شعار قسم مدونات

ذَاكَ هُوَ الأمَلْ..

مدونات، الأمل

لقد عُدت: لكن تلك المرة عُدت لأكتُب عن الأمَل، لَم يكُن هذا الموضوع يَجولُ في خاطري نهائياً إلي حِين أن تلقيتُ توبيخاً مِن والدي بعد قراءته أخرَ ما كتبتْ ليقولَ لِي: نَحن نكتُب لنُعطي لِلناسِ أملاً، نكتُب لِكي يَظنوا ولو قليلاً أنّه لآزال في هذا الكَون أحداً يُوقِن بأن الله لن يُخلف وعده أبداً، لا نَكتُب أبداً كلماتٍ تشعرُ القارئ بالكأبةِ والحُزن حتي ولو كان الواقع مؤلِماً فسوف تكون كتابَتُنا هي دواءُ القراء إلي حِين أن يُحدث اللهُ بعد ذلك أمراً.

قد كان درساً جيداً لِي لأكتُب بعضاً مِما يُعيدُ لكُم ما قد سَلبَتُه كلماتي القديمة مِنكم، فلا يجب أن تسعي لمن غرَسَ في قلبك سهماً ومضى. الأمل هو تلك النافذة الصغيرة، التي مهما صَغُر حجمها وقَل ضوئها، إلّا أنها تفتح آفاقاً واسعة في الحياة تجعَلُ مِنك روحاً تسيرُ بين الناسِ لِتنشُرَ ولو قليلاً مِن الأمل، لكنّ الأمل ليس أن تأمل بأي شيء تجدَهُ حولك، الأمل هو أن تتركَ روحك لله وأنت تثق أنه سيعطيكَ كلّ ما يَسُر قلبك، قد كان لسيدُنا يعقوب ثقة في اللهِ وأملاً أنّ الله سَيٌعيدُ له سيدُنا يُوسُف وأخيه وسَيُقِر عينهُ بِهما وقد صدق اللهُ وعده، وهُناك غيرُها مِن سِير الأنبياء والصحابة التي يُوجب علي المرء التَعلَم مِنها والتعمق في مدي جمالِها ومدي رحمةِ الله فيها وصدقُ وعده للمؤمنين، فما لنا لا نتعلم منهم الصبر واليقين في الله عز وجل، بأنّ كلّ شيء سيعودٌ لِمَجراهُ يوماً؟
 

الحياةَ لا طعم لها بلا أمل فأحسنوا الظن بالله، فيوماً ما ستعود سوريا باسمه. وسترجع مصر آمنه. وستعود اليمن سعيدة. وسيعود العراق شامخا. وسترجعُ كلّ بلاد المسلمين زاهيه سالمة زاهرة عزيزة

إنّ المؤمن كالورقة الخضراء، لا يَسقط مهما هبت العواصف والرياح، رُبما لأنّه يثق بأنّ كلٌّ مغتربٍ سيعود، وكلُّ شهيدٍ فهو بين يدي الله مُنعم مسرور لا يُخاف عليه، وكلُّ ألمٍ سيطيبُ لأنّ لنا رباً كريم، وكلُّ ضيق بإذنِ اللهِ سَيُفرج، وكلُ عسيرٍ إذا استعنت بالله فهو يسير، فحتماً سَيُطّيبُ اللهُ لنا كُل شيءَ ذاتَ يوم. 

فسلامٌ على الذين يَترُكون قلوبهم بيدِ الله ِوهمْ على يقينٍ أنّ الله لنْ يُضيعهُم في تلك الدَارُ الفانية.. إذاً لن يضيّعنا الله: تلك الكلمة تختلج بداخلي حين يؤلمني أمراً ما، تلك الكلمة التي قالتها السيدة هاجر زوجةُ سيدنا إبراهيم رَضي اللهُ عنهما حين تركها زوجها "إبراهيم عليه السلام" بوادٍ غير ذي زرع استجابة لأمر الله ﷻ، فحين مضى وتركها وابنها وحيدين، قالت: يا إبراهيم، أين تذهب وتتركنا في هذا الوادي، الذي ليس فيه أحد ولا شيء فيه، قالت ذلك مراراً ولكن ابراهيمُ لم يلتفت إليها حتى لا يتأثر بالعاطفة ويحن عليهما وينسى أمر ربه، فقالت له: آللهُ أمرك بهذا ؟ قال: نعم، قالت: إذاً لن يضيعنا الله..

بلا شك أن الحياةَ لا طعم لها بلا أمل فأحسنوا الظن بالله، فيوماً ما ستعود سوريا باسمه. وسترجع مصر آمنه. وستعود اليمن سعيدة. وسيعود العراق شامخا. وسترجعُ كلّ بلاد المسلمين زاهيه سالمة زاهرة عزيزة. وسنصلي في الأقصى معاً.

يَا عزيزي القارئ امض في سبيلكْ مطمئنا ثَابتًا وكُنْ صَادق السَعي، فاللهُ سبحانَهُ يُريدُ مِنْكَ سعيًا صَادقًا يُجمِلّهُ بعضُ الامل والحُب والثقة به ﷻ، ثُمَّ دَعْ عنْكَ الناسَ مَا قالوا ومَا فعلوا والتمِس العمَل الصَالح، ولتعلمْ أنَّهُ لنْ يَئنَّ أحد لمَا أنتْ فيهِ مِنْ وهَنْ الطَريقْ فَاصْبِر حَتي تَبلغ الأجرَ وثق في الله ﷻ، ولتَعلم أنّك إنْ اتخذتَ سبيلاً لله ماضيًا فيه بِطيبِ قلبٍ فسوف يُحيطُكَ الله بنورهِ وحسنْ لطَفهِ ورحمتهِ حَتي تَرضَي في نفسِكْ وتطمئنّ، فاستقِمْ كمَا أُمرتْ ولوْ كُنتَ وحدَكْ وكن شخصاً ذا أمل وكن علي يقين في الله ﷻ فَ ذاكَ هُوَ الأمَلْ. 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.