شعار قسم مدونات

علاقة الفكر الديني بالإرهاب

blogs- الإرهاب
تعتبر ظاهرة الإرهاب من الظواهر الخطيرة التي أصبحت تكلف الدول ملاييرا من الدولارات من أجل حماية الداخل من بعض العمليات الإرهابية، وباعتبار الإرهاب حسب تعريف جزئي لنعوم تشومسكي في كتابه "الإرهاب الدولي الأسطورة والواقع"، فإنه أي عمل تنفذه جماعة صغيرة ضد الدولة، في حين أن الدولة إن مارست العنف "الإرهاب"،على جماعة أو جماعات لا يعتبر إرهابا، إذن هنا نتحدث عن الشرعية هي المتحكم في تعريف الإرهاب من عدمه.

أما الفكر الديني، فيمكن اختصاره في كل ما أنتجه علماء وفقهاء وفلاسفة الديانات العالمية من اجتهادات دينية وعلمية وفلسفية، تقدم الأجوبة عن استفسارات تتعلق بالكون والخلق وكل ما يتصل بحياة الإنسان العلمية والعملية منذ وجوده إلى الآن، وفي تعريف أكثر دقة، يمكن اعتبار الفكر الديني المنهج الذي يجب أن يفكر به الدينيون أو الذي ينبغي أن يفكروا به.

فهل هناك علاقة بين الفكر الديني كفكر وبين الإرهاب كمصطلح أصبح فعلا واقعا؟ أم أن الأمر لا يعدو سوى تلاعب بالمصطلحات كالدين والفكر الديني، خدمة لأجندة الإرهاب العالمي؟ فبالعودة إلى التاريخ العالمي وما شهده من مجازر بين مختلف شعوب العالم، نجد أن كل الغزوات الإسلامية أو الحروب الصليبية استمدت شرعيتها وقوتها من الفكر الديني، وجعلته كمنطلق للإقناع والتجييش، ومن ثم السير في خوض كل الحروب.

فالحروب الصليبية مثلا قامت بها الكنيسة، وكانت من أجل السيطرة على الأراضي المقدسة، واستمرت تلك الحرب كما هو معلوم، لما يربو عن مائتي سنة، وكان المقاتلون يطلقون على أنفسهم اسم جنود المسيح كتسمية دينية للدعم المعنوي.

مع كامل الأسف، الفكر الديني له علاقة وطيدة بالإرهاب، فهو في نظري المحرك الأساسي للإرهاب واللبنة الأساس التي تقوم عليها كل الحركات الإرهابية عبر العالم، لأن الحرب قائمة ضد أفكار.

وكذلك الأمر نفسه مع الحروب الدينية التي شهدتها أوروبا، نجد أنها اعتمدت على الفكر الديني المسيحي للقيام بتلك الجرائم الخبيثة، واستمرت تلك الحرب لحوالي مائة وواحد وثلاثين سنة، ويأتي الدور على الدولة الإسرائيلية التي لم تحد عن القاعدة العامة في الاعتماد على فكرها الديني الذي يستمد توجهاته الكبرى من الدين اليهودي الذي يحرض على القتل والتقتيل وحرق الشجروالبشر.

وأخيرا نأتي إلى الصورة النمطية عن الإسلام، والتي حينما تقول الفكر الإسلامي، فإن الكثير من الغربيين والأجانب عموما يذهب تفكيرهم نحو الإرهاب، نظرا لظروف عدة أبرزها الميديا، وسخافة العقل الإسلامي الحالي الموجود على الساحة، وخصوصا ثلة من الفقهاء الأغبياء الذين ينفخون على جمر الإرهاب لكي يستعر أكثر، فالفكر الديني الإسلامي مع كامل الأسف مليء بالأحاديث المكذوبة التي تساهم في تجييش الشباب وإرسالهم نحو بؤر التوتر، كما أن الأمر ينطبق على التفسير الخاطئ لبعض الآيات القرآنية التي نزلت في مواضيع محددة، في حين يتم ليّ رأسها لتتماشى مع هواهم الفكري، ومتزعموا هذا الفكر كثر على الساحة إذ يوفرون فتاوى على المقاس، تشجع على القتل والتحريض وقطع الرؤوس.

الصراع الشيعي السني، صراع سياسي بالدرجة الأولى، لكن تم تغليفه في إطار ديني، ولهذا نشاهد المجازر في حق المسلمين بعضهم، وتاريخ الحروب الدينية المسيحية يتكرر، لكن بدم إسلامي بوكالة دولية.

إجمالا، ومع كامل الأسف، الفكر الديني له علاقة وطيدة بالإرهاب، فهو في نظري المحرك الأساسي للإرهاب واللبنة الأساس التي تقوم عليها كل الحركات الإرهابية عبر العالم، لأن الحرب قائمة ضد أفكار، والحرب تكون من أجل فكرة ولكي نحارب الإرهاب وجب علينا محاربة الأفكار الخاطئة والمدسوسة والمكذوبة على كل الأديان، لا محاربة الأديان.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.