شعار قسم مدونات

كرة الثلج

مدونات، اليمن

المُتمعنُ في واقعنا العربي عموما واليمني على وجه الخصوص قد يراه أشبه بكرة الثلج التي كلما زادت تدحرجاً كلما زادت حجماً وتعقيداً. لنتحدث عن اليمن قليلا، بداية من ثورة الحادي عشر من فبراير والتي بدأت في العام 2011، كائناً من كان القائم عليها أو من هم الذين خرجوا بها، الثورة كان هدفها واضح هو تنحي الراقص على رؤوسِ الثعابين عن السلطة وبالفعل هذا ما حدث فقد حققت الثورة مبتغاها وقد تنحا الرئيس السابق عن السلطة، ولكن ما الفائدة من تنحي كبير السحرة في حين أتباعه ما زالوا هم أنفسهم من يتحكمون في تحديد المصير، كان من المفترض أن يكون التغير جذريا حتى نكون قد حققنا الهدف الأسمى من الثورة وهو يمنٌ جديد بمعنى الكلمة.

من الصعب جداً حل المشكلة بشخص وعقلية المتسبب بها على أملٍ بأن تشرق شمس صباح يومٍ جديد تذيب كرةَ الثلج اللعينةِ هذه.

مؤتمر الحوار الوطني كان إحدى سفن النجاة التي تشبثنا بها ولكن سرعان ما أغرقتها الأمواج، أمواج المناطقة والطائفية وخسران المركزية على حد سواءْ، المضحك المبكي في الأمر أن من يتقاتلون اليوم هم ذاتهم من اتفقوا على مخرجات الحوار الوطني، هم ذاتهم من يرون أن الحوار الوطني هو الحل الأمثل والأنسب لبلد تغْزهُ القبلية، لنذهب بعيدا بعض الشيء لا أعتقد أن أحد تلك المخرجات هو عدم رفع أسعار المشتقات النفطية، لماذا ثورة 21 سبتمبر من العام 2014 إذا، لماذا ثورة الجرعة هذه؟ كانت بمثابةْ جرعة الموت حقاً، ثورة ضد العدوان.

كما يدعون، كيف ضد العدوان وثورتكم بدأت قبل أن يبدأ التحالف عملياته في اليمن؟ ثورة كانت بمثابة السيلِ العرمْ التي أحرقت الأخضر واليابس، ثورة جعلت أكثر من 2 مليون يمني بين لاجئون ومشردون في شتى بقاع العالم أو معاقون وجرحى في بلد ينقصه أهم مقومات الحياة وهي الرعاية الصحية، بالأمسِ القريب خرج الآلاف إلى ميدان السبعين ينددون بالعدوان، كما يدعون، لست من يقْصوهم بالعكس فما حصل دليل على الديمقراطية والعدد الذي خرج بالعكس إن دل على شيء فإنما يدل على أن حزب المؤتمر رقم صعب ويلعب دورا مهماً في المعادلة، ولكن المؤسف في الأمر أنهم خرجوا يفدون الرجل المشوه بأرواحهم ودمائهم، الرجل الذي هو سبب ما هم ونحن فيه اليوم هم معترفون بذلك!

ليتهم خرجوا لِتنديد بفتح المطارات أو بمعالجة الجرحى أو الرواتب أو الكهرباء أو المعتقلين أو أي شيء يعيد لليمني ولو جزءا من كرامته المسلوبة، قال تعالى "إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ". علينا تغير أنفسنا أولا بتجريدها من تقديس الأشخاص والولاءات التي أنهكتنا وأنهكت الشعب بأكمله علاوة على التغيير قدر المستطاع مِن هم المعنيون في حل مشكلة ما نحن فيه لأنه من الصعب جداً حل المشكلة بشخص وعقلية المتسبب بها على أملٍ بأن تشرق شمس صباح يومٍ جديد تذيب كرةَ الثلج اللعينةِ هذه.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.