شعار قسم مدونات

قالت أروى

blogs - مدينة اليمن
قالت أروى: أنا أحب صنعاء يا جدي، وقال أحمد: وأنا كذلك، فتبسم الجد وقال: أعدكما أن نزور صنعاء قريبا.. كنت في الابتدائية كلما قرأت هذا الدرس الممتع في مادة القراءة التي أحبها، أشعر بالحب والشوق لهذه المدينة الجميلة التي تحبها أروى؛ فأروى لا يمكن أن تحب إلا شيئا جميلا! صحيح أن أروى لم تكن قد رأت صنعاء من قبل، ولا وقفت أمام بابها التاريخي، ولا كحلت عينيها برؤية أبراجها ذات الطابع العمراني الفريد، لكنها أحبتها من وصف جدها -الفلاح الطيب- لها، ولا غرو؛ فالأذن تعشق قبل العين أحيانا!

حتى أنا كنت أحب صنعاء وأروى ولم أرهما، وكنت أشعر أن أحمد -شقيق أروى- صديقي، وأتمنى أن ينتقل إلى مدرستنا لنجلس سوية على "كرتون" واحد، ونتقاسم ظل الكرتون عند الانصراف، ثم يخبرني أكثر عن جده الحكيم وما حكاه له عن صنعاء، وعن أروى!

كنت أرسم في مخيلتي صورا هلامية عن صنعاء -وأحيانا أروى- وأتصورها جنة الله في الأرض -وهي كذلك- إلا أنني لم أكن أتخيل أن الشياطين الشريرة قد تزاحمنا في الجنة، بل إنها تحرسها ولا تفتح إلا لمن ركع أو غضب، ولم يخطر ببالي أن الطيبين قد يهربون من الجنة، وقد لا يحبونها!

وكنت عندما أقرأ هذا الدرس أتمنى أن تطلب أروى من جدها الطيب أن يأخذني معهم إلى صنعاء، لأحتضن كتلة الجمال هذه، وتنف علي نفوفها الزكية، ويعانقني أمسها الحي.

كأني بالجد العجوز يبتسم بسخرية ويقول لأروى: إن في صنعاء توجد شجرة اسمها الطالوقة أمام بوابة دار الحجر، يا بنيتي إنها شجرة عمرها 700 عام لا يعتليها مراهق!

كان الجد يصف طبيعة صنعاء الأخاذة بالألباب، فيذكر جوها المعتدل اللطيف، وسهولها المنسابة، وجبالها العنيدة، فيذكر جبل نقم الثائر، وجبل عصر المقاوم، وجبل "عيبان" البريء. وكان يحدث أروى عن مساجد صنعاء العتيقة، ومآذنها الشاهقة، وقبابها البيضاء الناصعة، ولا أدري لماذا قال لها إن صنعاء "مسلمة" وفيها الجامع الكبير وجامع البكيرية وجامع صلاح الدين، صلاح الدين -يا أروى- الذي حارب اليهود في "فلسطين".

وعندما حدثها عن أسواق صنعاء، وذكر لها "سوق الحب" تذكرت تجار الحرب، وذكر "سوق البز" فتذكرت من "بزوا صنعاء واليمن"، وذكر سوق الختم (المصاحف) فتذكرت قول الله: النبع الأول: {إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ}، ثم ذكر "سوق الملح" فأيقنت أنهم إلى زوال!

ثم كأني بالجد العجوز يبتسم بسخرية ويقول لأروى: إن في صنعاء توجد شجرة اسمها الطالوقة أمام بوابة دار الحجر، يا بنيتي إنها شجرة عمرها 700 عام لا يعتليها مراهق!

وأكمل الجد: يا بنيتي أعدك إذا زرنا صنعاء أن نذهب لمنتزه عطان، ونزور حديقة الحيوان، وكأني بأروى الآن تفرك يديها من بقايا العجينة وتتساءل: هل لا يزال أهل صنعاء في حاجة لحديقة الحيوان؟!

وكنت لشدة تشوقي لمعرفة ما رأت أروى في صنعاء، استعجلت قراءة الدرس الثاني، لكني وجدت أروى في الحديقة تقطف المحصول مع جدها، وكنت أظنهم يزرعون البن، لكن أروى كانت "مولعية"!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.