شعار قسم مدونات

إن شرع الله في الأفراح أن تتمتعوا

blogs-wedding
الفرح حلو، نعم ليس أجمل من الفرحة والابتهاج على الأرض، وإن كان من شكل تتجسد فيه الفرحة فلن يكون إلا عروس تطل بثوبها الأبيض فتشرق على قلوب أحبابها نورا وثناء. ولما كان الإسلام دين حريص على الفرحة فقد جعل للفرحة ما يجسدها في هذا الموقف السعيد، ففيه يسن ضرب "الدف"، والصوت واللعب و"انتهاب الطعام" كما ورد في الحديث النبوي الشريف روى النسائي عن محمد بن حاطب -رضي الله عنه- قال- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "فصل ما بين الحلال والحرام الدف والصوت في النكاح" وكما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما تم العقد بين سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه والسيدة فاطمة الزهراء دعا النبي صلى الله عليه وسلم بطبق بسر فوضع بين يديه ثم قال للحاضرين "انتهبوا".


ولما كانت النساء هن مصابيح الفرحة المتلألئة، فقد أفرد الإسلام لهن مراسم فرحة خاصة بهن، فقد جعل لهن أن يغنين ويضربن الدفوف، ويقضين وقتا مفعما بالأنس والابتهاج.

ومما يعزز الفرحة أيضا أن يعبر عنها صاحبها، لذا شرع رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة العقد التي كان محورها إعلان النكاح والتي تضمنت أيضا الإعلان عن الصداق، وإعلان رضا العريس عن الزواج والصداق، ومن ثم أن يلقي العريس خطبة يعبر فيها عن فرحته وشكره لله الذي رزقه نعمة الزوجة. 

وكان من اللافت للانتباه أن نرى الغرب ،كما يعبرون عن أنفسهم في أفلامهم السينمائية، يعلون من شأن إلقاء الخطب عموما، وفي المناسبات الاجتماعية خصوصا، فنرى أنهم يعدون خطبة العرس إعدادا جيدا، ويعيرون ذلك وقتا ومكانا وإنصاتا، إلا أننا في المقابل نرى في عالمنا العربي، أنه لم تعد للخطبة مكانتها، حتى خطبة الجمعة والعيدين، فما بالكم بخطبة في عرس لا يعدو أن يكون خطيبها "المأذون" المكلف من الدولة، أو حتى عامل المسجد الذي يتم فيه العقد! فينتهي الأمر بخطبة العرس أن تكون محاضرة مطولة عن فهم الخطيب للزواج الذي لا يخلو من تأثير الأعراف الاجتماعية بحلوها ومرها. 

ولما كانت النساء هن مصابيح الفرحة المتلألئة، فقد أفرد الإسلام لهن مراسم فرحة خاصة بهن، فقد جعل لهن أن يغنين ويضربن الدفوف، ويقضين وقتا مفعما بالأنس والابتهاج، فيفضين من الفرحة على قلوبهن التي تضئ منازلهن، فتبدأ العروس حياتها في بشر وحبور، وتتجدد الفرحة في الأخريات، فلا تزال منازلهن منارات فرحة وأنس وسعادة. 

وقد رحب صلى الله عليه وسلم بوصيفات عائشة يوم بنى بها وخصهن بطعام؛ ليعلّم كل زوج كيف يطمئن صواحب عروسه اللواتي يخشين فقدها في أسمارهن وأحاديثهن. ومما استمر من فرحة النبي صلى الله عليه وسلم في الأعراس الحرص على الوليمة، والحرص على تلبية الوليمة، فيالهذا من باعث للفرحة حينما يرى العريس أصحابه، وترى العروس صواحبها يشاركنها الطعام المبارك ببركة الفرحة ببناء البيت ووجود السكن والمستقَر!

وكان النبي صلى الله عليه وسلم حريص  في الأعراس من إعلاء قيمة المشاركة الأخوية الودية التي تنبع من علو قيمة العروسين عند من يشاركونهما فرحتهما، إلا أننا في وقتنا المعاصر نعاني من تطرف في أدبيات الأفراح، والتي تتتمثل في الأغاني والأهازيج التي يتداولها الناس في الأعراس.

فنرى طرفا قد اضمحلت أخلاقه وراح يردد وصفا صريحا للسكر والخمر، ويروج للانحلال الأخلاقي والاستخدام الغير لائق للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في مواضع تأنفها النفس السوية فضلا عن النفس المسلمة، ونرى طرفا آخر يقحم التفقيه في الدين والدعوة للإصلاح الاجتماعي والتيسير في المهور في أغاني الأفراح.

ونرى ما لهذه الأدبيات من مشاركة في تكوين الفكر الاجتماعي لدى شريحة من الذين يتبنون المشروع الإسلامي، فنرى الأدبيات التي تقدح حرص الرجل الفطري على الزواج من المرأة الجميلة والذي لم ينكره الشرع، فينتج عنها امرأة لا تقدر الجمال الفطري ولا تحرص على التجمل، ولعمري هذا من أسس  السعادة في البيوت التي تنشد الهدوء والجمال، ونرى رجلا يقلل من قيمة جمال امرأته بلسانه أو بحاله.

وقد رحب صلى الله عليه وسلم بوصيفات عائشة يوم بنى بها وخصهن بطعام؛ ليعلّم كل زوج كيف يطمئن صواحب عروسه اللواتي يخشين فقدها في أسمارهن وأحاديثهن.

ونرى مبالغة أيضا في إفقار الأغاني والأناشيد إلى عذوبة الألحان وجمال الصوت وحسن الأداء، مما يجعل العرس الذي يحاول التحلي بالآداب الإسلامية رتيبا مملا خال من البهجة مقابل المبالغة في إكسابها صخبا يتنافى مع السلام النفسي في الأعراس التقليدية. 

وبين هذا وذاك تظهر الأدبيات التي يحاول البعض إضفاء الصبغة الإسلامية عليها، والتي تعتمد على النسخ والتقليد وسرقة الألحان وتحريف الألفاظ، بل والتقليل من شأن من صاغوا اللحن ابتداء، والإساءة إليهم في بعض الأدبيات، وتجنب أيا مما يعرفه العامة لمجرد أنه "ليس إسلامي"، حتى ولو لم يكن به ما يخالف الشرع.

بالطبع لا يعني هذا خلو أدبيات الأعراس مما يلبي الفرحة ويحقق السعادة، فهناك الكثير من المحاولات الجيدة للإبداع، إلا أنها " محاولات فردية" ولا تلقى الدعم الكافي الذي يساعد على تطويرها وتكثيرها حتى لا تتقادم مع الزمن فيتم استهلاكها حتى يملها السامعون.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.