاصاتي وحين تشير للمشكلة يتم وضع ألف خط تحت اسمك وتبدأ نظريات سوء الظن وتتحول المسألة لشخصنة القضية دون النظر لمصلحة العمل ورضا المستفيد ومعايير الجودة .

3- هناك فهم قاصر بأن منظومة معرفة تقدم نفسها كمخزن يتم من خلالها أرشفة أعمال المعلمين ويكرس هذا الفهم قسم التخطيط والتطوير القائم بأعمال منظومة معرفة في مدارسنا و للأسف نتج عن ذلك إشكاليات عديدة على سبيل المثال وليس الحصر جهد معلم متفاني يتحصل عليه معلم لم يقدم أي شيء. فكرة المشاركة فكرة اختيارية ولا يجب أن تكون مفتوحة للجميع وإجبارية.

4- التعاطي مع منظومة معرفة بطريقة خاطئة قلص الاستفادة منها وجعلها شكلية. لذا وجدنا خلل في التغذية الراجعة خاصة فيما يتعلق بالبحوث وأوراق العمل والتقارير .

5- الدروس الافتراضية التي تم تقديمها من خلال منظومة معرفة لم تعطي ثمارها فكم مرة عطلت الدراسة بسبب الظروف الجوية فهل تمت الاستفادة من هذه الخدمة وشرح الدروس وقت التعطيل؟

6- فكرة التنسيق في المدارس اكتشفت بعد ممارستها أنها فكرة غير مجدية والسبب أن منسق منظومة معرفة في المدرسة منقطع الصلة عن مشرف إدارة التعليم الإلكتروني الذي يتبع لقسم التخطيط والتطوير فالمنسق يمارس دور المشرف دون التمتع بصلاحياته ولهذا اقترحنا إلغاء شيء اسمه منسق وندخل مرحلة المشرف الإلكتروني المقيم. وللأسف لا توجد للمنسق مهام مكتوبة ومنصوص عليها إنما يتحرك وفق رغبات المدير المباشر أو مشرف إدارة التعليم الإلكتروني عن طريق البريد الإلكتروني .

7- البعض يعتبر منظومة معرفة الابنة غير الشرعية لقسم الإشراف التربوي الذي ردها بدوره لقسم التخطيط والتطوير الذي حاول إنقاذها ولكن بوضع دماء ملوثة قضت على كريات الدم البيضاء التي دافعت عن منظومة معرفة وحاولت تحسين محتواها وطريقتها .

8- التعليم الإلكتروني ليس حكراً على منظومة معرفة فهي جزء منه أما عسف المبدعين عليها وحصر التعليم الإلكتروني فيها ساهم في خلق روح عدائية ضدها وبالتالي التعامل معها كمخزن للبيانات وليس كمركز إبداع متجدد، لذلك دمج التطبيقات الإلكترونية معها كان من الأفكار التي طرحتها بقوة ولكن رفضت في حينه .

لم تعد فكرة وضع جهاز أو نظام متخلف نستبدله لاحقاً لنبين للناس أننا تغيرنا يمكن أن يتقبلها المجتمع في الوقت الراهن فما يحدث قبل خمس سنوات غير مقبول في ظل التطور المتسارع والرؤية التي ينبغي التعامل معها بجدية فالنجاحات المؤقتة لن تصنع جيل قادر على مقاومة التحديات

9- لقد فشل المتحكم بطريقة ممارسة شكل التعليم الإلكتروني في مدارس الهيئة الملكية في تقييم التجربة بصدق وإلا لماذا لا تنشر نسب الدخول لنظام إدارة التعلم؟ ولماذا لا يكون هناك استطلاع حر وعشوائي يصاغ من جهة محايدة يتحدث عن مدى رضا المستفيد عنها؟ كل ذلك مرفوض من قبل القيادات التربوية الحالية في الهيئة الملكية لأنه سيكشف جزء من عورات النظام .

10- الوعي غائب في الميدان التعليمي وسبب الغياب الطرف الأقوى وهي إدارة الخدمات التعليمية وهناك من يقف سداً منيعاً لا يرغب في التطوير الجدي ويمنع المهتمين من طرح اهتماماتهم بالإقصاء والتضييق وسوء الظن وتبدأ رحلة ما يطلق عليه في أدبيات معلمي الهيئة الملكية(الدفن).

11- الضغط القوي من قبل المدير المباشر والتهديد بأن عدم التعامل مع منظومة معرفة له أثره على تقويم الأداء الوظيفي بمثابة الكارثة على جودة العمل فالمدير المباشر يقدر العملية بالأرقام ولا يُقيم المحتوى العلمي والمادة المطروحة.

12- تعاني منظومة معرفة من الخطوات الصعبة والكثيرة في رفع الملفات وطريقة إعداد الاختبارات إضافة للتحكم بالمحتوى الرقمي.

منظومة معرفة سوف تنتهي على يد التقدم المتسارع وتطور التطبيقات في هذا المجال، ربما تأخذ شكلاً مختلفاً في المرحلة القادمة لكن إن لم تكن الإصلاحات جدية سيظل المعلم يعمل فيها تحت الضغط الذي تمارسه إدارات المدارس والطالب مجبر للتعامل معها لأنها مفروضة عليه من قبل المعلم . 

أخيراً، لم تعد فكرة وضع جهاز أو نظام متخلف نستبدله لاحقاً لنبين للناس أننا تغيرنا يمكن أن يتقبلها المجتمع في الوقت الراهن فما يحدث قبل خمس سنوات غير مقبول في ظل التطور المتسارع والرؤية التي ينبغي التعامل معها بجدية فالنجاحات المؤقتة لن تصنع جيل قادر على مقاومة التحديات.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.