شعار قسم مدونات

معنى أن تسافر

مدونات، السفر

السفر درب من دروب فتح آفاق جديدة لنفس الانسان، لعقله ولجسمه، فمجرد التفكير فيه وفي تفاصيله يجعلك ترتاح وتخرج من عالمك الروتيني، أما السفر فعليا فه وتجربة إنسانية فريدة تستحق الخوض فيها. أن تسافر، يعني أن تبتعد عن يومياتك المعتادة، مقهاك المعتاد، أصدقاءك المعتادين بل وأكلك على الطاولة المعتادة. أن تسافر، يعني أن تبتعد عن كل سبل الراحة التي وفرتها لنفسك لتعيش في تناغم مع حياتك اليومية إلى أخذ طريق رسمتها من قبل لكن لا تعلم تفاصيلها، ولا تعلم بأي مزاج تكون البداية ولا كم الطاقة التي ستعود بها في النهاية.

قد تستغرق وقتا طويلا لتغيير بعضا من أفكارك، وقد تظن بأن لك قناعات راسخة لا يغيرها الدهر مهما طال، لكن أؤكد لك أن السفر قادر على ضحد كل هذا، وقادر على إضفاء تغيير كبير على كثير من أفكارك وقناعاتك

أن تسافر، يعني أن تختبر قدراتك كلها في نفس الوقت، فالتواصل مع أجنبي يتطلب منك لغة ستُمتحن فيها طوال مقامك في تلك البلاد، وقد تكون محددا لنسبة سعادتك طوال مقامك. أن تسافر، يعني أن تختبر قدراتك الاجتماعية، ومدى كفاءتك على التكيف مع مختلف المواقف، من المطار إلى النادل، إلى صاحب التاكسي، إلى سوء قد يلحق بك، وإلى صديق قد تجلبه لك الصدفة بدون سابق إنذار.

أن تسافر، يعني أن تنبهر بذاتك، ستكتشف أنك لست بحاجة إلى عدد ساعات نوم طويلة كما كنت تفعل في بلدك، وستكتشف حبك للمشي دون راحة، وستنسى رغبتك في وجبات منظمة في أوقات محددة. ه وكذلك فرصة رائعة لاختبار تدينك، هل ستبدأ يومك بالصلاة كما كنت تفعل سابقا؟ هل ستتوقف وسط اليوم لجمع الظهر والعصر قصرا؟ وهل ستختم يومك بركعات قبل وضع رأسك على الوسادة؟


قد تستغرق وقتا طويلا لتغيير بعضا من أفكارك، وقد تظن بأن لك قناعات راسخة لا يغيرها الدهر مهما طال، لكن أؤكد لك أن السفر قادر على ضحد كل هذا، وقادر على إضفاء تغيير كبير على كثير من أفكارك وقناعاتك. زيادة على ذلك، سيبعث فيك روحا جديدة ستعينك على تحمل عناء روتينك اليومي، وستعلم أن عملك ليس إلا وسيلة لعيش حياة أخرى لا يكتشفها إلا الشخص الذي بادر وسافر لاكتشاف مجتمع يختلف عن المجتمع الذي اعتاد عليه.

السفر لم يكن يوما غريبا عن الثقافة العربية بشتى أهدافه، وقد قال الإمام الشافعي رحمه الله في هذا الباب: تغرب عن الأوطان في طلب العلا- وسافر ففي الأسفار خمس فوائد. تفريج هم واكتساب معيشة – وعلم وآداب وصحبة ماجد. الثابت هوأن هذه الحياة لا يليق بها "ولا بنا" أن نتقوقع في مكان واحد، ثقافة واحدة، وجوه متشابهة وأفكار نمطية، فسفر الإنسان إلى مجتمعات أخرى قد يعتبر واجبا إنسانيا متى استطاع إليه سبيلا. السفر ليس هدفا بحد ذاته، لكنه وسيلة لتوسيع الآفاق وتنمية المدارك، والجميل في الأمر أن المسافر تكون له ذكريات لا تنسى والأهم أنه عندما "ينتهي الكلام" يكون له دائما ما يرويه لك.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.