شعار قسم مدونات

حدائق بشر، بدل حدائق حيوانات! "العنصرية البيضاء"

blogs - رجل مقيدة
عزيزي القارئ ربما أنت مثل الكثيرين اليوم ممن يعتقدون أن الغرب الأبيض صاحب حضارة قامت على العدل والمساواة. ربما كنت ممن ينبهر بتقدم الغرب العلمي والتكنولوجي اليوم حتى غابت عنك أفعاله في حق البشرية. في هذا المقال سأعرض لك حقائقا حول الغرب الأبيض وعنصريته الشديدة من خلال التكلم عن حدائق كانت تستعمل لعرض البشر بدل الحيوانات وما سأتكلم عنه اليوم لن يكون عن ماض بعيد، بل سيكون حول القرنين السابقين أي القرن التاسع عشر والقرن العشرين.

بدأ عرض البشر في بداية القرن التاسع عشر من خلال عرض الشابة سارة بارتمان الإفريقية في لباس ضيق وأحيانا عارية تماما سنة 1810، واعتبرت كحيوان غريب بعد أن تم وعدها بالثراء والشهرة، ثم تم ترحيلها لأوروبا لتجد أنها تعرض وتعامل كالحيوانات، إلى أن توفيت وتم الاحتفاظ بجمجمتها ومخها وأعضائها التناسلية لتعرض فيما بعد في المتحف البشري في فرنسا سنة 1974، وبقيت هناك إلى أن استرجعها الرئيس الجنوب إفريقي نيلسون مانديلا سنة 2002!!

وفي أواخر القرن التاسع عشر سنة 1881، حين خطف خمسة هنود حمر من قبيلة "كاويسكار" وتم ترحيلهم لأوروبا ليتم عرضهم في ما بعد مثل ما تعرض الحيوانات. ثم انتشرت هذه الظاهرة في القرن العشرين، ففي 1906، كان أوتا بينغا الكنغولي البالغ من العمر 23 سنة يعرض كل مساء داخل بيت القرود في حديقة برونكس بنيويورك الأمريكية.

في العام 1906، كان أوتا بينغا الكنغولي البالغ من العمر 23 سنة يعرض كل مساء داخل بيت القرود في حديقة برونكس بنيويورك الأمريكية حيث يعرض حاملا قردا على كتفيه.

كان يعرض بالقوة ويفرض عليه حمل قرد ليلتقط له الزوار صورا تذكارية. وفي 1907، وبالتحديد في فرنسا موطن ثورة الحرية والمساواة المزعومة في "حديقة الزراعة الاستوائية"، كانت فرنسا تعرض بشرا من مختلف مستعمراتها ( تونس، المغرب، الكونغو، الهندوشين …) وتتم "هرسلتهم" ليفعلوا ما يطلب منهم.

و في 1931 في فرنسا أيضا تم القيام بمعرض عالمي، وفيه تم عرض البشر من مختلف المستعمرات. وقد حضر هذا المعرض الذي تواصل لمدة ستة أشهر اكثر من 34 مليون شخص. لم تكن فرنسا الوحيدة التي قامت بعرض البشر في حدائق، بل شاركتها في هذا ألمانيا من خلال حديقة تدعى قرية الزنوج "Negro Village" حيث يتم عرض الأم السوداء وأطفالها في أقفاص ليستمتع الألمان البيض بمشاهدتهم.

تطورت حدائق البشر ولقيت اهتماما ورواجا كبيران من باريس في فرنسا إلى نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية، ليتم بناء وسط بيئي مشابه للمناطق التي تعيش فيها القبائل الافريقية والأسيوية والهنود الحمر، ويتم تحديد كل وسط بيئي بقفص كبير يسمح للزوار بمشاهدتهم والتقاط صورهم وإلقاء بعض الطعام كما يفعل البشر في حدائق الحيوانات اليوم.

وتواصلت هذه الظاهرة لسنة 1958 أي منتصف القرن الماضي حيث كان يتم عرض طفلة افريقية لا تتجاوز 5 سنوات في حديقة البشر ببروكسل البلجيكية. في النهاية أرجوك عزيزي القارئ ألا تنبهر بتقدم بني على دماء وثروات بقية الأعراق البشرية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.